إيفون أنور صعيبي

قطاع التأمين... الدولة تعطّل أجهزتها الرقابية

14 تشرين الأول 2019

01 : 11

Insurance or Assurance Concept

منذ أكثر من أسبوعين وقطاع التأمين في لبنان بلا حسيب أو رقيب. نعم، بهذه البساطة والوضوح. قرار إداري يمنع الموظفين من الحصول على رواتبهم بخلاف أية أصول مرعية الإجراء ومن دون سابق إنذار. أما ردة الفعل التلقائية فكانت توقف الموظفين عن أعمالهم وتوقف عمل لجنة مراقبة شركات التأمين وخدمة ICC care عن متابعة شكاوى المواطنين، والتجاوزات والمشكلات التي تتفاقم يومياً في قطاع يطال مئات آلاف اللبنانيين.

للأسبوع الثاني على التوالي، يتواصل إضراب الموظفين والعاملين في لجنة مراقبة هيئات الضمان التابعة لوزير الإقتصاد والتجارة والتي تتولّى مهمّة الرقابة والإشراف على قطاع التأمين في لبنان. يأتي الإضراب على خلفية توقف وزارة المالية خلال الشهر الماضي عن دفع رواتب موظفي اللجنة ومخصصاتها.

مصادر مطّلعة في القطاع أشارت إلى "أن قرار وزارة المالية هذا يأتي بناءً على طلب مديرية الاقتصاد والتجارة تحويل الفائض في الحساب المالي الخاص باللجنة، والذي يقدّر بحوالى 12 مليون دولار، إلى حساب الخزينة العامة. من وجهة نظر وزارة المالية لا بدّ من الاحتكام إلى أحكام قانون المحاسبة العمومية، فضلاً عن نص المادة 73 من قانون الموازنة العامة لعام 2019 والذي يعتبر الوفر الحاصل في كل موازنة ملحقة إيراداً للموازنة العامة ويقتضي تحويله لصالح الخزينة".

بعيداً عن حقوق الموظفين في قبض رواتبهم، تستغرب أوساط متابعة الضجة المثارة حول هذا الموضوع وتصوير ما يجري على أنه استهداف للجنة، في حين أن المسألة لا تتعدّى مجرّد تطبيق القانون والتقيّد بأحكامه. مع العلم أنه وبموجب قانون موازنة 2019 أيضاً، من المفترض أن تلغى جميع الموازنات الملحقة وتدمج بالموازنة العامة وتودع أموالها في حساب الخزينة إعتباراً من موازنة العام 2021، ما يعني أن القضية سوف تطرح عاجلاً أم آجلاً وهي تتجاوز مجرّد تحويل الفائض لتطال وجود واستمرار الحسابات الخاصة بشكل خاص، وهذا الأمر لن يقتصر على الحساب الخاص باللجنة بطبيعة الحال إنما سوف يشمل جميع الحسابات الخاصة العائدة للإدارات الأخرى.

أما مصادر قطاع التأمين فأشارت إلى "أن مصاريف اللجنة يتم تمويلها من رسم مراقبة وهي لا تتمول بأي شكل من الأشكال من الخزينة العامة، لا بل تساهم بتمويل الخزينة من خلال الغرامات التي تفرضها اللجنة على المخالفين. علماً أن شركات التأمين هي التي تسدد هذا الرسم ويمنعها القانون من استيفائه من المواطنين. وبهذا، فإن صفة المال العام لا تنطبق عليه، لا سيما وأن القانون حدد أن استعمال هذا الرسم يجب أن ينحصر فقط بأهداف الرقابة. ولا يمكن بذلك أن يتم تحويل إيرادات اللجنة أو الفائض إلى الخزينة العامة تحت أي ذريعة".

يبقى أن الخاسر الأكبر وسط كلّ هذه المعمعة هو المواطن العادي. فقد أدّى إضراب موظفي اللجنة إلى توقف أعمال الرقابة على قطاع التأمين، فضلاً عن التوقف عن قبول شكاوى المواطنين التي ترد اللجنة بحق شركات الضمان، ما زاد من نقمة المواطنين ومن تفاقم المشكلات مع شركات التأمين. وهذه سابقة لم تحصل إطلاقاً من قبل لجهة تعطيل هذا المرفق العام وإقفال أبوابه وشلّه بصورة كلّية.

في هذا السياق حاولت "نداء الوطن" الاتصال بعدد من المعنيين الا انهم رفضوا التعليق قبل معرفة النتيجة التي سيخلص اليها اجتماع اليوم الذي دعت اليه جمعية شركات الضمان في لبنان(ACAL). في ظلّ هذه التطوّرات المتسارعة، يبدو أن هذا الملف قد فتح على مصراعيه، بانتظار ما سوف يحمله الاجتماع من جديد. وهنا تطرح أسئلة كبيرة، هل ستكون لجنة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية هي الكيانات التالية على المقصلة ليصبح البلد بلا هيئات رقابية فعالة؟