زينة عبود

انتخابات الـ 2022 بين الإجراء والتأجيل

المعارضة توحّد جبهاتها لمواجهة قوى السلطة

17 تموز 2021

02 : 00

تقوم بالواجب الإنتخابي
إذا صدقت النيات المعلنة فإن الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها الدستوري في الخامس عشر من أيار 2022 وستشكّل محطة مفصلية لتحديد موازين القوى الداخليّة وإعادة تكوين السّلطة في ضوء الإصرار الدولي على ضرورة إنجاز هذا الاستحقاق الديموقراطي في موعده المقرر.




استناداً إلى توافق الداخل والخارج على "حتميّة" الإنتخابات التشريعية، تنكبّ وزارة الداخلية على إعداد العدّة اللوجستية والقانونية من لوائح شطب الى تأمين الماكينات البشرية والمكننة اللازمة. بالتوازي مع الاستعدادات لتنظيم انتخاب المغتربين في بلاد الانتشار بالتنسيق مع وزيرة الخارجية والمغتربين بالوكالة زينة عكر.

ولكن هل فعلاً هناك قناعة لدى قوى وأحزاب السلطة بأن الحل السياسي للأزمة يمرّ عبر الاستحقاقات الدّستورية والعودة إلى صناديق الاقتراع؟


إنتخابات الـ 2018



مصادر سياسية تؤكد أن آخر الأجواء من كواليس لقاءات "جماعة الأكثرية النيابية الحالية" توحي بأنها ليست في وارد إجراء انتخابات نيابية في الربيع المقبل، وقد نشهد في أية لحظة طرحاً لتعديل او تغيير قانون الانتخاب يُستخدم كذريعة لتأجيل الاستحقاق مع ذلك وبكل الأحوال، فقوى التغيير باشرت تحضيراتها الانتخابية وتستعدّ لمواجهة المنظومة الحاكمة في معركة المواطنة الحقيقية. فماذا في كواليس المعارضة؟


جويل بو عبود



حظوظ قوى التغيير


ثمة قوى معارضة كانت موجودة قبل ثورة 17 تشرين منها "تحالف وطني" الذي خاض انتخابات العام 2018 وهو متحالف اليوم بجبهة واحدة مع "بيروت مدينتي"، و"الكتلة الوطنية"، و"المرصد الشعبي"، و"منتشرين" إضافة الى ست عشرة مجموعة أخرى من مجموعات المناطق (مجموعات الأرض) التي أطلقت النداء في 13 نيسان الماضي.

الهدف الذي تضعه هذه المجموعات والقوى نصب عينيها لا يرتكز على المعركة الانتخابية فقط على الرغم من أهميتها، وفق النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان، إنما الهدف الأساس هو تشكيل جبهة معارضة واسعة لخوض المعارك النقابية وكانت أولاها في انتخابات المهندسين حيث حققت "النقابة تنتفض" فوزاً مدوّياً في مثال يُحتذى لخوض انتخابات نقابات المحامين والصيادلة وصولا الى الانتخابات النيابية كما البلدية الاختيارية. وفي كل استحقاق ديمقراطي سنكون جبهة معارضة موحدة الى جانب معارضين آخرين، تؤكد يعقوبيان التي توضح ان العمل يجري لتوسيع دائرة هذه الجبهة من خلال انضمام أي حزب أو شخصية تستوفي المعايير الموضوعة وأبرزها ألا تكون منضوية في حزب طائفي او مذهبي إنما حزب وطني لكل اللبنانيين، كما ألا تكون هذه الشخصية متورطة في ملفات فساد.


