مريم سيف الدين

"نداء الوطن" أمام المحكمة ممثّلة شريحة كبيرة من اللبنانيين

إنها قضية الحريات... وهوية لبنان

11 تشرين الأول 2019

01 : 13

مجدّداً وأمام قصر العدل في بيروت وقف رئيس تحرير جريدة "نداء الوطن" بشارة شربل ومديرها المسؤول جورج برباري. وبالأمس كان الموعد أمام محكمة المطبوعات. وذلك بعد إحالة الإدعاء على "نداء الوطن" إلى المحكمة بموجب إحالة تضمّنت بنداً جزائياً بتهمة المس بكرامة رئيس الجمهورية. وتضامناً مع "نداء الوطن" وقف نواب ووزراء وصحافيون وإعلاميون وناشطون من المجتمع المدني أمام قصر العدل، وأطلقوا المواقف الرافضة للمسّ بحريّة التعبير، وللتهمة التي ألصقت بالصحيفة. وكان من الملفت أنّ النواب المتضامنين لم يكتفوا بالوقفة التضامنية، بل دخلوا إلى قاعة المحكمة لحضور الجلسة العلنية، وانتظروا وصول النائب العام بالإنابة، زاهر حمادة، الذي تأخّر عن الموعد. واختتمت الجلسة بقرار من القاضية هبة عبدالله بتحديد موعد لإصدار الحكم في القضية في 21 تشرين الثاني المقبل، بعدما طالب حمادة بإدانة "نداء الوطن" بالإدعاء المقدم ضدها بعد مرافعة من محامي شربل وبرباري النائب السابق بطرس حرب.

امتلأت قاعة المحكمة بالحضور المتضامن مع "نداء الوطن"، وانتظروا وصول المدعي العام. وصل حمادة فبدأت جلسة المحاكمة بعد تنحي المدعي العام بالأصالة لارتباطه بعلاقة قرابة مع المحامي حرب. كان حمادة في منتهى الصراحة حيث أعلن انه لم يتسن له الاطلاع على ملف الادعاء إلا من خلال وسائل الإعلام. وعلى الرغم من عدم دراسة الملف طلب حمادة إدانة "نداء الوطن" بما وجّه إليها من تهم. والقى محاضرة عن دور الإعلام محدّداً المعايير الواجب على الاعلام اتباعها. لكنّ الملفت في كلام حمادة اتّهام الصحيفة بالكيل بمكيالين "لم تقل أنّ موقع رئاسة الحكومة خاضع لدولة ثانية". في تلميح أشبه بموقف سياسي. وأنهى حمادة كلامه بتأكيده أن المقال من شأنه النيل من مقام رئاسة الجمهورية، مكرراً مآل الادعاء والجرائم الجنائية المتعلقة به.

وتولى من بعده حرب المرافعة والمدافعة عن الصحيفة، بعد أن اكتفت القاضية باستجواب رئيس التحرير والمدير المسؤول لدى قاضي التحقيق.

متسلّحاً بالدستور كضامن لحرية التعبير رافع حرب ودافع عن حقّ "نداء الوطن" بالتعبير عن رأيها. واعتبر أنّ الصحيفة قامت بواجبها وأنها لو لم تعبّر عن رأيها لكانت تخلفت عن القيام بواجبها. "فمن واجب الصحافي أن يكون لاذعاً، ووجود مقال كهذا ضروري للمجتمع". لم ينظر حرب للقضية على أنها قضية "نداء الوطن" وحسب، بل اعتبرها قضية مصير نظامنا السياسي الديموقراطي وكيفية المحافظة عليه. "حرية الصحافة أساس تكوين لبنان وحجر الرحى في هذا النظام إذا انهار ينهار البنيان الوطني والنظام. ما يعني أن أي مسّ بالحريات هو مسّ بالنظام بكامله، ومسّ بوجود لبنان ووحدته ومستقبله. فقراركم سيحدد هوية النظام ومصير الحريات فيه".

