شربل داغر

ملف الإستعمار الفني...بات مفتوحاً

29 تشرين الثاني 2021

02 : 00

ما حصلَ في لتدن قبل أيام مع دولة أثيوبيا، حصلَ في باريس قبل أسابيع قليلة مع دولة بينين، وهو ان سلطات البلدَين اقرتا بوجوب إعادة ممتلكات فنية الى بلديهما الاصليين.

ما ظهر في وسائل الاعلام، وفي بيانات الحكومات المعنية، بدا طبيعياً، قانونياً، يحترم المواثيق الدولية، في ما عنى صراعاً قديماً حول ملكية مواد الفن في عهود استعمارية قبل قرنين وأكثر، ولا سيما في أفريقيا.

الحكاية قديمة، جديرة بأن تروى، وبأن يتم التحقيق فيها. وهو ما كشفتُ العديد من وثائقه وأخباره في المجلد الأول من كتابي: "الفن والشرق: الملكية والمعنى في التداول" (2004).

هذا ما شرعتْ منظمة الأونيسكو بمناقشته في سبعينات القرن الماضي، وانتهى إلى "إعلان دولي" يقضي بإعادة الممتلكات الفنية إلى بلدانها الأصلية (في عهد المدير العام احمد مختار مبو).

إلا أن النداء لم يُثمر نتائجه المرجوة، بسبب ضعف المطالبات الحكومية في البلدان المعنية، فضلاً عن ان مؤسسات هذه البلدان لا تتمتع غالباً بمؤسساتِ حفظٍ "مأمونةٍ" لأعمال الفن، بدليل ان بعض المقتنيات التي عادت، بعد نداء الاونيسكو إلى بلد افريقي، ظهرت سريعا في... سوق المبيعات العالمي.

هذا ما جعل البعض (من البلدان الافريقية وغيرها) يدعو الى بقاء الاعمال المسلوبة في المتاحف الاجنبية، بما انها محفوظة فيها ومعروضة بشكل مناسب لها...

غير ان الحملة، على الرغم من الإخفاقات، تأتي ثمارها، ولو ببطء. ومما كان يعيق هذه العودةَ وجودُ تشريعات (لا سيما في فرنسا) تجعل من الممتلكات الفنية ملك "الشعب" (لا جهة محددة)، من جهة، وانها غير قابلة لنزع الملكية عنها، من جهة ثانية.

السياسات تتبدل وتتعدل، والاكيد ان الماضي الاستعماري يخضع لمراجعة، والاعتراف والإقرار من قبل قادة البلدان المعنية.

هل تُصلح السياسات ما أفسدَه الدهر؟

غير أكيد. الأكيد هو ان حكاية الفن الساحرة، الحالية، تبقى في منطلقها حكاية أوروبية، وقامت على جمعِ منتخباتِ آثار الماضي لدى شعوب العالم، وهو ما لم تكن تُعنى به بلدانُها الاصلية، بل كانت تتعامل مع هذه الممتلكات مثل بقايا طقوسية او وثنية، او كانت قد طمرتها تحت الأرض، كما في مواقع عربية عديدة.

هكذا تعود هذه الممتلكات الفنية إلى بلدان المنشأ، ولكن ببطاقة ميلاد محدثة.


MISS 3