بسام أبو زيد

معاناة العسكريّين

18 كانون الأول 2021

02 : 00

ونحن نتجول في مختلف المناطق اللبنانية ليلاً ونهاراً نصادف عسكريين من مختلف الأجهزة الأمنية يقومون بمهامهم، وأكثر ما يلفتنا هو عناصر قوى الأمن الذين يقومون بتنظيم السير او يقفون عند الحواجز وكذلك جنود الجيش اللبناني في المهام التي يقومون بها على مختلف الأراضي اللبنانية، ولا ننسى أيضاً عناصر وضباط الأمن العام وأمن الدولة والجمارك وحتى الشرطة البلدية.

كل هؤلاء يقومون بمهامهم رغم كل الظروف المعيشية السيئة التي يعانون منها، رواتبهم أصبحت لا تكفي لأي شيء ويحتارون كيف يتدبرون أمورهم، فحتى ما يقدم لهم من معونات غذائية لا يكفي لسد جوع وعوز، ولذلك تستنبط قيادات هذه الأجهزة الأمنية والعسكرية حلولاً تساهم في التخفيف من وطأة المعاناة في حدها الأدنى، كأن تنظم أيام الخدمة بحيث يتنقل العسكريون بين أماكن إقامتهم ومواقع الخدمة مرة كل أسبوع او كل عشرة أيام، أو أن يتم مثلاً تأمين مازوت لفانات وباصات مدنية من أجل نقل العسكريين بكلفة مخفضة جداً، وغض الطرف عن ممارسة العسكريين لبعض الأعمال كي يؤمنوا بعض المدخول المالي للمساعدة في إكمال حياتهم اليومية، أو حتى ان هناك أخباراً تقول إن قطعاً عسكرية تبيع ما يتوفر لديها من خردة وتوزيع عائداتها على الجنود بالتساوي، كما أن قطعاً عسكرية أخرى استصلحت أراضي في مواقعها وبدأت بزراعتها لتأمين حاجات جنودها من الخضار.

كل هذا يجري والقيادات الأمنية ولا سيما قائد الجيش العماد جوزاف عون لا يترك باباً إلا ويطرقه من أجل الحصول على مساعدات وهو يواصل السعي من أجل إنشاء وتمويل صندوق من دول في العالم يتيح حصول العسكريين على علاوات محدودة بالدولار مثلاً لتأمين المزيد من الصمود للعسكريين، ولكن المفارقة أن هذه الجهود تتعرض للهجوم من أطراف سياسية تبدو أنها راغبة في القضاء على كل ما يمثل صورة الدولة ووجودها، وبدل أن تسعى للمساهمة في عملية إنقاذ الأجهزة العسكرية والأمنية تحاول الإجهاز عليها تحت مسميات السيادة وعدم الارتهان.

والأنكى من هؤلاء هم من يتحملون المسؤولية في الدولة، وكأن ما يجري مع الأجهزة الأمنية والعسكرية من معاناة لا يعنيهم أيضاً، هؤلاء يرغبون في تحطيم أي إيجابية أو خطوة إلى الأمام في هذا الإطار لأن نظرتهم تنطلق من مصلحة سياسية شخصية ولا يعبأون بأي جندي أو شرطي يقف في حر الشمس أو برد الشتاء يفكر كيف سيطعم أفراد عائلته وكيف سيجلب الحليب لطفله.

ما يجري أثبت أن الجيش وباقي الأجهزة الأمنية تتمتع بانضباطية قد تكون الأعلى بين جيوش العالم التي يمكن أن تمر في هكذا ظروف، ومن يريد للبلد أن ينهض والدولة أن تقوم لا خيار له سوى دعم من يحملون دماءهم وأرواحهم ومعاناة عائلاتهم على أكفهم.