واصف الحركة



128 مرشحاً

بمشروع وطني جامع لكل لبنان تعتزم قوى التغيير ترشيح مئة وثمان وعشرين شخصية من أفضل الشخصيات في كل المناطق، تقول يعقوبيان مع العلم ان لائحة الأسماء لا تزال قيد الدرس فهي تخضع لآلية معينة ضمن لجنة تقييم ومعايير لاختيار المرشحين بما يخدم اللائحة ككل وليس فرداً بذاته. وذلك بهدف تحقيق التغيير الحقيقي ومعاقبة مافيا السلطة ومحاسبتها على ما اقترفت أيديها بحق الشعب اللبناني الذي بيده تحقيق هذه الغاية عبر صناديق الاقتراع "يا بيكون في مشروع وطني لكل لبنان أو باقيين محلنا".

آخر الإحصاءات أثبتت ان سبعين بالمئة من اللبنانيين ضد "كلن يعني كلن" وبعدما كان أكثر من خمسين بالمئة من اللبنانيين في انتخابات العام 2018 لا يزالون يؤمنون بالأحزاب، وهذا ما تعوّل عليه قوى التغيير خصوصاً بعد الوعود الفارغة والحالة المزرية التي وصل اليها البلد في ظل الطبقة الحاكمة حالياً، وتختم يعقوبيان "المحاسبة الشعبية اساسية واللبنانيون أوعى من أن يعطوا براءة ذمّة للأحزاب وللسلطة بعد كل ما جرى".


هشام حداد



الانتخابات محطة

تنظر قوى التغيير الى الاستحقاق الانتخابي على أنه إحدى المحطات على طريق المشروع الأساسي "استعادة الدولة والوطن" وبالتالي فهي ليست الهدف بحد ذاته. وعليه يوضح الناشط السياسي المحامي واصف الحركة أن الأولوية اليوم ليست للانتخابات إنما للمواطن ومعاناته اليومية ما يحتّم العمل أولا على حماية الأمن الغذائي والاجتماعي والصحي والتربوي وإلا ما الفارق بين قوى التغيير وقوى السلطة؟

بالنسبة الى المجتمع المدني تشكل الانتخابات النيابية إحدى الوسائل الديمقراطية لمواجهة السلطة والمنظومة السياسية الحاكمة، ويؤكد الحركة ان عملية المواجهة يجب ان تحصل وفق تعريف جديد للعمل السياسي ومواجهة النظام بعيدا من تحالفات المصالح والتنازل عن المبادئ والمعايير الخاصة بقوى التغيير التي ترفع شعار "كلن يعني كلن" وتطالب بمحاسبة كل من تورّط في هذه السلطة منذ عام 1990 وحتى اليوم، معتبراً ان أي ازدواجية بالمعايير ستفتح الباب واسعاً أمام الآخرين للتسلّل الى عملية المواجهة.


زياد عبد الصمد



صحيح أن الانتخابات ليست هدفاً أساسياً لقوى التغيير لكن ذلك لا يعني أنها لا تستعدّ لخوض المعركة ضد السلطة فهي تعدّ العدّة كاملة من أجل الفوز بهذه المحطة متى أصبحت واقعا وقد وضعت مشروعها السياسي وفق رؤى اقتصادية واجتماعية وسياسية لعملية التغيير بهدف الانتقال من اقتصاد ريعي الى اقتصاد منتج حقيقي وإعادة الأمان الاجتماعي والصحي والتربوي والغذائي للناس.

ولأن المجتمع المدني يشمل شرائح كبيرة من المواطنين، تشكّلت حركات وطنية تغييرية وُلدت من رحم انتفاضة 17 تشرين تعمل وفق رؤية واحدة وترفع شعاراً واحداً أساسياً "كلن يعني كلن" ينادي بمحاسبة كل من توالى على السلطة منذ عام 1990 وحتى اليوم وكل من وافق على السياسات المالية للدولة وشكل جزءاً من المنظومة السياسية، "هؤلاء لا يمكن ان يشكلوا جزءاً من قوى التغيير لأنهم يتحملون مسؤولية ما وصلت اليه البلاد اليوم" ويشير الحركة الى ان السلطة تحاول خرق المعارضة بالتشكيك بها وبقدرتها على التغيير الفعلي وفي هذا الإطار يندرج الحديث عن انقسام في صفوفها وعن تمويل خارجي لها، وهنا يشدد الحركة على رفض أي تمويل دولي لقوى التغيير التي خرجت في 17 تشرين تنادي برفض التبعية للخارج فكيف ستقبل بتمويل خارجي؟


