رمال جوني -

عصب الانتخابات يمنع عصب الحياة... حاروف كنموذج عن بلدة بلا مياه

18 أيلول 2021

02 : 00

لا مياه ولا مازوت

لا مياه في بلدة حاروف، فالبلدة التي تقع على تخوم النبطية، تواجه ازمة انقطاع المياه، هذه المرة من مياه الآبار الخاصة التي اقفلت بسبب فقدان مادة المازوت، ما اوقع الاهالي في ازمة مياه غير مسبوقة، اذ عادة ما كانت صهاريج المياه تسدّ النقص الحاصل من مياه الدولة، هذه المرّة الصهاريج متوقفة عن العمل منذ أيام، بعدما عجز اصحاب الآبار الخاصة عن تأمين حاجتهم للتشغيل، سواء بالسعر الرسمي او بسعر السوق السوداء، رغم ان اكبر عدد من تجار مازوت السوق موجودون في البلدة غير أن حجة هؤلاء وفق اصحاب الآبار "إنتو مش زباينّا روحو دبّرو حالكم".

في البلدة ثلاثة آبار خاصة، اثنتان متوقفتان عن العمل والثالثة تعمل بصهاريجها الخاصة بحيث سجلت نقلة المياه لديها ٥٠٠ ألف ليرة أي بما يعادل معاش عامل بالحد الادنى، وهو ما يحمّل الاهالي مسؤوليته للنواب والفاعليات الذين يغيبون عن مساعدة الناس في ازمتهم ويتركون المحتكرين يتحكمون بالسوق.

مناشدات عديدة رفعها الاهالي واصحاب الآبار والصهاريج على حد سواء، ولكن على من "تقرأ مزاميرك يا داوود؟"، فالنواب الثلاثة يصمّون آذانهم عن سماع معاناة الاهالي، بل يبدو لافتاً غياب اي دور فاعل لهم سواء خدماتياً او انسانياً في المنطقة بإستثناء الخدمات الانتخابية التي تصيب فئة دون اخرى، على قاعدة "خدمة مقابل صوتك"، وتسجل حالة إستياء من اداء النواب وحتى الفاعليات في المنطقة الذين "كسروا أيديهم ليشحدوا عليها"، رغم أن معلومات موثوقة تؤكد ان معظم النافذين في المنطقة إما من تجار السوق السوداء او من الداعمين لهم، وهو ما أفشل العديد من المنصات التي وضعت لتنظيم بيع المحروقات، فهؤلاء التجار بدوا اكبر من سلطة الدولة، فلا احد قادراً على "ضبطهم" او "قصقصة جوانحهم" على العكس، سلطتهم هي الاعلى، والا فالمشكل جاهز وحاضر وبالسلاح الذي يقتضيه المكان، ما أفرغ السوق من المازوت والبنزين لصالحهم ووضع الناس في حالة مزرية، وعلى حد قول جيهان "اختنقنا، من غير الجائز كم شلعوط يريدون ان يتحكموا بمصير بلدة، من اكثر من إسبوع من دون مياه، وحين تتصل بصاحب صهريج يجيب ما في مازوت بالبير ما عم بسلموا"، وتسأل جيهان عن دور البلدية وفاعليات البلدة في ادارة الازمة.

لا بلدية في حاروف، فهي تحت وصاية محافظ النبطية بالتكليف الدكتور حسن فقيه الذي تقول المصادر انه "يصرف الاموال بالقطارة، ولا يسعى بثقله لتأمين مازوت للآبار الخاصة على حسابهم وليس من جيب البلدية"، بل تشير المصادر الى أن "الناس متروكون لوضعهم الصعب، في ظل وجود حالة من التجاذب حول من يمسك ادارة البلدة ويتحكم بأمرها".

على ما يبدو ان المعركة الانتخابية بدأت باكراً في البلدة التي يبدو أنها تدفع ثمن خياراتها السابقة بحيث رشحت اشخاصاً من خارج لوائح التحالف، وأتت بالاشخاص الذين تريدهم، غير أنهم أُجبروا لاحقاً على حل البلدية ودخلت البلدة في صراع دائم مع الأزمات التي لا تعد ولا تحصى، وزاد الطين بلة تفاقمها اكثر في ظل سيطرة السوق السوداء على المازوت وحاجتها الملحة له، لا يخفي محمد أن "حاروف تدفع الثمن غالياً، فالمياه عصب الحياة، غير أن احداً لا يتحرك، فواتير المياه والكهرباء والاشتراك أرهقت الاهالي وزادت عليها اليوم فاتورة مياه الاحتكار بحيث وصل سعرها الى 400 ألف، بمعنى آخر يريدون قتل الناس ذلّاً".

عادة ما تتكرر ازمة المياه والمازوت كل فترة، وتزداد حدة في فترات شح المادة من السوق، فصاحب البئر يعجز عن تأمينه بالسوق السوداء بحيث وصل سعر التنكة الى الميلون ليرة، ما يعني ارتفاع سعر النقلة على البئر بحيث وصلت الى 75 ألف ليرة، وتصل الى المنازل عبر الصهاريج بسعر يتجاوز الـ150 ألف ليرة وحسب بعد المسافة عن البئر.

قد يسأل البعض اين مياه الدولة، ألا توجد آبار في البلدة، بالطبع الآبار الارتوازية تلبي الناس على الكهرباء وفي ظل التقنين القاسي في التيار "بحّ مياه"، وشركة المياه تعجز عن تأمين المازوت فهي "لا تملكه" ما يعني ان الناس في البلدة تعتمد بشكل اساسي على شراء المياه للخدمة والمياه للشرب، أي مضاعفة الفواتير وهو ما اوقع الناس في عجز كبير، وفق نهلة "قد نستغني عن الاشتراك وفاتورته التي لامست المليون ليرة، لكننا لا يمكن الاستغناء عن المياه، فهل تجري معاقبتنا في اهم عنصر بالحياة".

وأدى توقف الآبار الى توقف عمل اصحاب الصهاريج الذين يعتاشون من هذه المهنة ما يعني خسائر مضاعفة إلا إذا نزل الوحي على النواب او الفاعليات وقرروا صرف المازوت فجأة، وهذا لا يحصل عادة الا مرة في الشهر فمتى ينتهي هذا الكابوس وكأنه لا ينقص الناس الغلاء والشحار والتعتير حتى يتم تحميلهم أعباء إضافية.


MISS 3