سناء الجاك

القنّاص... والفنّاص

16 تشرين الأول 2021

02 : 00

أكد أحد الناطقين بإسم "حزب الله" أن المحقق العدلي طارق البيطار يجب أن يرحل، وإلا لا جلسات لمجلس الوزراء الذي لن ينعقد بعد اليوم إلا إذا تم قبعه.

هذه هي المعادلة. وهي معادلة معروفة ومألوفة سبق للحاكم بأمره أن إستخدمها مراراً وتكراراً.. ونجح.

وفي هذه الواقعة المتعلقة بتطيير التحقيق في تفجير المرفأ، لا شيء يمنع نجاحه، وإلا فإن مزيداً من "البروفات" بإنتظار اللبنانيين. وعلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أن يتصرفا لتنفيذ المطلوب. ولا لزوم لأي نقاش أو عرض لوجهات نظر والسعي إلى تقريبها بين ممثلي المنظومة من جهة، ومن يحرك خيوط هذه المنظومة ويسمح لها بالعمل من جهة إخرى.

الحسم هو المطلوب. والمطلوب واضح، أما الإخراج من خلال الإجتماعات لحفظ ماء الوجه وصولاً إلى كف يد البيطار، فهو من مسؤولية من عليه تنفيذ الأوامر... وهو يبقى تفصيلاً لا يتوقف عنده الحاكم بأمره... المهم النتيجة... وإلا ستتوالى جولات العجائب والغرائب في زواريب عرقلة العدالة.

وبناء عليه، تبدو عبثية محاولة رئيس الجمهورية ميشال عون طمأنة اللبنانيين بأنه "وبالتعاون مع رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب لن نتساهل ولن نستسلم إلى أيّ أمر واقع يمكن أن يكون هدفه الفتنة التي يرفضها جميع اللبنانيين".

وكأن فخامته لم يتابع التدرج في وسائل تنفيذ الأمر الواقع، مع رسالة التهديد بقبع البيطار وفي عقر داره من وزارة العدل. وعندما لم ينفع التهديد، كان الإنتقال إلى طاولة مجلس الوزراء والضرب على طاولته والتهديد بـ"الفتنة".

ولأن تضييع الوقت في مهزلة تدوير الزوايا ليس من شيمة الحاكم بأمره، شهدنا الإنتقال إلى المرحلة الثالثة لتنفيذ هذا الأمر الواقع مع توفر عودة "قنّاص" يفرض بالدم ما كان يجب أن يحصل، و"فنّاص" يتولى إستثمار ما حصل لجهة توظيف "الفتنة" وإستثمار دم الضحايا في "إشتباكات الطيونة".

بالطبع قمة العبثية هي في إفتراض التعاون بين السلطة التنفيذية والرئيس نبيه بري. فهو رأس حربة في المطالبة بكف يد البيطار وبوسائل لا خطوط حمراء تلجمها.

و"حركة أمل" كانت على الطيونة، كتفاً إلى كتف وجنباً إلى جنب مع شريكها في الثنائية، وشكلا متراساً بوجه "قناصين مجهولين" وتبادلا معهم بسلمية وفي إطار حرية التعبير إطلاق النار بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وختما نهارهما الدموي بنعي مشترك لضحايا دفعوا أرواحهم فداء لقبع البيطار.

فليسمح لنا فخامته، إذا لم نقتنع بالأمر الواقع، فلا نصدق أنه قادر على إدارة هذه الترويكا الإنقاذية التي ستحول دون عودة عقارب الساعة إلى الوراء.

فقد أصبح مستحيلاً الفصل بين رئيس مجلس النواب وجناحه العسكري الذي يشكل مدماكاً في أساس "الثنائي الشيعي" إن لجهة تحركات الهتافين "شيعة... شيعة" أو لجهة براعة "شرطة المجلس" في التصويب على عيون المتظاهرين بالرصاص المطاطي، أو في ما يتعلق بما خفي من تحقيقات البيطار التي لا نعرف ما فيها، وإن كنا نحدس أن معرفتنا بما فيها مستحيلة مع الإشتباكات في زواريب عرقلة العدالة وتطورات الأمر الواقع.

أما الممكن فهو تحويل جريمة تفجير المرفأ إلى بوابة للفتنة وتقويض أسس السلم الأهلي والعيش المشترك... وصولاً إلى قبع البيطار...لا أكثر ولا أقل في المرحلة الراهنة.

عدا ذلك كل الأمور ثانوية... فلا القنّاص ولا الفنّاص يستطيعان جر الحاكم بأمره إلى أبعد من هدفه هذا للحؤول دون إعلان حقيقة ما حصل وتسبب بجريمة تفجير المرفأ... ويستكمل مسيرته في القبض على الدولة والسيادة والمؤسسات.


MISS 3