أكرم حمدان

حديث الصفقة بين الطعن وملف المرفأ و"الجهل" الدستوري والقانوني

11 كانون الأول 2021

02 : 00

رفع الحصانة عن النوّاب...

بمعزل عن القرار المنتظر والمرجّح أن يصدر الأسبوع المقبل، عن المجلس الدستوري في شأن الطعن الذي قدّمه تكتل "لبنان القوي" في قانون تعديل قانون الإنتخاب، ولا سيما دستورية إحتساب الغالبية النيابية وإقتراع المغتربين لمقاعد 6 موزعة على القارات الست، علماً أن مهلة إصدار"الدستوري" قراره تنتهي في 21 الجاري، وبالرغم من الأحاديث المتكررة من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب، وتجزم بعدم وجود ما يسوق له من "صفقة" بين الطعن وملف التحقيق في إنفجارالمرفأ وتحديداً إحالة ملف الوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فإن هناك من لا يزال يصرّ على معزوفة "الصفقة" وإن كانت غير مستبعدة على القيادات والقوى السياسية، إلا أن هناك أصولاً يجب أن تتبع، ولو من حيث الشكل لكي تمر"الصفقة" في حال وجودها، لكن "الجهل" القانوني والدستوري أو التجاهل ربما يتحكّمان لا بل يساهمان في تعميم هذا الجهل إن كان عن قصد أو غيره.

فهناك من أصرّ على الحديث عن الصفقة خلال الجلسة التشريعية الأخيرة لمجلس النواب بالرغم من أنها جلسة محددة بجدول أعمال واضح، وحتى بعد الجلسة هناك من تحدث عن عدم إدراج "الصفقة" المفترضة.

وللتذكير والتنوير، فإن وجود هذه "الصفقة" يتطلب آلية لجلسة مجلس النواب، فهناك جلسة كانت مقررة بتاريخ 25 آب الماضي ولم تنعقد بسبب عدم إكتمال النصاب بفعل مقاطعة كتل ونواب ("لبنان القوي" و"الجمهورية القوية" وغيرهم من النواب المستقلين)، كما ان إقفال أهالي ضحايا إنفجار المرفأ والمتضامنين معهم، الطرقات، منع وصول عدد آخر من النواب إلى قصر الأونيسكو.

وللتفصيل أكثر، فقد تمّ تأجيل الجلسة التي كانت مقررة لبحث ملف الإتهام في إنفجار مرفأ بيروت وفقاً للقانون 13/90 (المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء)، من دون تحديد موعد جديد لها حيث لم يتجاوزعدد النواب الذين وصلوا إلى الأونيسكو الـ39 نائباً.

وكان سبق إعلان تأجيل الجلسة حينها كمّ من التحليلات والإجتهادات حول العدد الذي سيتم إحتساب النصاب على أساسه، على إعتبار أن عدد النواب الفعليين هو 117 بعد إستقالة 8 نواب ووفاة ثلاثة، والآن أصبحوا 4 بعد وفاة النائب فايز غصن.

فهناك من أفتى واجتهد بأن النصاب يحتاج إلى 59 نائباً وهناك من تمسّك بنصاب الـ65 نائباً إستناداً إلى المادة 34 من الدستور.

وبطبيعة الحال، جاء تحديد موعد هذه الجلسة حسب الأصول القانونية والدستورية، بعدما كان تقدم طلب إتهام بموجب عريضة نيابية وقع عليها خمس (1/5) أعضاء المجلس النيابي أي 26 نائباً.

وسبق هذه العريضة التي قدمت في شهر تموز واعتمدت على نص المادتين 70 و71 من الدستور، وإعتبار أن الجهة المخولة متابعة ملف المرفأ هي المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، طلب المحقق العدلي في قضية إنفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار رفع الحصانة عن النواب نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر، باعتبارهم من الوزراء المتهمين وصودف أنهم نواب.

وفرض هذا الطلب السير حسب الأصول النظامية والقانونية والدستورية، حيث إجتمعت الهيئة المشتركة المؤلفة من هيئة مكتب مجلس النواب ولجنة الإدارة والعدل برئاسة الرئيس نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، ودعت بعد الإجتماع القاضي البيطار إلى تقديم خلاصة عن الأدلة الواردة في التحقيق وجميع المستندات والأوراق وفقاً لنص المادة 91 من النظام الداخلي.

كذلك جاء تحديد موعد الجلسة وتوقيع عريضة الإتهام بعدما رفض القاضي البيطار طلب الهيئة المشتركة (هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل) تزويدها بأي مستندات إضافية تتعلق بالنواب المشنوق وزعيتر وحسن خليل، وأبلغ المجلس بأنه غير ملزم بتقديم أي مستندات إضافية بشأن النواب الثلاثة، على إعتبار أن أي معلومة إضافية سيعطيها ستمس بسرّية التحقيق، وأنه أرسل إلى المجلس المعطيات التي ولّدت لديه الشبهة بشأنهم، واستدعت الإدعاء عليهم. إذاً، هناك أصول وآليات قانونية ودستورية لا بد منها حتى لو كانت هناك صفقات بين القوى السياسية، مع التذكير بأن المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء لا يشمل النواب كما يحلو للبعض أن يقول، وصادف أن ثلاثة من المتهمين هم نواب وبحاجة لرفع الحصانة وآليات أخرى، وحتى رئيس الحكومة والوزراء غير النواب يجب أن يخضعوا لهذه الآلية التي تميز بين رفع الحصانة والإتهام حتى في كيفية إحتساب التصويت.

فرفع الحصانة بحاجة إلى الأكثرية النسبية بينما الإتهام يحتاج إلى أكثرية الثلثين كما أن طلب الإتهام يحتاج إلى الأكثرية المطلقة لإحالته إلى لجنة تحقيق نيابية خاصة.

في الخلاصة، جلسة 25 آب تأجلت وتنتظر تحديد موعد جديد هو حق مطلق لرئيس مجلس النواب، وبجدول أعمال واضح هو بحث ملف الإتهام في إنفجارالمرفأ وفقاً للقانون 1390 (المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء)، وما لم يدع بري إلى جلسة بهذا الجدول فلا داعي للحديث عن صفقات وخلافه من التسريبات والتحليلات التي يلهون فيها الناس.


MISS 3