أسامة القادري

شغور إفتاء البقاع بين مقصلة دريان وتأجيل الغربلة السياسية

8 أيلول 2021

02 : 00

المفتي الراحل خليل الميس

ترك غياب مفتي زحلة والبقاع الغربي الشيخ خليل الميس فراغاً على المستويين الديني والسياسي في أحلك الظروف وأصعبها على الإطلاق.

فبعد مرور نحو اربعين يوماً على وفاة المفتي الميس يتساءل البقاعيون عن سبب تغليب الشغور على تكليف عالِم دين ليقوم بمهام المفتي عن زحلة والبقاع الغربي، او تحديد موعد انتخاب خلف له، هذا الشغور غير المبرر من قبل دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية يفتح الحديث عن عودة التنافس بين الطامحين لتولي هذا المنصب. فقد كان المفتي الميس قادراً على القبض بالعصا من وسطها، وباستطاعته ان يكون ضابط ايقاع الشارع السني البقاعي بما يحتويه من تناقضات وموزاييك ايديولوجي، بين الاسلام المتشدد والإسلام المعتدل، وبين حالتين سياسيتين الأولى تيار "المستقبل" بما يمثله، والثانية عبد الرحيم مراد كمرجعية سياسية معارضة للمستقبل في البقاع الغربي، إضافة الى إنشائه مؤسسات أزهر البقاع التعليمية بكافة المراحل، وتشكيل اداراتها المتسلسلة الناجحة، ليصبح بذلك سقف المرشح مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بقدرته على الجمع بين شخصيته كمفتٍ وقدرته الفقهية، وبين أن يكون متوازناً في مقاربته السياسية، كي لا تغلب عليه الفئوية والأحادية.

من هنا يحاول البعض وضع التأخير في إطار الصراع بين "المستقبل" و "مراد"، هذا في الصورة العامة العلنية اما في الصورة السلبية وما يدور خلف الكواليس، فهو عكس ذلك فعلياً، لا سيما بعد التقارب والتفاهم الذي حصل مؤخراً بين رئيس تيار المستقبل سعد الحربري وبين النائب عبد الرحيم مراد ونجله حسن برعاية نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الذي عمل على ربط النزاع وتهدئة الجبهات في ما بينهما تحت ما يسمى ترتيب البيت الداخلي.

فيما ذهب آخرون لتحميل فكرة تأجيل انتخاب المفتي الى ما بعد الانتخابات النيابية  الى تيار المستقبل، وتحديداً الى الحريري بعدما اصطدم بعدد من الأسماء بعضها محسوبة على المحور السوري، والبعض الآخر غير قادر على تعبئة الفراغ والتوازن بين ادارة المؤسسات وبين مسؤولية دار الفتوى، وكي لا تؤثر عملية اختياره على الحركة الانتخابية النيابية المقبلة.

وفي هذا الصدد يرى أئمة المساجد أن الاولوية اليوم هي في انتخاب مفتٍ يكون قادراً على حمل مشروع تحويل دار الفتوى الى مؤسسة لحماية المشايخ من العوز والارتهان الى المتمولين والسياسيين، على اعتبار ان الأئمة لا يتقاضون رواتب شهرية ولا يخضعون للضمان الاجتماعي، انما يجدون ان الأولوية في قدرته على مواجهة السياسيين إن لزم الأمر لا التماهي معهم. وبحسب أحد المشايخ البارزين في البقاع أن بورصة الأسماء المطروحة لتولي موقع مفتٍ، تتراوح بين الشيخين القاضي الشرعي طالب جمعة من تلاميذ الشيخ خليل الميس، وهو مقرب من الرئيس الحريري ومنفتح على باقي القوى السياسية، والثاني الشيخ علي الغزاوي المدير التربوي لمؤسسات أزهر البقاع، من خريجي دمشق معهد الفتح الاسلامي وهو منفتح على تيار المستقبل ومراد.

وفي إطار موازٍ ثمة من يقول من البقاعيين أن تأجيل التكليف والانتخابات هو لتطويق "الازرق"، في مرحلة الانتخابات النيابية المقبلة لأن البقاع بعد غياب الميس غابت مرجعيته البقاعية التي نسجها المفتي وحوّل دار الفتوى الى محطة ومرجعية سياسية للمنطقة، وهذا ما قد يفتح الباب للمتشددين لأن يمسكوا بدفة الحركة الدينية في البقاع. وقال بعضهم إن ذلك يحوّل الساحة ملعباً للمحسوبين على المحور السوري والايراني، لقدرتهم على المزاحمة في تصدر اللقاءات والتحدث فيها. وقالت مصادر رفيعة في دار الفتوي لـ "نداء الوطن" إن قرار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان هو رفض تكليف أحد في البقاع اسوة بعكار، وان لديه النية في تأجيل الانتخابات الى ما بعد الانتخابات النيابية وذلك رغبة لدى أحد الائمة البقاعيين ليتسنى له غربلة الأسماء التي يمكن ان تترشح ولا تترك أثراً سلبياً على الانتخابات النيابية المقبلة.

وأشارت مصادر قيادية مستقبلية أن "التيار" لم يرشح أحداً بعد، ولا يغلب اسماً على آخر، "ولا علاقة للتيار بموضوع التأجيل لأنه أمر مرتبط مباشرة بسماحة مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان"، ورفض المصدر الغوص في الحديث عن ان هذا الموقع هو نقطة تنافس مع مراد أو مع أي جهة سياسية سنية معارضة للمستقبل.

وفي المقلب الآخر قالت مصادر مقربة من مراد أن الوزير لم ولن يتدخل في هذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد، و" لن يسجل مراد على نفسه معركة بوجه المستقبل في ظل الإستحقاقات المقبلة كالإنتخابات النيابية والبلدية، وأي شخصية تصل الى هذا الموقع نرحب بها، طالما هي منفتحة على الجميع".


MISS 3