جاد حداد

Red Notice... ضعيف رغم ميزانيّته الكبيرة

17 تشرين الثاني 2021

02 : 00

تتفوق فكرة فيلم Red Notice (إشعار أحمر) للمخرج روسون مارشال ثيربر على طريقة تنفيذه. يشمل العمل مجموعة جذابة من الممثلين، وتتنقل الشخصيات بين أماكن جميلة بحثاً عن كنز ثمين على طريقة أفلام "إنديانا جونز". ومع ذلك، تتعدد شوائب هذا الفيلم. في المقام الأول، يبدو أن ثيربر وجميع المشاركين في العمل نسيوا أهمية أن يحمل الفيلم "شخصية" واضحة. نادراً ما يبدو أي فيلم آلياً وجامداً لهذه الدرجة، وكأنه نتاج نظام محوسب بدل أن يشتق من دوافع فنية أو رغبة صادقة في تقديم عمل ترفيهي على الأقل. أنتجت هوليوود أعمالاً ضخمة ذات نوعية ممتازة على مر أجيال عدة، لكن يبدو أننا نتجه اليوم إلى أعمال مدروسة ومبرمجة لدرجة أن تفتقر إلى أي عامل بشري مؤثر. الأسوأ من ذلك هو أن يُجرّد محتوى الفيلم نجوم العمل من حيويتهم الواضحة في أعمالهم السابقة.

مجدداً، يجتمع ثيربر، مخرج فيلمَي Central Intelligence (الاستخبارات المركزية) وSkyscraper (ناطحة السحاب)، مع دواين جونسون بدور المحقق المرموق في مكتب التحقيقات الفيدرالي "جون هارتلي". يبدأ الفيلم بسرد معلومة غريبة حول اكتشاف ثلاث بيضات ثمينة يرغب فيها الجميع لأنها كانت مُلكاً لكليوباترا في الماضي. تم اكتشاف بيضتَين منها فقط، ما يجعل البيضة الذهبية المفقودة أهم هدف يسعى إليه صائدو الكنوز، بما في ذلك واحد من أشهر المجرمين في العالم: "نولان بوث" (راين رينولدز). يبدو أول مشهد في الفيلم جاذباً نسبياً، فيقبض "هارتلي" على "بوث" وهو يحاول سرقة واحدة من البيضات الثمينة، ما يؤدي إلى نشوء علاقة كوميدية كلاسيكية بين هاتين الشخصيتين المختلفتين على مر الفيلم: الرجل مفتول العضلات من جهة، والرجل سريع الكلام من جهة أخرى. هما يحاربان السلطات، وبعض الرجال الأشرار، ومجرماً آخر يحمل خططاً شريرة ويُعرَف بلقب "الأسقف" (غال غادوت). يتجول هؤلاء حول العالم ويحاولون الحصول على البيضات الثلاث وبيعها بأعلى ثمن.



من الواضح أن الفيلم مستوحى من أعمال مثل Raiders of the Lost Ark (غزاة الفلك المفقود) وNational Treasure (الكنز الوطني)، لكنه يفتقر في الحد الأدنى إلى الهوية التي تتسم بها أفضل أفلام الحركة والمغامرة. يبدو أسلوب ثيربر الإخراجي مبسّطاً أكثر من اللزوم، فهو يقتصر على وضع رينولدز وجونسون وغادوت أمام الكاميرا والاتكال على حضورهم القوي وبعض التقنيات المألوفة لعرض القصة، ويسهل أن نلاحظ حجم الأعباء التي يتحمّلها هؤلاء الممثلون على مر الفيلم. لم يسبق أن بدا جونسون جامداً لهذه الدرجة، فهو يعجز عن تقديم شخصية البطل أو الرجل العادي لأن دوره يفتقر إلى العمق. لا شك في أنه سيحتاج إلى مراجعة تفاصيل أعماله اللاحقة لأنه سئم من هذه الأدوار بكل وضوح ولا تسمح له جاذبيته المفرطة بلعب دور الرجل المُتعَب في مشاريعه المقبلة. يبدو رينولدز أفضل حالاً بقليل، لكنه يتعب بكل وضوح من محاولات تقديم شخصية حذقة وإضفاء نفحة فكاهية عليها لأنه يبذل هذه المرة جهوداً تفوق ما اعتاد عليه. يبدو أن جميع القيّمين على العمل ظنوا أن اختيار ممثلين من هذا النوع سيكون كافياً لإعطاء الفيلم طابعاً جاذباً وممتعاً، لكنهم نسيوا لاحقاً أهمية أن يعطوا هؤلاء الممثلين المواد التي يحتاجون إليها كي يقدموا أفضل ما لديهم.

لطالما اشتكى الناس من نزعة شبكة "نتفليكس" المتزايدة إلى إنتاج أعمال يمكن مشاهدتها عبر الهاتف، وتتضح هذه النزعة عند مشاهدة هذا الفيلم تحديداً. بلغت ميزانية العمل 200 مليون دولار، لكن يبدو أن المنتجين لم يصرفوا أي مبلغ على العناصر التي تحافظ على حس بشري معيّن، بل إن العمل هو أقرب إلى تطبيق لأفلام الحركة على جهاز "آي فون". يكفي أن نحدّق بالشاشة كي نشاهد شخصاً جميلاً يركض في مكان جميل أو يطلق النار في اتجاه معيّن، لكن يفتقر الفيلم إلى أي قصة حقيقية، أو يمكن القول إن قصته عابرة ويسهل نسيانها. على صعيد آخر، تبدو مواقع التصوير مدهشة لكن لا شيء يميّزها. وحتى العنوان يبدو مأخوذاً من برنامج "كتّاب سيناريوات أفلام الحركة".

في النهاية، يبقى الفيلم ناقصاً رغم ميزانيته الضخمة وأجوائه الساحرة وعناصره القوية. هو من نوع الأفلام التي يمكن مشاهدتها مرة واحدة هذه السنة، حتى أن معظم المشتركين بشبكة "نتفليكس" قد يجدون صعوبة في تذكّر اسم الفيلم بعد أسابيع قليلة. توحي المشاهد الأخيرة باحتمال إنتاج جزء آخر، لكن من الأفضل أن يغيّر المعنيون بهذا المشروع رأيهم وينسوا أمر الجزء الجديد...