بعد التنبيه لأهمية هذه القضية كقضية حريات مرتبطة بالكيان اللبناني لا بمؤسسة إعلامية فحسب، انتقل حرب من الحديث عن الحريات واهمية صونها، إلى تفنيد ما جاء في مقال "نداء الوطن" موضع الادعاء. ورفض حرب اتهام المقال بأنه يشكّل مساً برئيس الجمهورية أو بكرامته. وأثناء شرحه للواقع والظروف السياسية والأجواء التي أحاطت بكتابة المقال، غضب المدعي العام وانفعل رافضاً "تحويل المحاكمة إلى محاكمة لأحد الأحزاب السياسية". هنا تدخّلت القاضية لتطلب المرافعة ضمن إطار المقال، فردّ حرب أنّ المقال كتب ضمن هذا الإطار "فإن لم نتحدث عنه عن ماذا سنتحدث؟". أكمل النائب والوزير السابق شرح الظروف والوقائع السياسة التي نقلتها الصحيفة في مقالها. وطالب بالادعاء عليه وعلى المسؤولين السياسيين وكل من أيّد كلام الصحيفة في حال تمت ادانتها. انفعل حمادة مجدداً وكرر قراءة أجزاء من المقال في إصرار على وجهة نظره بأن الصحيفة قد أساءت لرئيس الجمهورية إذ قالت بأنه لا يُطاع.

وكانت القاضية بمنتهى الهدوء والإصغاء، وقد حددت جلسة 21 تشرين الثاني المقبل موعداً لإصدار حكمها. ومنحت المدعى عليهما مهلة أسبوع ليتقدما بالمستندات التي يملكانها والتي عبروا عن استعدادهم لابرازها لأنها تؤكد أن ما عبّرت عنه "نداء الوطن" هو جوّ موجود ويتناقله الكثير من اللبنانيين.

برز الحضور القواتي في يوم محاكمة "نداء الوطن"، فحضر وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان ووزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مي شدياق، والنواب: وهبة قاطيشا، زياد حواط، جورج عقيص، بيار أبي عاصي وعماد واكيم. كذلك حضر حزب "الكتائب"، ممثلاً بنائبيه نديم الجميل والياس حنكش وعضو المكتب السياسي في الحزب سيرج داغر. وحضرت النائبة المستقلة بولا يعقوبيان. وجدّد الحزب "الاشتراكي" تضامنه الثابت مع الصحيفة والحريات بحضور أمين سره العام ظافر ناصر ومفوض الإعلام في الحزب رامي الريس. كما حضر مجدداً أمام قصر العدل رئيس لقاء سيدة الجبل النائب السابق فارس سعيد، والدكتور محمد علي مقلد، والسيد حسن الحسيني، ومثل بشارة خيرالله الرئيس ميشال سليمان وعارف العبد مثل رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والزميل فارس الجميل جاء ممثلاً عن رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والزميل أسعد بشارة عن اللواء أشرف ريفي. وتمثلت هيئة العلماء المسلمين بالشيخين رئيس مكتب بيروت محمد طقوش وابراهيم ابراهيم. وحضرت أيضاً رئيسة "الإتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً" سيلفانا اللقيس، وناشطون من المجتمع المدني منهم بول أشقر ودارين دندشلي وجيلبير ضومط وممثل عن مؤسسة سمير قصير ومركز "سكايز" جاد شحرور والمحامي الياس الزغبي. أما من أبرز الإعلاميين الزملاء: رئيس مجلس إدارة تلفزيون "LBCI" بيار الضاهر، غادة عيد، نديم قطيش، عقل العويط، علي حمادة وعلي الأمين وعامر شيباني. إضافة إلى رئيس جهاز الإعلام في حزب"القوات اللبنانية" شارل جبور والزميل جورج عاقوري وعضو المكتب السياسي في "تيار المستقبل" جورج بكاسيني.


MISS 3