العميد المتقاعد خليل حلو



ويؤكد الحركة أن قوى التغيير تطمح لخوض المعركة الانتخابية بلوائح موحدة ما يسمح لها بتحقيق نصر أكبر بعيداً من أي دعم محلي من جهات حزبية وسياسية أو خارجي من أي محور.

مع العلم ان قانون الانتخاب الحالي أقرّ على حجم أحزاب السلطة، إلا أن قوى التغيير تتطلّع الى إجراء الاستحقاق في موعده الدستوري وفق أي قانون كان مع التأكيد على أهمية تشكيل هيئة اشراف مستقلة والميغا سنتر التي تضمن حرية الانتخابات بالتوازي مع تحديد صرف انتخابي واضح يمنع الزبائنية السياسية.

بهذه الرؤية تقدّم قوى التغيير نفسها كبديل حقيقي لاستعادة الدولة والوطن، تاركة القرار للشعب اللبناني الذي لديه كامل الحرية في الاختيار وأيا كانت النتيجة، يؤكد الحركة، المشوار سيُستكمل في إطار معارضة وطنية حقيقية الى حين تحقيق الأهداف الكبرى محطة تلو أخرى.


يعقوبيان



تمويل المعارضة

رصّ الصفوف جارٍ على مستوى مجموعات المجتمع المدني التي تعدّ بالمئات فيما التنسيق قائم لتشكيل جبهات وائتلافات وتحالفات تدخل المعترك الانتخابي من الباب العريض.

وفي السياق، يلفت الناشط السياسي زياد عبد الصمد الى تشكيل جبهة معارضة لبنانية تضمّ إحدى عشرة مجموعة وحزباً تغطي لبنان بأكمله من جنوبه الى شماله.

عبد الصمد الذي يرى انه من المبكر جداً الحديث عن عدد المرشحين للانتخابات، يوضح ان الهدف من خوض الاستحقاق الديمقراطي هو احتلال مجلس النواب بمئة وثمانية وعشرين نائبا إنما الوصول الى هذا الهدف يتطلّب ترشيح أكثر من هذا العدد لكن هناك تريّثا لاستيضاح معالم المرحلة المقبلة وما إذا كان سيتم التفاهم على تركيبة لوائح موحدة وهو ما يستبعده عبد الصمد باعتبار ان قوى التغيير غير متجانسة سياسياً وايديولوجياً لا بل هناك تناقضات بارزة على عناوين الكباش القائم مع السلطة بحيث هناك من يعتبر ان المشكل الأساس في لبنان يعود الى الفساد في الدولة والنهج المتبع من قبل منظومة سياسية استولت على السلطة منذ اتفاق الطائف وحتى يومنا هذا بالتعاون مع القطاع المصرفي وفي مقدمه مصرف لبنان المركزي، بينما هناك من يرى ان المشكلة الاساسية في البلد هي دويلة "حزب الله" التي منعت قيام دولة لبنان في ظل هيمنة السلاح غير الشرعي على البلد.

وفي ظل القانون الحالي، يجري السعي وراء تحالفات يفرضها واقع كل منطقة بما يسمح للمعارضة بتحقيق الفوز المنشود "علينا ان نعمل لتأمين كل شروط النجاح كي نربح المعركة وفق ما تقتضيه المصلحة الانتخابية في كل دائرة" يقول عبد الصمد، معتبراً ان مواجهة قوى السلطة القاتلة التي تنتهج أسلوب الغاء الآخر تحتّم دخول المعركة بمجموعات ذات قاعدة جماهيرية قوية، اضافة الى احتساب الحواصل الانتخابية وهو ما يتطلّب تحالفات مصالح في بعض الدوائر الانتخابية.

