ريتا بولس شهوان

تهوّر وزير التربية السابق وأزمة البنزين تهديدان لمستقبل العام الدراسي

13 أيلول 2021

02 : 00

طابور المكتبات... بالسيارة أم بالأوتوكار؟

يتميّز العام الدراسي بأزمة الوقود، التي ستطال كل الفصول وقد تتفوّق على وباء كورونا الذي حجز المجتمع بأكمله في المنازل. مع ذلك يمكن تسيير القطاع التعليمي بقطاعيه الخاص والرسمي والذي يضم مليون طالب، إن تساوى الطالب اللبناني امام الدول المانحة بالطالب السوري فتوزع مساعدات مادية على كل طالب. وفي ظل المجهول قرر وزير التربية السابق طارق المجذوب الّا يهتم بنتائج قراراته بوضع خطط ويشرّع مرحلة العودة الحضورية الى المدارس، تاركاً بذلك الاهل تحت سيطرة الذعر من هامش الـثلاثين بالمئة زيادات على الاقساط، في ظل تعمية الموازنات.

هذا الجهل الذي يلعب بمصير الاهل والاولاد على حد سواء، ينتشر بين الاهالي في المتن، جبيل وكسروان، الذين يتناقلون الكتب لحل ارتفاع الاسعار على سعر الصرف الجديد. يشرح مدير مكتبة المركزية في جونية انه تم الاتفاق بين وزارة الاقتصاد ودور النشر على تقليص هامش سعر الصرف الى نسبة خمسة واربعين في المئة. ولكن على الاهالي سد فراغات لوائح الكتب على حد تأكيد جولي باز (جونية)، الضائعة في ظل المجهول الذي ضرب بيتها نتيجة قرار وزير التربية غير المدروس، فيتفتت راتب زوجها على عدد اولادها فلا يكفي لشراء كتاب بمئتين وخمسين الف ليرة وقرطاسية معاً. ليس المصروف المستجد ما تهابه، بل ان يكون هذا القرار تكتيكاً لسحب الاموال من الاهالي والانتقال في وقت لاحق الى التعليم عن بعد بسبب أزمة الوقود التي ستستتبع بأزمة كهرباء ونقص في معدات التعليم عن بعد المكلفة لانها تسعّر بالدولار. بالنسبة اليها المشكلة مقبولة مقارنة مع نادين (كسروان) التي تفوّقت مدرسة اولادها بالزيادة على الاقساط من نسبة الثلاثين بالمئة التي وضعتها وزارة التربية وذلك بالدولار الطازج ملقية مسؤولية القرطاسية للصفوف الصغيرة على الاهالي كي لا تتحمل بنفسها عناء المصروف.

هكذا تمضي نادين يومها بين المكتبات كي لا تتعرض للنصب في ظل فارق اسعار القرطاسية بين مكتبة واخرى. هاجس نادين تخطى آثار الواقع الافتراضي في السنوات السابقة، الذي حول مرحلة العودة الى المدرسة الى حلم يقظة قد يتلاشى. ولهذا السبب تحديداً يستغرب عبدو (المتن ) القفزة الفجائية تربوياً في ظل المرحلة الانتقالية المتدهورة اقتصادياً في لبنان، معرباً عن سعادته بعودة اطفاله الى المدرسة حضورياً، ولكن على حد تعبيره هناك مستلزمات غير متوفرة واهمها الوقود الذي سيرتفع سعره، واضعاً نصب عينيه احتمال تعذر الوصول بسيارته التي سيقودها وفق نمط "يومك يومك" بدون أن يدفع المبلغ "المرقوم" نقداً الى باص المدرسة الذي اصبح يكلف رب العائلة الملايين المضافة على الملايين التي يفرضها تلاعب سعر الصرف مأكلاً ومشرباً مما يمنع على الاهل التنفس من كل الجهات سائلاً: "كم يجب ان نتقاضى لنرفع هذه الاثقال؟".

غيوم وزارة التربية التي ترفرف في العالم الآخر، الفخورة بانجاز"اعلان فتح الابواب بقرار" لا تجيب روجيه (جبيل) عن مصروف الطعام اليومي لاولاده، وان كان سيكون بمقدوره تأمينه بما يتناسب مع الحياة الدراسية التي تختلف عن نمط الحياة المنزلية "التعليمية" في ثياب النوم امام الحاسوب. طالبت مديرة لجنة اهالي (كسروان ) رندا زيادة ادارة المدرسة التي ينتمي اليها اولادها بتقديم موعد الحضور الالزامي رأفة بالاهل، وخلقت شبكة لتبديل الكتب والملابس حتى مع جهلهم بموعد فتح ابواب المدارس. اذاً، عدم الاحساس بالضرر الواقع على الاهالي من قبل وزير التربية السابق طارق المجذوب في هذا الوضع الاقتصادي بالتزامن مع عدم حل الازمات الوطنية الاخرى لا يهدد فقط وصول التلامذة الى المدرسة في ظل غياب سياسة عامة متكاملة لضمان حق التعلم وتذليل العقبات، بل ايضاً سيعرض الاهالي كحال احلام سعيد (جبيل) الى ازمة مع المصارف التي تحجز اموالهم كمودعين مما سيمنعهم من دفع الاقساط التي يتعذر سحبها. كل تلك الظروف جعلت سعيد في مرحلة الانتظار فلا ترسل اولادها الى المدرسة الا مع ما يأكلونه في اليوم الاول معتمدة على "تأخر" المدرسة في اشعارهم بكل التفاصيل قبل ان تفتح ابوابها فتشكك في فكرة الاستمرار بالتعليم الحضوري.

