مايا الخوري

المخرجة لما أمين: الثقافة تؤثر في الشباب وتحقّق التغيير

المخرجة لما أمين
قدّمت جمعية "سيناريو" مسرحية مبتكرة لنساء من جنسيات مختلفة في لبنان إجتمعن لنقل تجاربهنّ الشخصية ومعاناتهنّ من المجتمع إلى الخشبة. فكانت "تلكَ" بإدارة المخرجة لما أمين. عن نشاط "سيناريو" والمسرحية كان اللقاء مع المخرجة أمين.

ما تفاصيل مسرحية "تلكَ"؟

تتحدث المسرحية عن قصص نساء هاربات من واقعهنّ المرّ. تحكي امرأة عن قصة هروبها من العادات والتقاليد وتروي سيدة معاناتها مع زوجها المُعنِّف، وتتحدث إحداهنّ عن هروبها بسبب هويتها الجنسية، فيما هربت أخرى بسبب العنصرية، وأخريات بسبب المتاجرة بالنساء.

إلام يهدف طرحكم قضايا نسائية في إطار مسرحي؟

يهدف إلى الإضاءة على هذه القضايا حتى يدرك الجمهور قدرة المرأة على المواجهة. تكتشف نساؤنا أثناء هروبهن في المسرحية وجودهنّ وقدراتهنّ على النظر في المرآة والاعتراف بأحقيتهن بالعيش. لذا هربن إلى المكان الذي يؤمن لهنّ العيش بكرامة لإعادة تأسيس ذواتهن وإثبات قدراتهن.

الرسالة إذاً موّجهة إلى النساء أوّلاً؟

طبعاً، تنتمي النساء المشاركات في المسرحية إلى مجتمعٍ يهمّش دورهنّ وينظر إليهنّ بدونيّة لأنهنّ من جنسيات مختلفة، أثيوبية أو سورية أو لبنانية من البقاع وبيروت. لهذا السبب أسقطن أفكارهنّ في مسرحيةٍ تدعو إلى النظر إلى المرأة كإنسان كامل في المجتمع، لا يقتصر دورها على تربية الأجيال والإعتناء بمنزلها، بل هي متعلمة وطموحة وواثقة بنفسها، تتمتع بجمال داخلي وخارجي في آن.


العبور نحو الحرية


من هنّ بطلات المسرحية؟

شاركت مجموعة من 14 صبية في كتابة المسرحية التي نسّقت أفكارها وأخرجتها. نقدّم مسرحاً حركياً، وهو كناية عن مسرح جديد يتحدث عن النساء. توّجهنا بدايةً إلى "بيت الفنان" في حمّانا، حيث استقرّينا طيلة أسبوعين، بهدف التعارف وتبادل القصص، تحضيراً لكتابة المسرحية. ومن ثم أخضعت المشاركات لتمارين ليونة الجسم وتحريكه بشكل سليم.

أي دور للمسرح في توجيه الرأي العام في إطار القضايا الإنسانية؟

يؤدي المسرح دوراً بالغ الاهمية لتغيير صورة المرأة النمطية، خصوصاً حين تقف على الخشبة لتحكي معاناتها اليومية. وجدت تلك الصبايا الآتيات من مجتمعات مختلفة فرصة لتقديم عملٍ مسرحي محترفٍ، يعزّز ثقتهنّ بالنفس وقدرتهنّ على مواجهة المجتمع الذي ينظر إليهنّ بصورة دونية.

ما فائدة التعبير على خشبة المسرح؟

إستطاعت الجمعية بعد وقوع إنفجار المرفأ وسوء الوضع الإقتصادي تقديم خدمات في إطار المسرح، بسبب حاجة الأطفال والشباب والنساء لمساحة يفرغون فيها ما عاشوه وعانوا منه بعد الحادثة. لا تختصّ جمعية "سيناريو" بالمسرح العلاجي، بل تستخدم المسرح التشاركي الذي يرتكز على تبادل الأشخاص لقصصهم بأسلوب لذيذ ومضحك أحياناً بعيداً من الجوّ الدرامي. بعدها تبدأ المصالحة مع الذات، والبحث المشترك عن حلول لمشكلاتهم وهذا أمر مهمّ جداً. يكتسب المشاركون من خلال "سيناريو" مهارات عدّة تخوّلهم أن يصبحوا ميّسرين للمجتمعات التي انبثقوا منها وجزءاً من نشاط الجمعية.