وإذ يعوّل عبد الصمد على الإشارة التي تظهّرت في خلال انتخابات نقابة المهندسين بأن لا قدرة لأحزاب السلطة للتأثير على المحازبين، يقول "إذا تمكنت قوى المعارضة من التوحد حول برامج انتخابية ورسم تحالفات تضمن حواصل انتخابية معقولة إضافة الى إدراج بعض التعديلات الطفيفة على آلية الانتخابات وانشاء هيئة مستقلة للانتخابات وميغا سنتر وبطاقات ممغنطة مع بعض الاصلاحات المتعلقة بالسقف المالي، يمكن للمعارضة الوصول بكتلة وازنة الى المجلس النيابي".

وفي أمر مستجدّ اليوم يتحدث عبد الصمد عن قيام قوى الأمر الواقع بتوظيف واستغلال الازمة الاقتصادية الاجتماعية في مناطق هيمنتها لصالحها من خلال توزيع المساعدات على الناس من المازوت الى المواد الغذائية والأدوية بما يعيد شدّ العصب من جديد.

في مقابل نهج الرشوة الذي اعتادت السلطة اعتماده في كل استحقاق، تقدّم قوى في المعارضة نموذجاً وطنياً جديداً يعتمد على جذب واستقطاب الناخبين وثقتهم من خلال تقديم برامج سياسية بديلة تؤمّن للشعب حقوقه لا برنامج خدمات مموّلة من أموال منهوبة انتهجته السلطة منذ ثلاثين عاماً وأدى الى حالة الدمار الشامل التي نعيشها اليوم.

وتعليقا على الكلام عن رصد مبالغ من المجتمع الدولي لتمويل المعارضة في الانتخابات، يؤكد عبد الصمد أن التمويل الوحيد الذي تتلقاه قوى التغيير مصدره لبنانيو المهجر الذين يبدون كل استعداد لدعم أي عملية تغيير في البلد مشددا على ان مجموعات المعارضة ليست عملية لأي دولة خارجية بل هي ضدّ اي تدخّل خارجي في العمل اللبناني الداخلي من اي جهة كان.


المجتمع المدني... يدٌ واحدة



الكتائب في المعارضة

بين المعارضين للطبقة السياسية الحاكمة، يقف حزب الكتائب اللبنانية الذي دخل في حالة طلاق مع أفرقاء المنظومة فكان خيار الكتائب الانتقال الى جبهة المعارضة وهذا ما فتح باب التلاقي والتفاهم وصولا الى التحالف في جبهة واحدة مع قوى تغييرية نشأت في البلد مع انطلاق ثورة 17 تشرين.

تستند عضو المكتب السياسي في حزب الكتائب اللبنانية جويل بو عبود الى تجربة "النقابة تنتفض" لتؤكد أهمية النزول بلوائح انتخابية موحدة في كل الدوائر وهو ما يجري العمل عليه بين الكتائب وقوى التغيير، مشيرة الى ان التفاهم قائم بين الطرفين بالارتكاز الى ثلاثة مقومات: الأول، سيادة لبنان وضرورة نزع السلاح غير الشرعي وحماية الحدود وحياد لبنان، الثاني دعم الجو التغييري ومحاربة الفساد بحيث ان هذه المنظومة تمثل سياسة المحاصصة والفساد، والمقوم الثالث يقوم على تكريس فعلي لمفهوم الدولة المدنية بدءاً من إقرار قانون أحوال شخصية موحّد، مجلس شيوخ، وقانون أحزاب جديد وصولا الى مفهوم المواطنة الحقيقية. إضافة الى النظام الاقتصادي الحر وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وفيما لم يحسم بعد عدد المرشحين الا ان الجبهة تمتد بمجموعاتها من شمال لبنان الى جنوبه وستعمل على دعم بعضها البعض كل ضمن دائرته.

