مايا الخوري

سمير يوسف: أتفادى القضايا التي تؤجّج الشارع

14 تشرين الأول 2019

00 : 00

إنطلق الإعلامي سمير يوسف في الموسم السابع من برنامجه "عاطل عن الحرية" (يُعرض عبر MTV) الذي وثّق في مواسمه السابقة أكثر من 100 جريمة ارتكبت في لبنان. والمفارقة في هذا الموسم دعم الفنان معين شريف للبرنامج من خلال أداء شارته. فعبّر يوسف في حديثه إلى "نداء الوطن" عن سعادته بهذه اللفتة الجميلة من الفنان العظيم كما أسماه، وتحقيقه حلمه. لافتًا إلى كلمات الأغنية العميقة التي تمسّ بشعور كل محكوم وهي من كلمات بيار حايك، ألحان أحمد بركات، توزيع وتسجيل كيروز بركات.

البرنامج المستمر بنجاح يحمل وفق يوسف قضية إجتماعية ورسالة توعية يتوجه بها إلى المشاهد، كأي عمل مسرحي أو درامي مشيرًا إلى أنه لم يسع منذ البداية إلى التشويق فحسب، بل إلى أداء دور في تحسين أوضاع السجناء والسجون في لبنان. فقدّم سلسلة قصصية بطريقة سلسة ولائقة وراقية وبصورة جميلة ومضمون مدروس لا يستفزّ أهل الضحية خصوصًا أن مرتكب الجريمة يكون مكروهًا عادة في المجتمع الذي حصلت فيه جريمته.


وأضاف:" سعيت إلى تحقيق تقارب معيّن بين مرتكب الجرم ومجتمعه، من منطلق أن أي محكوم يمكن أن يندم كما يمكن لأي إنسان الوقوع في التجربة نفسها". مشددًّا على الدقّة في العمل والمصداقية حيث يقرأ الملف مرات عدّة قبل بدء التصوير، فيسأل ويبحث، كونه معدّ البرنامج لا المقدّم فحسب، وهذا ما يميّز مضمون برنامجه.

وعمّا إذا كان يتفاعل سلبًا أو إيجابًا مع ضيوفه، قال:" أستمع لكل قصة بموضوعية مهما كان الجرم المرتكب، إذ إن الناس سواسية بنظري، لذا أحترم الجميع. صوّرت قصة مستفزّة متعلقة بجريمة "شرف" إرتكبتها عائلة من 6 أفراد بحقّ ابنتهم، ورغم ذلك يبقى أسلوبي في المساءلة والعتب موضوعيًا ولائقًا من دون استفزاز، كي يرتاح المحكوم ويسرد ما لديه." وقال:"لو لم أكن قريبًا من هؤلاء السجناء، وشعروا بأنني لا أتعامل معهم بفوقية أو إستفزاز أو إدانة، لما صوّروا معي بوجه مكشوف. ربما ساهم إختصاصي المسرحي واطلاعي على علم النفس في إيجاد الأسلوب الملائم لدفع المحكومين إلى كشف معلومات، وبرأيي لما استطاع مقدّم آخر تحقيق ذلك".

هل تتفادى تصوير جرائم معيّنة؟ قال: "صحيح أن كل حلقة مادة دسمة بحد ذاتها يمكن أن تسبب المشاكل خصوصًا إن كشف المحكوم تفاصيل لأول مرّة، إلا أنني أتفادى القضايا التي يمكن أن تؤجج الشارع وسبق أن ألغيت حلقات مماثلة. أختار دائمًا من يرغب في سرد قصّته شرط أن يكون قد صدر الحكم النهائي في قضيته، وبالتالي لا مجال للإعتراض". إلى ذلك منح البرنامج السجناء فرصة ثانية للتكفير عن جرمهم والتعبير عن الندم، لأن السجين برأيي يستحق بعد العقاب وسنوات التأهيل فرصة ثانية للحياة".

وعن الإنجازات التي تحققت بفضل البرنامج قال:"أنهينا ملفات مسجونين منسيين من عائلاتهم مؤمنين لهم محامين وأطباء نفس من دون أي بدل مادي".

وشكر يوسف قوى الأمن الداخلي التي أدّت أهم دور في نجاح البرنامج حينما فتحت باب السجن أمام فريق العمل. موجّهًا تحية إلى جرأة القاضي سمير حمّود حينذاك، والقاضي غسان عويدات حاليًا. مؤكدًّا أن لا وساطة لديه مع المسؤولين، فهو بكل بساطة قد تقدّم بطلب رسمي للتصوير في السجن، لكنه استطاع منذ الحلقات الأولى بناء علاقة ثقة ومصداقية مع قوى الأمن الداخلي خصوصًا أن مادة البرنامج توعوية هادفة، تتلاقى مع أهداف النيابة العامة التمييزية وقوى الأمن الداخلي المشرفة مباشرة على التفاصيل الدقيقة لكل حلقة.


وعن أهمية تجسيد ممثلين محترفين لشخصية المحكومين، قال:" في البداية أدّى ممثلون هواة قصص المحكومين لكنّ مصداقية البرنامج ونجاحه لفت الممثلون المحترفون الذين يبحثون دائمًا عن شخصيات واقعية يجسّدونها، وقصصًا حقيقية. كما أفسح في المجال أمامهم لإبداء الرأي في نهاية كل حلقة عن سبب المشاركة في القصة".

ولم يخف يوسف أهمية إختصاصه المسرحي في نجاح البرنامج إضافة إلى عناصر عدّة منها تولّي المخرج الدرامي دافيد أوريان تنفيذ الحلقات، والإلتزام المهني الإحترافي لفريق العمل كلّه، ما انعكس إيجابًا على مستوى البرنامج ونوعيته.

ورغم أنه تعرّض لمضايقات وتهديدات مرّات عدّة، لم يتوانَ يوسف عن الإستمرار في عرض الحلقات لثقته بالملفات التي يطرح، خصوصًا أنه لم يسع لتبييض صورة القاتل وفق ما قال، بل أفسح في المجال أمامه للتحدث إلى المجتمع.

وعمّا إذا كان يطمح لتقديم برنامج آخر، قال:" لم أشبع منه بعد، خصوصًا أنه يجسّد قضيّة. بعد دخولي سجون هولندا وسلوفانيا، سنكون أوّل وسيلة إعلامية عربية تدخل السجون الإيطالية بهدف الإضاءة على النظام العقابي هناك كمحاولة لإسقاطه على سجون لبنان".

وختم يوسف قائلاً:" سكّتي المهنية واضحة لا أحيد عنها، أعمل وفق ما يمليه ضميري وأرفض أي مضمون سطحي تافه، وفي النهاية الجمهور يحاسب أي برنامج وإعلامي غير صادق في عمله".


MISS 3