غادة حلاوي

هل انتهى مفعول الإتصال السعودي برئيس الحكومة؟

7 كانون الأول 2021

01 : 59

ماكرون وبن سلمان والشروط الصعبة على لبنان

وبعد يومين، تبخّرت جرعة التفاؤل التي ظهرت عقب اتصال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان برئيس الحكومة نجيب ميقاتي. كغزل البنات سرعان ما ذابت وضاع طعمها. تغريدة من سطرين للسفير السعودي المعتمد في لبنان وليد بخاري، كانت كفيلة بالاشارة الى ان العلاقات اللبنانية السعودية لم تخطُ اي خطوة الى الامام وان استقالة وزير الاعلام جورج قرداحي كانت لزوم ما لا يلزم بحيث لم تحدث اي تطور لافت على مستوى تحسين العلاقات. ففي تغريدته قال بخاري: "الحَذْفُ من أساليبِ البَلاغَةِ ومن فعَاليَّتهِ أنَّه يدفعُ الذِّهْنَ للبحثِ عن المحذُوفِ... مع بقاءِ القرائنِ الدَّالةِ عليه..! ليلفت بذلك نظر رئيس الحكومة في لبنان الى استحالة التغاضي عن مضمون البيان المشترك الذي صدر عقب المكالمة والاكتفاء بالبناء على الاتصال الذي تلقاه من ولي العهد.

أي ان لا تطور يمكن البناء عليه بعد، حتى بخاري نفسه لم يعد الى لبنان ولم يعلن عن موعد قريب لعودته. واقع جعل المتفائلين لحظة الاعلان عن الاتصال الى التراجع عن تفاؤلهم والتسليم بأن لا تغيير حصل ولا تقدم، بدليل ان لا موعد محدداً لرئيس الحكومة لزيارة المملكة ولو لأداء مناسك العمرة رغم إعلان ميقاتي رغبته بذلك لولي العهد. الذين تنازلوا عن ورقة وزير الاعلام جورج قرداحي جاء الجواب على خطوتهم بالبيان المشترك الفرنسي- السعودي وهو بمثابة تأنيب للحكومة، اغفل ذكر الدولة واكتفى بالحديث عن الشعب، متطرقاً الى مسألة حصر السلاح بيد الدولة وتطبيق القرار 1559، شروط عجزت عن تحقيقها دول فكيف بحكومة وضعها مأزوم. وكأن ميقاتي استعمل هنا كأداة لإنجاح صفقة سلاح فرنسية مع المملكة، فحقق طموحه على ابواب الانتخابات الفرنسية، وعاد الى بلاده منتصراً. وحتى مساء امس لم يكن اتصل برئيس الجمهورية ميشال عون كما سبق واعلن من المملكة، ولم يضعه في اجواء ما اتفق عليه وولي العهد السعودي. ما اغضب رئيس الجمهورية خصوصاً وان التغاضي عن هذه النقطة يمكن ان يؤشر الى تعمد استثناء عون من المشاورات بما يخالف منطق التعاطي بين الدول.

إذاً، تغريدة بخاري وعدم وضع عون في اجواء المشاورات، مؤشران سلبيان، ثالثهما ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، بعد انخفاض ولو طفيف كان سجله عقب الاعلان عن الاتصال. مسار الاوضاع حتى اليوم يقول ان لا عودة سعودية الى لبنان بالشكل الذي يساعد هذا البلد على النهوض مجدداً والخروج من ازمته. أي ان السعودية لن تعود لتضع وديعة في المصارف اللبنانية وستكتفي بالمساعدات الانسانية للشعب اللبناني دون الدولة او مؤسساتها، اللهم الا اذا كانت بوارد العودة استباقاً لموعد الانتخابات لاعادة تنظيم الصفوف في مواجهة "حزب الله"، وهذه ايضاً مستبعدة بالنظر الى المبالغ التي سبق وانفقتها ولم تحقق النتائج المرجوة.

وحده رئيس الحكومة ينظر الى الاتصال على انه فسحة أمل يمكن البناء عليها، وان المطلوب في المرحلة المقبلة العمل على تعزيز وفتح المجال امام اندفاعة سعودية جديدة. يحاول، وإثباتاً لحسن النية، الدفع باتجاه اتخاذ خطوات عملية تجاه المملكة من الجانب اللبناني. فيما فريق آخر وداخل الحكومة ايضاً يفضل عدم المغالاة بالذهاب بعيداً ذلك ان لبنان حضر لماماً، بدفتر شروط اكبر من قدرة رئيس الحكومة على تنفيذه. في هذا الوقت لا يبدو ان عودة حكومته الى الاجتماع مجدداً واردة في الظرف الراهن والامور مرهونة بدراسة قانونية يجري العمل عليها تتعلق بايجاد مخرج لتحقيقات المحقق العدلي طارق البيطار لم ينته العمل عليها بعد.