ريتا ابراهيم فريد

"مغرّدون ضدّ الجوع"... ساهمت بتبنّي أكثر من 100 عائلة

3 كانون الثاني 2022

02 : 00

"لأنه ممنوع حدا ينام جوعان أو بردان"، شعار رفعته جمعيّة "مغرّدون ضدّ الجوع" التي أطلّت منذ فترة على شكل حملة صغيرة انطلقت عبر تويتر، وقامت حينها بجمع التبرّعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمساعدة الأسر الأكثر فقراً، خصوصاً خلال فترة الحجر الصحي الذي فرضه وباء "كورونا"، وتطوّرت حتى أصبحت اليوم جمعيّة رسمية مسجّلة مع علم وخبر. وبمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة، أطلقت الجمعية مبادرة لافتة تحت عنوان "تبنّى عيلة عالعيد" التي نجحت بمساعدة أكثر من مئة أسرة لبنانية.

أشار مؤسّس الجمعية رالف معلولي في حديث لـ"نداء الوطن" الى أنّ ازدياد عدد الذين يحتاجون الى الدعم والمساعدة في هذه الظروف الصعبة التي نمرّ بها في لبنان، هو الذي دفع بالحملة كي تكبر بهذه السرعة. وأضاف: "المبادرة التي انطلقنا بها اقتصرت حينها على تأمين حصص غذائية. وبفضل ثقة الناس واندفاعهم للمساعدة، توالت المبادرات تباعاً وتوسّعت الحملة معها، الى أن حان الوقت كي نباشر بالعمل ضمن إطار منظّم، فأعلنّا أننا أصبحنا جمعية رسمية حفاظاً على الأصول القانونية لعمل الجمعيات".

تضم "مغرّدون ضدّ الجوع" أربعة ناشطين ثابتين، إضافة الى متطوّعين من جميع المناطق اللبنانية يساهمون بتسهيل العمل، وهم الذين يشرفون على الحالات التي تحتاج الى المساعدة ويتأكّدون منها، بهدف تقديم الدعم في المكان الصحيح. فحين يصل الى الجمعية خبر عن أسرة أو حالة ما تحتاج الى المساعدة، يقوم هؤلاء المتطوّعون بزيارتها والتحقّق من ظروفها، وعلى هذا الأساس يتمّ التحرّك. ولفت رالف الى أنّ المجال متاح دوماً للتطوّع، خصوصاً في المناطق البعيدة والنائية.

تواصل مباشر مع المتبرّعين

جمعية "مغرّدون ضدّ الجوع" التي اعتادت على إطلاق الحملات خلال الأعياد والمناسبات، أطلقت بمناسبة الأعياد المجيدة هذه السنة حملة دعت من خلالها الى تبنّي مئة عائلة بمبلغ مليون ليرة تُدفع نقداً لكلّ أسرة. وأوضح رالف أنّه في ظلّ الوضع الاقتصادي الصعب الذي يتدهور يوماً بعد يوم، باتت الحصّة الغذائية التي كانوا يوزّعونها غير كافية، وبات من الضروري تأمين مبالغ مالية تساعد هذه الأسر على شراء قوارير الغاز والمازوت والموادّ الأساسية التي يحتاجونها في المنزل، والتي لا تتواجد عادةً ضمن الحصص الغذائية. وتابع: "قمنا بتحديد مبلغ مليون ليرة الذي يساوي حوالى أربعين دولاراً بحسب سعر الصرف في الأسواق. وحصدنا تفاعلاً رائعاً، إذ نجحنا منذ اليوم الأول بتأمين 63 مليون ليرة، حصلت عليها 63 عائلة".


ولفت الى أنّ ما يميّز الحملة هو أنّها تتضمّن تواصلاً مباشراً بين الأسر التي تحتاج الى المساعدة وبين أصحاب الأيادي البيضاء، خصوصاً المغتربين المتواجدين بعيداً عن عائلاتهم، الذين أتاحت لهم هذه المبادرة أن يشعروا أيضاً بمعنى العيد وروح العطاء.

من جهة أخرى، يشير رالف الى أنّ معظم الحالات التي تتواصل الجمعية معهم مأسوية ومحزنة. ويتحدّث عن حالة أثّرت به كثيراً لسيدة كانت بحاجة الى إجراء عملية استئصال المرارة وكانت تتألّم بشدّة. وأضاف أنّ كلفة العملية كانت حوالى 9 ملايين ليرة. "لكن لم تمضِ دقائق قليلة على عرضنا للحالة على مواقع التواصل الإجتماعي، حتى قام أحد المتطوّعين في دبي بإرسال المبلغ كاملاً مباشرة الى السيدة، وكان الأمر مؤثّراً جداً".


مؤسس الجمعية رالف معلولي


المغتربون... طاقة النور


تحدّيات عدّة تواجه معظم الحملات الإنسانية في لبنان اليوم، بينما تزداد في المقابل نسبة الأشخاص الذين يحتاجون الى المساعدة، خصوصاً في موضوع الأدوية التي ارتفعت أسعارها بشكل مخيف بعد قرارات رفع الدعم عنها. ويقول رالف في هذا الإطار: "قد يصمد الإنسان يوماً أو يومين من دون طعام. لكنّه لا يستطيع أن يبقى من دون أدوية القلب أو السكّري التي تعدّ من الأولويات. كما أن إمكانات الناس لتقديم المساعدة تتضاءل أيضاً، وبات الإتكال على اللبنانيين المتواجدين في بلدان الإغتراب، فهم الأمل الوحيد في هذا الوضع الصعب، وطاقة النور التي نحاول من خلالها تغيير الصورة المظلمة التي نمرّ بها".

هذا ويصف رالف حجم المسؤولية التي تكبر يوماً بعد يوم، "فالبعض يعيش في أوضاع مزرية جداً، حتى باتت الجمعية الملجأ الوحيد لهم، لذلك نشعر أحياناً أننا نقوم بدور الدولة. في المقابل، إمكاناتنا صغيرة ومحدودة، ونحن اليوم مسؤولون عن ستين عائلة التزمنا بتأمين حصص غذائية شهرية لها. بالإضافة الى ميتم في طرابلس وميتم آخر في الدكوانة، نزوّدهما بمونة شهرية تكفيهما لمدة شهر كامل. فضلاً عن الحالات التي تتواصل معنا باستمرار طلباً لأدوية أو لإجراء عمليات جراحية أو لتأمين إيجارات منازل".

ويختم قائلاً: "لكن بالرغم من كل هذه الصعوبات، سنكمل رسالتنا بالتعاون مع أهل الخير وأصحاب الأيادي البيضاء، وسنسعى جاهدين للوصول الى هدفنا بمساعدة أكبر عدد ممكن من الناس من المناطق المختلفة ومن جميع الطوائف".