وفي السياق، تقرّ بو عبود بأن الكتائب لم تحقق النجاح المرجو في انتخابات العام 2018 عندما دفعت ثمن خيارها الوقوف في صف المعارضة وحيدة في وجه باقي الأحزاب، في وقت كان اللبنانيون لا يزالون يصدّقون ويأملون خيراً في حينها من التسوية وعود سيدر، أما اليوم فقد تغيّرت المعادلة مع ولادة ثورة 17 تشرين ووقوع كارثة 4 آب اضافة الى حالة الانهيار الشامل في البلاد، وتضيف ان الشعب الذي انتفض في 17 تشرين لا يزال في حالة غضب من الواقع الحالي سيترجمها في صناديق الاقتراع. وتجزم بو عبود "فوزنا في الانتخابات لن يحدده عدد نواب الكتائب إنما عدد نواب المعارضة والجو التغييري ككل".

اكتساحٌ كامل بتحالفات ذكية

انطلاقا من خبرته في العمل الحزبي والانتخابي، يرى الناشط السياسي الإعلامي هشام حداد أن القانون الحالي يحتّم على المعارضة الدخول في تحالفات مع شخصيات قد لا تتشارك معها الرؤية والأهداف نفسها فالمسألة حسابية أكثر منها سياسية من أجل الوصول الى المجلس النيابي وتشكيل كتلة من عشرين او ثلاثين نائباً، ويضيف "التحالفات الذكية ستمكّن المجتمع المدني من اكتساح الانتخابات خصوصا في المناطق المسيحية والسنية".

حداد الذي لا يزال يدرس خيار ترشحه في دائرة بيروت، يؤكد أن لا خلافات تذكر كما يُشاع، في صفوف المعارضة التي تعمل وفق برنامج ومشاريع موحدة لبلوغ أهدافها، لكنه يشير الى وجود اختلاف في وجهات النظر بما خصّ التحالفات، بين من يطرح مواجهة المنظومة السياسية كاملة من دون استثناء وبين من يقترح مواجهة جزء منها والتحالف مع الجزء الآخر بهدف تحقيق الحاصل الانتخابي المطلوب للفوز. في كسروان مثلا النقاش يدور حول ما إذا بالإمكان اعتبار النائب المستقيل نعمة افرام حليفاً أم لا؟ وكذلك الأمر بالنسبة الى النائب المستقيل ميشال معوض في دائرة الشمال.

ويلفت حداد الى ان شريحة واسعة من قوى المعارضة المنبثقة من ثورة 17 تشرين لم تخض يوماً انتخابات وهي ليست على دراية كافية في آلية العمل الانتخابي لأن كثيرين دخلوا المعترك السياسي مؤخراً من دون اي تجارب سابقة ويضيف "أنا خضت اربعة انتخابات على الأقل بين بلدية ونيابية.. مش الكل جايي من أحزاب واشتغلوا انتخابات متلنا".

ووسط الحديث عن خفت وهج المعارضة والكلام عن خلافات حول زعامة هذه القوى، يقول حداد إن ما من مكسب كي ينشب خلاف حوله، وهو يؤكد وجود أشخاص حاسمين وقياديين سيصوّبون البوصلة وستصل مجموعات المعارضة الى الانتخابات موحدة وجاهزة لمواجهة السلطة الحالية بغية تحقيق النصر المرجو.

لوائح موحدة وإلا...

كي لا يذهب نضال المجتمع المدني سدى لا بدّ من توحيد صفوف المعارضة يؤكد العميد المتقاعد خليل حلو الذي يتحدّث عن وجود خمس منصات للانتخابات ضمن المجتمع المدني وهو ما يشكّل بداية غير مشجّعة فالمطلوب ان تكون هناك منصةٌ واحدة او اثنتان على الأكثر وإلا فإن الأمور لن تحقق النجاح المرجو.

