عيسى يحيى

بسطات الخضار والمونة وجهة الفقراء لمواجهة غلاء الأسعار

31 تموز 2021

02 : 00

بسطات مونة

يبحث اللبنانيون في ظل الأزمة التي نعيش عن أرخص الأسعار لمواجهة غلاء المواد الغذائية والخضار وتأمين المتطلبات الحياتية التي تبقيهم على قيد الحياة، على أمل في أن تتشكل الحكومة وترفع عن كاهلهم العبء الإقتصادي والإجتماعي الذي يرزحون تحته بعدما باتت حياتهم على شفير الجوع.

لا سقف يلجم إرتفاع الأسعار أو يحدّدها، وحده مزاج التاجر وإدّعائه الحاضر دائماً بأن البضاعة والمواد التي عنده قد إشتراها وفق أعلى سعر صرفٍ للدولار هما المتحكّمان بالأسعار التي ترتفع مع تحليق الدولار ولا تنخفض مع هبوطه، وفي الحالتين ترى معظم أصحاب المحال التجارية إلا من رحم ربي يقفلون أبوابهم أمام الناس بإنتظار أن يثبت سعر الصرف عند حدٍّ معين، يلاقيهم أصحاب محال الخضار والفواكه الذين يجلدون المزارع والمواطن معاً، يشترون من الأول بأبخس الأثمان ويبيعون الأخير بأعلاها.

إستُنزف المواطن بكلّ ما يملك، بصحّته المرهونة بتواجد الدواء الذي يجول الصيدليات بحثاً عنه من دون أن يوفق في تأمينه، يناشد عبر وسائل التواصل أقرانه في الوطن علّ أحدهم يملكه ويتبرّع به، وبممتلكاته التي يبيعها واحدةً تلو أخرى ليشتري بثمنها قوت يومه، وبأمواله المتهاوية قيمتها أمام سعر صرف الدولار وقدرته الشرائية المتدنّية حيث تخلّى معها عن الكثير من الأشياء والمتطلبات التي تعوّد عليها واصبحت من الماضي. وما بين كل هذا يبقى سؤال الناس بين بعضهم البعض: "وين بنلاقي أسعار خضرة رخيصة، ما قادرين نمون وين بنلاقي تشكيلة مونة نقدر نشتري منها تكفينا هالفترة لنشوف الله شو كاتب".

على طريق رأس العين في بعلبك مقابل قصر العدل، افترش عدد من أبناء مدينة بعلبك وجوارها بسطات خضار ومونة شتوية صُنعت في المنزل، بدعوة من "جمعية بعلبك والجوار الإنمائية" وتحت شعار "لاقونا ببعلبك" خصّصت لعرض المنتجات والصناعات الزراعية وبأسعار تشجيعية، الهدف منها تعريف أبناء المدينة وزوارها بخيرات بعلبك والقرى والبلدات المجاورة ولدعم اصحابها في تسويق منتجاتهم، ولتخفيف العبء عن المواطنين في ظل إرتفاع الأسعار وبيعها بأقل من السوق.

من بلدة يونين، حمل حيدر حيدر، إبن الخامسة والستين عاماً الباذنجان المخصص "للمكدوس" والذي زرعه في أرضه، ترافقه زوجته وقد أعدّت المونة المنزلية على إختلافها، وعرضا منتوجاتهم على الرصيف حيث يقام المعرض يوم الجمعة من كل أسبوع. وفي حديثٍ لـ"نداء الوطن" أشار حيدر الى "أن سعر كيلو الباذنجان في السوق خمسة آلاف ليرة وأنا أبيعه هنا بـ 3000 ليرة، فأنا زرعته وأسقيه ماءً نظيفة والسعر غير متعلق بالدولار، فهل الأمريكان هم من ساعدوني على الزراعة لأرفع سعره وفق إرتفاع سعر الصرف"؟، مضيفاً بأن غياب الرحمة من قلوب التجار وتناحرهم على تحقيق الأرباح هو السبب في رفع أسعار الخضار والفاكهة.

وعلى البسطة المجاورة له، عرضت زوجته المونة المنزلية، من كشك بلدي ومربّيات وغيرها، مؤكدة في حديث لها "أن غلاء المواد الأولية في تصنيع المونة فرض علينا غلاء الأسعار هذا العام، فكيلو الكشك البلدي كان سعره العام الماضي 60 ألفاً، وهذه السنة أصبح مئة ألف نتيجة إرتفاع سعر البرغل والحليب"، وأضافت:"بعض الأصناف سعرها اقلّ من السعر في السوق كمربى المشمش وكبيس ورق العنب لأنها من أرضنا ولا نبغي تحقيق الأرباح، فنحن من الناس ونقف إلى جانبهم ونحسّ بهم". وعلى المقلب الآخر، تعرض بعض الجمعيات منتوجاتها وأعمال السيدات المنتسبات لها بغية تسويق الإنتاج، وتشجيعهنّ على مواصلة أعمالهنّ في المونة المنزلية، وتحقيق مردود مالي في ظل هذه الأوضاع.

ومن بلدة النبي شيت، حمل محمد مختلف أنواع الخضار وعرضها على إحدى البسطات واوضح لـ"نداء الوطن" ان مختلف الأنواع التي يعرضها هي من إنتاج أرضه وطبيعية من دون أي أسمدة، واسعارها أقل من سعر السوق وفي المحال التجارية، معتبراً أن المزارع اليوم ضحية إهمال الدولة وجشع التجار، حيث يشتري تجار الجملة الخضار والفواكه بأبخس الأسعار، يبيعونها لأصحاب المحال باسعار مضاعفة، ومن ثم يبيعها صاحب المحل للمواطن بضعف الثمن الذي اشتراها به، فعلى سبيل المثال يباع اليوم كيلو الإجاص بـ 5000 ليرة في سوق الجملة، يشتريه صاحب المحل بـ 8000 ليرة ويبيعه للمواطن بـ 15 ألف ليرة، ويحقق الأرباح الطائلة على حساب المزارع والمواطن معاً. وحول حركة البيع والشراء أشار الى أنها "خفيفة لعدّة أسباب، أولها أن يوم الجمعة يصادف إقفالاً في بعلبك وتغيب زحمة الناس، وثانياً الإعلان عن المعرض لم يكن كافياً ونحتاج لبعض الوقت كي تعرف الناس أننا هنا كل يوم جمعة".


MISS 3