رمال جوني -

"ما هكذا نكافأ على تفانينا بالعمل... نحن كمان حقّنا نعيش"

إضراب مفتوح في مستشفى نبيه بري الجامعي وإغلاق كل الأقسام

12 تشرين الثاني 2021

02 : 01

من تحرّك العاملين في مستشفى نبيه بري الجامعي

هي صرخة وجع مدوّية اطلقها العاملون في مستشفى نبيه بري الجامعي، لها تداعياتها الخطيرة على الواقع الصحي والتمريضي للمستشفى الذي يقف اليوم عاجزاً عن إستقبال اي مريض، بعدما اعلن العاملون اضرابهم المفتوح، وأغلقوا أقسام الطوارئ والعمليات والعيادات الخارجية، والاهم اغلاق قسم التلقيح لكوفيد 19، ما يعني ان الشلل اصاب المستشفى الذي وقف الموظفون والعاملون فيه خارجه يمنعون وصول اي مريض إليه تحت حجة "مأضربين".

ويأتي الاضراب بعدما باءت كل محاولاتهم بتحصيل حقوقهم بالفشل، ونقض المستشفى الاتفاق المبرم القاضي بمنحهم والممرضين نصف معاش اضافي على معاشهم ليتمكنوا من الوصول الى عملهم، ولكن "دق المي مي" اذ أن الحكومة عاجزة عن اتخاذ قرارات جازمة لمعالجة الازمة الحياتية، ووزارة الصحة في حل من مسؤولياتها، وادارة المستشفى عاجزة عن تسديد اموال العاملين والممرضين، ما دفع بهم للاعتصام خارج حرم المستشفى في ضربة كف مدوية للجسم الصحي الذي ينازع هذه الايام في عز الحاجة للطبابة، وتحديداً مع استفحال "كورونا" مجدداً. ولعل الضربة الموجعة التي سدّدها العاملون جاءت في اقفال قسم "كورونا" والتلقيح الأكثر الحاحاً، كورقة ضغط قوية، مؤكدين ان تحركهم لا يهدف الا للحصول على حقهم، فالوضع الاقتصادي المذري يؤثر على حياتهم، ومعاشاتهم بالكاد تساوي 3 تنكات بنزين، وهي كلفة لا تكافئ الجسم الطبي والتمريضي الذي وقف سداً منيعاً لأكثر من عام في مواجهة مباشرة مع الوباء وخسر العديد من كوادره. "ما هكذا نكافأ على تفانينا بالعمل" يصرخ احدهم، فيما قطع آخر الطريق بكرسيه المدولب، رافعاً صوته "نحن كمان حقنا نعيش"، وعلق ثالث: "نحن نمد الناس بجرعة حياة، فمن يمدنا بجرعة دعم؟".

يثير تحرك العاملين قلقاً سيما وان مستشفى النبطية الحكومي الأكبر في المنطقة، والوحيد الذي يجذب اليه المرضى، غير انه اليوم يقف عاجزاً عن استقبال اي مريض، بعدما أعلم العاملون والممرضون كافة الجهات الصحية بعدم تحويل اي مريض الى المستشفى، وفق ما اكد احد العاملين معتبراً أن "التحرك يندرج في سياق الضغط لتحصيل الحقوق، فنحن لم نعد قادرين على الوصول الى عملنا، فلا احد يسأل عنا".

ويقول عباس "إن التحرك اليوم جاء بمثابة الضربة القاضية بعدما سدت كل الأفق، والحكومة نكثت بوعدها ولم تستجب لمطالبنا، نحن لنا الحق قبل غيرنا في رفع الاجور، فاليوم الذي لا نحضر فيه قد يموت مريض، ومع الاسف لا أحد يبالي".

تبدلت حياة المستشفى اليوم، فالكادر التمريضي وقف في الشارع بثوبه الابيض، معلناً راية الدفاع عن حقه، بعدما تخلى عنه الجميع، وتركوه لمصيره الصعب، قطعوا الطريق على اي مريض متجه للمستشفى. بعضهم تضامن معهم، وبعضهم اعترض لان صحته "بالدق"، وبين الاثنين، صحة الممرضين الاقتصادية دخلت في "كوما". وفق فاطمة "لن نتراجع قبل الايفاء بالوعود".

في المستشفى توقفت الحركة، لا اصوات في غرف الطوارئ، اجهزة الكمبيوتر مطفأة، لا حركة ممرضين الا في الاقسام الطارئة، وحتى قسم اللقاح أقفل موقتاً الى حين حل الازمة. فالعمل متوقف قسرياً الى حين اخضاع حقوق العاملين الصحيين لعملية تلقيح اقتصادية تنشط أوضاعهم، ومدهم بجرعة زائدة من الرواتب المضافة، والا فالمستشفيات ستدخل "كوما" ما لم تتحرك وزارة الصحة ووزارة العمل والحكومة لرأب الصدع ووضع حد للتدهور الصحي قبل فوات الأوان.


MISS 3