محمود عثمان

كتابات تستحق النشر

اليوم الأول

2 تشرين الأول 2021

02 : 00

هنا لا غيمة تظلك ولا جدول يرافقك إلى باب المدرسة. هكذا قال له أبوه وهو يشيِّعه بنظراته تحت أشجار الازدرخت. كان الطفل يجر حقيبته المنتفخة وهو يرتدي مريوله الأزرق وحذاءه الأنيق. فيما مكث الأب الواله يراقبه حتى ولج المدرسة واختفى.

وخلال النهار راح الوالد، الذي تتأرجح عاطفته بين الخوف والسرور، يطوف في حديقة المدرسة طواف الحجيج، عله يحظى من خلال النوافذ المفتوحة للصفوف، بنظرة تشبع شوقه إلى طفله الصغير. ثم دخل الرواق ملتمساً عذر مراجعة الإدارة، وراح يقترب بحذر من السور الصغير الذي يفصله عن الملعب، وهناك وقف على رؤوس أصابعه، واشرأب برأسه وقلبه يخفق لضجيج الأطفال.

وعندما حانت ساعة الانصراف، خرج الطفل الفَرِح وهو يجري، فأقبل عليه وسط الزحام يعانقه ويشمه، ذلك الشبح الشاحب، ثم أمسكه من يده اليمنى، مخافة أن تنزلق، كما انزلقت يده من يد أبيه من قبل.


MISS 3