أسعار الكتب نار



هل من باصات؟



لا تغطي وزارة التربية كل الباصات التابعة للمدارس بصفيحة بنزين. تفعل فقط بتلك المسجلة بنمرة حمراء وذلك بتنكة بنزين اسبوعياً. ولذا سيجد اصحاب الباصات الخاصة صعوبة في حل أزمتهم المترافقة مع ازمة الوقود. سائق الباص روبير مرعي يتوقع ان يذهب نهاره هدراً في انتظار تنكة البنزين امام المحطة. هذه النطرة ستكون مكلفة عليه لانها ستمنعه من اي عمل آخر، وعلى الاهالي لان التسعيرة قد تصل الى المليون ليرة شهرياً ان ارتفع سعر صفيحة البنزين بعد رفع الدعم سائلاً: من سيدفع هذه التكاليف وعلى اي اساس ستتم الفوترة على الاهالي. تترافق الضبابية مع اللاقرار الذي يعترض جان (صاحب باص مدرسي) إذ على حد تعبيره المدرسة لم تأخذ اي قرار بشأن التسعيرة لكن وفق المعطيات الاولية عملية التسعير تعتمد على سعر صفيحة البنزين ولكن تقديرياً مع سعر الصفيحة الحالي لن يقل عن 400 الف ليرة شهرياً وحتى الساعة الاهالي لم يسجلوا اولادهم.

ما الحلول لدى المدارس؟



الحلول لدى المدارس التي حاورتها "نداء الوطن" من حواضر البيت. مشكلة مصاريف المدرسة المضاعفة عن الاقساط، حتى مع المساعدات في الليرة اللبنانية تعصف في ذهن مدير مدرسة القديسة ريتا (المتن) الاب سمير غصوب. ومع ذلك، قرر ان لا تعديل على الاقساط احساساً بحال الاهالي. وكانت المدرسة في العام المنصرم قد حسمت نسبة ثلاثين بالمئة منه. تشجع المدرسة على تبادل الكتب بين التلامذة وذلك لعدم التغيير في لوائح الكتب أما القرار على صعيد الباصات التي تنقل التلامذة فمعلق بما يحمله المستقبل وبالنسبة الى وقود سيارات الاساتذة بعضها مؤمن من محطة وقودها وقد نفد منذ بضعة ايام مما يفتح كل الاحتمالات مستقبلاً بموضوع الوقود.


بحثاً عن الأرخص



تختصر مديرة مدرسة العائلة المقدسة ساحل علما، الاخت داليدا حويك لـ"نداء الوطن" ما يواجه المدرسة في معادلة "الاقتصاد المتدهور في لبنان المرتبط بالازمة الصحية والذي ينعكس على مستقبل التعليم". اوجدت المدرسة بعض الحلول على حد وصفها من الحاجات اللوجستية كالقرطاسية التي أمنتها المدرسة بارخص الاسعار الى الكهرباء لاضاءة الصف وتفعيل الالواح الاكترونية. علماً انها تدرك ان بعض الحلول كالتنقل المشترك بين الاهالي قد يؤدي الى انتشار كورونا. تؤكد الاخت حويك انها المرة الاولى التي يواجه فيها القطاع التربوي هكذا ازمات ولكن يجب تذليل العقبات لان التربية قضية ورسالة على حد تعبيرها والتي قد تُضرب ان غاب استاذ عن الصف وقد يكون غير قادر على الوصول الى المدرسة بسبب عطل طرأ على سيارته لا يكفيه راتبه اليوم في ظل ارتفاع سعر الصرف لاصلاحه. تهدس الاخت بنفسية الطالب الذي عاش في الاعوام المنصرمة في ظل عدم انضباط ليضاف الى ذلك تحسسه مع اهله الذين اما خسروا اعمالهم او قدرتهم الشرائية في ظل الضيق الاقتصادي.

ينصح المسؤول التربوي في المدرسة الالمانية اللبنانية روني غاريوس الاهل بتسجيل اولادهم في منصة اللقاح للتخفيف من حدة الانتشار الا انه ألزم المدرسة بالاجراءات مع الحضور اليومي وتطعيم فريق العمل كله. غير انه لم يستطع ابعاد الكأس المرّة عن الاهالي والمتمثل بزيادة اربعمئة وخمسين دولاراً طازجة على الاقساط. فهل تحذو حذوه المدارس عندما تنتهي من وضع ميزانياتها؟