مايز عبيد

بالعلم اللبناني ولوحة السلام... علي حسن يعلّم المسؤولين حب الوطن

8 تشرين الأول 2021

02 : 01

يرضى بالقليل ليعيش

لا يمكن أن تمرّ من الشارع الرئيسي لمنطقة الضم والفرز في طرابلس من دون أن يستوقفك مشهد ذاك المواطن الواقف على يمين الطريق؛ وعلى بسطته علب محارم وقناني مياه للبيع، وعلم لبناني جديد، إلى جانبه لوحة كتب عليها "طرابلس مدينة التسامح والسلام والمحبة".

في الشارع تحت شجرة "الزنزلخت" المكان الأحب إلى قلبه، يتواجد علي محمد حسن إبن ميناء طرابلس في هذا المكان منذ سنتين، يومياً من السادسة صباحاً وحتى الحادية عشرة قبل الظهر ريثما يؤمّن مدخول يومه. علبة المحارم عنده بـ8 آلاف ليرة لبنانية فيما قنينة المياه بـ3 آلاف. لديه نوع خاص من الزبائن الذين أحبوه منذ زمن لطيبة قلبه ولسانه العذب وهو ينطق بأجمل الكلام عن لبنان وتاريخه، وعن مدينة طرابلس وثقافة المحبة والسلام بين أبنائها. ثمة أشخاص لا يعرفونه من قبل، لكن بمجرد مرورهم من هذا الطريق، تستوقفهم عبارته التي لا تفارقه وإلى جانبها العلم اللبناني، ما يدفعهم للنزول من سياراتهم لشراء الماء حتى لو لم يكونوا بحاجة إليه، ولكن المطلوب معرفة ما المقصود من هذه التوليفة.

يقول علي محمد حسن لـ"نداء الوطن": "أنا مواطن لبناني طرابلسي عمري 58 سنة ولدي صبي اخرجته من المدرسة لعدم قدرتي على إكمال تعليمه وابنتان تتابعان التعليم. كنت في السابق دهان موبيليا وتوقف عملي فافتتحت هذه البسطة والعمل ليس عيباً وأفضل من مد اليد للناس. لم أتاجر في البنزين ولا في المازوت ولم أتاجر في الناس ومصالحهم، ما أريده هو أن أعيش بهدوء وسلام وأعبّر لطرابلس عن حبي لها وتقديري لدورها وتأكيدي على رسالتها كل يوم". ويضيف: "رغم كل المصاعب التي نمر بها جميعاً؛ إلا أن لطرابلس حباً كبيراً في قلبي وأشعر بأن كل الطرابلسيين هم أهل، وأرى أن قلب طرابلس كان ولا يزال وسيبقى مفتوحاً للجميع، لذلك هي تحتضنهم كمدينة للسلام والتعايش والمحبة والتسامح. هذه هي صورتها الحقيقية التي لا يمكن لشيء أن يغيّرها.. لا داعي لأن تكون غنياً أو فقيراً، مواطناً عادياً أو مسؤولاً حتى تستطيع أن تعبّر عن حبك لطرابلس. أنا لا أستطيع أن أعبّر عن حبي لمدينتي بأن أشغّل مشاريعها التي توفر لها ولشبابها فرص العمل؛ لأني لست مسؤولًا في هذا البلد.. لكنني بهذه الطريقة أستطيع التعبير عن حبي لطرابلس والتأكيد للقاصي والداني بأن السلام والمحبة هما هوية طرابلس الحقيقية، ولبنان علمه ناصع وسيبقى بلد المحبة والسلام".

لم ينتخب علي أحداً في السابق ولا يريد أن ينتخب لاحقاً؛ لأنه باختصار لم يجد بين السياسيين في المدينة من أحبّ المدينة وأهلها أكثر مما احبّ مصالحه، او من قام بتشغيل مشاريع طرابلس من المرفأ إلى المعرض؛ وغيرها من المشاريع التي تعود بالفائدة على المدينة وأهلها.

على أسطح الكثير من المؤسسات الرسمية وكذلك على مبنى بلدية طرابلس، ثمة علم لبناني بالٍ قد أكل عليه الزمن وشرب، وحاله تشبه أحوال الدولة اللبنانية اليوم. لا يفكّر المسؤولون بتغييره، ربما لأن العلم بما يرمز ليس في أولوياتهم. لكن على بسطة المواطن البسيط علي حسن ثمة علم لبناني جديد وأفضل بكثير من أعلام المؤسسات، لأن علي ومن يشبهه من المواطنين وباختصار؛ هم الذين يعبّرون عن الصورة الأنقى لبلدهم ومناطقهم؛ أما المسؤولون في مؤسسات الدولة فلم يعبّروا إلا عن مصالحهم على حساب الوطن ومؤسساته.


MISS 3