طوني كرم

"الميثاقيّة مصدر غنى للنظام اللبناني وليست لتعطيل المؤسسات"

صفير: الإنتخابات فرصة أساسيّة لبداية التغيير

12 كانون الثاني 2022

02 : 00

الوكالة التي أعطيت للنواب مدتها أربع سنوات فقط...

في خضمّ الشلل المؤسساتي على أبواب الإستحقاقات الدستورية، ومحاولة الإستعاضة عن المؤسسات "المعطّلة" قسراً بـ "حوارٍ" يسعى اليه الرئيس ميشال عون في بعبدا بين رؤساء الكتل النيابيّة، رأى المحامي الدكتور أنطوان صفير أن توقيت الدعوة إلى الحوار ليس مناسباً، في ظلّ تركيز الكتل النيابية والأحزاب اللبنانية على الإنتخابات المقبلة، وما ستفرزه على الأرجح من وجوه وقوى برلمانية على حساب القوى التي دُعيت او قد تشارك في الحوار وربما ستفقد تأثيرها السياسي بعد الإستحقاق، مشيراً إلى أنّ الدعوة إلى الحوار بعد الإنتخابات النيابية أو مع بداية عهد رئيسٍ جديدٍ للجمهورية تأخذ "نكهة مختلفة" من خلال الدور والإطار والنتائج التي يمكن أن تُبَلوَر من خلال المؤسسات الدستورية القائمة وليس عبر الحلول مكانها.

وفي ظلّ التخوّف من الدعوة إلى إنعقاد مجلس الوزراء في غياب "الوزراء الشيعة"، لفت صفير إلى أن الميثاقية تستخدم في غير معناها الأساسي، باعتبار أن الميثاقيّة هي الضمانة لمشاركة فعلية ومتوازنة بين المكونات اللبنانية، أي بين المسلمين والمسيحيين وليس بين المذاهب. مشيراً إلى أن حصر الميثاقية بين المذاهب الطائفيّة يدفعنا إلى الدخول في سياق آخر، بحيث لا يبقى فرقٌ بين مذاهب كبيرة العدد وأخرى صغيرة العدد ما يدفع بأي طائفة معترضة إلى تعطيل المؤسسات، لتصبح بذلك الميثاقية عائقاً أمام الديمقراطية الدستورية عوض أن تكون سنداً لها.

وشدد صفير على وجوب الرجوع إلى الدستور الذي حدد معنى الميثاقية، من دون أن يجعل منها عائقاً، لا بل جعل من الميثاقيّة مصدر غنى للنظام اللبناني وليس لاستخدامها من أجل تعطيل المؤسسات وتحديداً مجلسي النواب والوزراء.

وعن التجاذب الحاصل بين الرئاستين الأولى والثانية حول الدورة الإستثنائية لمجلس النواب وما إذا كان الهدف منها عودة الحصانة إلى النواب الملاحقين في ملف تفجير المرفأ، أوضح أنّ انعقاد المجلس النيابي في دورة استثنائية لا يمكن أن يتمّ إلا بدعوة من رئيس الجمهورية بعد اتفاقه مع رئيس الحكومة حول برنامج واضح يضعه الرئيس في هذا السياق او في حال طلبت منه ذلك الاكثرية النيابية المطلقة، وذلك بخلاف العقدين العاديين لمجلس النواب. مشيراً إلى أنّ الدورة الإستثنائية لا تُسقط الملاحقات القضائية التي حصلت خارج دورة الإنعقاد، والتي تستمر تلقائياً.

أما في ما يتعلّق بالسعي إلى ابتكار أساليب وأطر لإقرار الموازنة بعيداً عن إجتماع الحكومة، وذلك عبر التوجه إلى إقرارها من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة ومن ثم في مجلس النواب من دون المرور بمجلس الوزراء، فأوضح صفير أنّ تخطي الحكومة والتوجه مباشرة إلى مجلس النواب يشكّل خرقاً فاضحاً للفصل بين السلطات في النظام الديمقراطي، مؤكداً أن الممر الإلزامي للموازنة يتم عبر مجلس الوزراء لإقرارها أولاً، ومن ثم إحالتها إلى المجلس النيابي الذي تعود له صلاحيّة مناقشتها والتصديق عليها أو تعديلها. علماً أن مناقشة الموازنة لا تصحّ دون قطع حساب السنة السابقة، والحصول على أرقام واضحة تنطلق منها الحكومة في موازنتها.

ولفت صفير إلى أنّ الجديّة تغيب عن مقاربة ملف التدقيق الجنائي اليوم، وكان من الاجدى طرحه في بداية العهد، ليشمل جميع الوزارات والمؤسسات، إلى جانب مصرف لبنان والمصارف التجارية، والوصول بذلك إلى تحديد المسؤوليات عن الفجوة المالية التي يدفع ثمنها المودع اللبناني اليوم. داعياً المجلس النيابي إلى تمديد مفعول رفع السريّة المصرفية كي تثبت القوى السياسية رغبتها بحصول التدقيق، وإن رفع السريّة المصرفية يأتي في سياق إتمام التدقيق وليس من أجل التسويف وهذا ما لا يجوز أن يحصل إطلاقاً في التشريع حسب قوله.

وفي سياق متصل للتعطيل المستمر للمؤسسات، إعتبر صفير أن الإنتخابات النيابيّة في أيار المقبل يجب أن لا تكون مسار جدل أو تساؤل في أي نظام ديمقراطي، على إعتبار أنّ الوكالة التي أعطيت للنواب ومدتها أربع سنوات، يجب أن تعود للموكِّل، أي الى الشعب اللبناني الذي يقوم بدوره في إعادة إختيار من يراه مناسباً بحسب الأصول المتبعة في القانون الإنتخابي.

ولم يُخفِ صفير حذره من إنعكاس تعطيل إنعقاد جلسات الحكومة على الإستحقاقات المقبلة، على اعتبار أن عدم إجتماع الحكومة يؤكد وجود أزمة سياسية مفتوحة في البلاد، وتشكل عائقاً أساسياً أمام الإستحقاق في حال استمرارها، رغم الارتدادات التي لن تكون سهلة على البلاد وعلى من يسعى الى "تطيير" الإستحقاق الدستوري بحكم التبديل الحاصل في المزاج الشعبي تجاهه .

وإعتبر صفير أنّ الإنتخابات فرصة أساسيّة لبداية التغيير، ويجب أن تكون كذلك من أجل الحدّ من الإنهيارات ووضع برنامج عمل يؤدي إلى تصويب الأوضاع وإلى تقوية الرقابة وإلى تحمّل المسؤوليات وإلى وقف الفساد، بما يتلاءم وقيام الدولة الفاعلة والقوية.


MISS 3