وإذ انتقد حلو سياسة إلغاء الآخر التي تسود بين أهل المجتمع المدني على غرار ما تفعل الأحزاب إضافة الى الدخول بمنطق المحاصصة، شدد على ان إدارة الدفة بالشكل الصحيح تحتّم وضع قائمة أهداف محددة وواضحة لجبهة المعارضة كي تتمكّن من خوض معركة حقيقة ضد محور الممانعة أي "حزب الله، حركة أمل، التيار الوطني الحر، تيار المردة، حزب التوحيد العربي واللقاء التشاوري" ويقول "يجب ان ينزلوا بلوائح معارضة موحدة في كل لبنان وإلا تكون مضيعة للوقت".

لا يبدو حلو راضياً عن مسيرة المجتمع المدني او المعارضة المنبثقة من انتفاضة 17 تشرين إذ ان تناقضاً في بعض الشعارات المعلنة بين من يذهب بشعار "كلن يعني كلن" الى أبعد حدود من دون ان يستثني أي حزب أو تيار، وبين من يرفض الحكم الجماعي بالمطلق مع التأكيد أن "كلن يعني كلن" خاضعين للمحاسبة لكن من دون تعميم تهمة الفساد على الجميع، يضاف ذلك الى انقسام أساسي حول سلاح "حزب الله" في صفوف المجتمع المدني.

ويعتبر حلو ان إطلاق الشعارات العامة مثل استعادة الأموال المنهوبة، استقلال القضاء، إلغاء الطائفية وغيرها من العبارات العامة تضعف موقع المعارضة لأن المشاكل لا تقارب بهذه الطريقة، لافتاً الى ضرورة التصويب على المشاكل الأساسية وهي التدخلات الأجنبية والتفاعلات الدولية وعدم تطبيق الدستور في الممارسات السياسية وهذه الأمور مطروحة على طاولة المؤتمر الوطني اللبناني الذي يحاول تقديم مقاربة شاملة محلية ودولية لها في مختلف القطاعات والمجالات السياسية والاقتصادية والدستورية والعيش المشترك والطائفية.

ويوضح حلو ان المجتمع المدني لن يقدّم المعجزات ويضيف "نحن أمام مرحلة انتقالية طويلة تقدّر بنحو عشرين عاما من العمل لتسطير الإنجازات" مع التأكيد ان لبنان لا يمكنه حلّ مشاكله وحده فهو بحاجة الى العالم العربي كما ان الانتخابات ليست الحلّ للخروج من أزماتنا إنما هي إحدى الخطوات على طريق الحل كي يُسمع صوت الناس.

وعلى الرغم من الضغط الدولي الكبير لضرورة إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده الدستوري وعدم تأجيله، فإن السلطة الحاكمة تطمح لعدم إجراء هذه الانتخابات طالما تملك أكثرية نيابية في المجلس، وهنا يرى حلو ان بإمكان السلطة التذرّع بدرس قانون الانتخابات وهو ما سيحتاج وقتاً إضافياً بما يؤدي الى إرجاء الاستحقاق الديمقراطي المفترض سنة اضافية على الأقلّ، يكون قد حلّ في خلالها موعد الانتخابات الرئاسية فيأتون بالرئيس الذي يريدونه وهذا السيناريو وارد جداً، إضافة الى فرضية الخلل الأمني الذي من شأنه الإطاحة بالانتخابات أيضا.

النصر الكبير الذي حققته قوى المعارضة المدنية في انتخابات النقابات بوحدة لوائحها "نغّص" على السلطة نعيمها وأثار لديها مخاوف ممّا ستحمل الانتخابات النيابية في الخريف المقبل من مفاجآت غير محبّبة على قلبها.. فهل تتراجع وتخلق الذرائع لتأجيل هذا الاستحقاق المصيري؟


MISS 3