مشهد من مسرحيّة "تلك"


كيف تتعاونين كمخرجة مع من يقف لأول مرّة على المسرح وهـــــــــو ليس هاوياً أو أكاديمياً؟

أحبّ العمل مع تلك الفئات التي أنظر إليها كمجموعة محترفة، تستطيع الوقوف على المسرح للتعبير عن نفسها والتحدث عن معاناتها. يتلقّى الممثلون في مسرحنا تعليماً شاملاً ليكونوا محترفين، نصقل مهاراتهم ونعزز حضورهم على الخشبة رقصاً وغناءً ما يزيد ثقتهم بأنفسهم، ويغيّر الصورة النمطية عن التمثيل المسرحي.

كيف يتلقّف الجمهور مواضيعكــــــــم المطروحة؟

بدأت الجمعية نشاطاً خجولاً لكنها توّسعت من خلال تناقل الخبر، مكتسبة جمهوراً من جمعيات أخرى داعمة لمشاريعها، فضلاً عن جمهورٍ تعرّف إلى نشاطها في خلال تنقلاتها بين مختلف المناطق، مثل طرابلس وصيدا وبيروت. كما ينتمي جمهورنا إلى جنسيات متنوّعة تُغني مجتمعنا كالأثيوبي والفلسطيني والسوري، على أمل أن تخفّ العنصرية وتقترب المسافة بين المجتمعات وهذا ما تهدف إليه جمعية "سيناريو" ومسرحها.

علام يرتكز نشاط جمعية "سيناريو"؟

تنشط جمعية "سيناريو" مع الأطفال والنساء والشباب على صعيدي المسرح والتعليم. وتشكّل الخشبة بالنسبة إلى هؤلاء، مساحة آمنة للقاء الأول من أجل التحدث عن المشاكل الشخصية. وهم يعتبرون أن المسرح، هو المكان الوحيد الذي يؤمّن متنفّساً لهم للتعبير عمّا يريدون بأشكال فنيّة عدّة، كالرقص والغناء والتمثيل. فضلاً عن أن لقاء هذه الجماعات يعزّز حسّها النقدي والنقاش بطريقة حديثة ورؤية جديدة. نسعى من خلال الجمعية الى تطوير مهارات المشاركين ليتمكّنوا من إيصال أفكارهم بطريقة إحترافية من جهة ولضمان جودة المسرحية من جهة أخرى. لذلك نعتبر أن فترة التحضير والعرض على القدر نفسه من الأهمية لأنهما متشابكان ومتكاملان.

تمارين تحضيرية قبل عرض المسرحيّة



كيف تفسّرين نشاط المسرح المجّاني الإنساني في الفترة الأخيرة؟


يدل هذا النشاط على تضامن أناسٍ للإضاءة على المجتمعات المهمّشة والمناطق البعيدة التي لا تملك مساحة يعبّر الشباب من خلالها عن أفكارهم. نرى في ظلّ الوضع الإقتصادي والسياسي الكارثي في لبنان، أن توافر نشاطات مماثلة جيّد لأن الثقافة مهمّة جداً كونها قادرة على التأثير في فكر الشباب اللبناني وبالتالي تحقيق التغيير.

علامَ تتكّلون لضمان الاستمرارية خصوصاً أن مسرحكم مجّاني؟

يكفل التبرّع الإختياري بثمن البطاقة إستمراريتنا في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة، إضافةً إلى اعتمادنا على معارفنا في لبنان والتمويل الخارجي لتغطية كلفة المشاريع. لولا تعاوننا مع منظمات أخرى أيضاً لما استطعنا الإستمرار.

ما هي نشاطاتكم المقبلة؟


نستمرّ في التنسيق "أون لاين" بسبب إنتشار "كوفيد 19" مع 8 مدارس تابعة "لكاريتاس لبنان" كما ننظّم نشاطات في مناطق لبنانية عدّة.