نوري آل حمزة

إیران تُنهي العام 2021 بصعوبة

18 كانون الثاني 2022

02 : 01

الرئيس الإيراني (أ ف ب)

بدأتْ إيران العام 2021، وتحديداً في اليوم الأول من شهر كانون الثاني، بوفاة أحد أكبر مُنظّري نظرية ولاية الفقيه الذي يُدعى آية الله محمد تقي مصباح يزدي.

وبُعيد الانتخابات الرئاسية في شهر حزيران 2021 نصَّبَ المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي المحافظ المتشدّد إبراهيم رئيسي رئيساً جديداً للجمهورية في إيران، بعد الإعلان عن فوزه في الانتخابات. وبذلك بدأ رئيسي عهداً سيُواجه فيه تحديات أزمة اقتصادية وتجاذباً مع الغرب، لا سيما بشأن العقوبات الأميركية والمباحثات النووية، وكذلك حراك الإيرانيين الداخلي والخارجي ضد نظام الحكم، والذي يتوسَّع رويداً رويداً نتيجة عدم توفر المياه الصالحة للشرب والمياه الزراعية، فضلاً عن تفشي البطالة والتضخم وارتفاع مؤشر البؤس في البلاد، وعدم الالتفات لكافة مطالبات الشعوب غير الفارسية.

وتضمَّن خطابٌ تلاه الرئيس إبراهيم رئيسي في مجمع الهيئات المرتبطة بمكتب المرشد وسط طهران، حيث تُقام مراسم التنصيب، تأكيده أنَّ تحسين الظروف الاقتصادية لبلاده لن يرتبط «بإرادة الأجانب». وقال: «نسعى بالطبع إلى رفع الحظر (العقوبات) الجائر، لكننا لن نربطَ ظروف حياة الأمة بإرادة الأجانب». وبدأت حكومة رئيسي مهامها في آب بتشكيلة عسكرية وأمنية حيث معظم منتسبي هذه الحكومة من خلفيات «الحرس الثوري» والاستخبارات.

وخلال العام المنصرم، تم تعيين الجنرال محمد باقر ذو القدر أميناً لـ»مجمع تشخيص مصلحة النظام»، وكان ذو القدر يشغلُ منصب رئيس أركان «الحرس الثوري» سابقاً. والمعروف عن ذو القدر أنه اجتمع في منتصف التسعينات من القرن الماضي بكلّ من أسامة بن لادن، زعيم تنظيم «القاعدة» الإرهابي، وحسن الترابي، أمين عام حزب «الأمة» السوداني، وكذلك عماد مغنية، المسؤول عن شؤون الأمن في «حزب الله» اللبناني، الذي اغتيل في دمشق في العام 2008. وما تمخَّض عن ذلك الاجتماع تجلَّى في تسهيل حركة أعضاء «القاعدة» في إيران واستقرارهم فيها، ومدّهم لوجستيّاً ومخابراتيّاً من قبل «الحرس الثوري»، ولا يزال ذلك الإتفاق سارياً حتّى يومنا هذا.

وصنَّفتْ لجنة حماية الصحافيين العالمية، التي مقرّها في نيويورك، إيران من أكثر دول العالم خطورة للعمل الصحافي. وهناك 11 صحافياً مسجونين في إيران، مِن بينهم صحافيون ناشطون في مجال حقوق الشعوب غير الفارسية، خصوصاً حقوق العرب في إقليم عربستان جنوب غرب إيران.

كما وخلال العام 2021 تُوفي أبو الحسن بني صدر، أوّل مَن تولّى الرئاسة في إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية في العام 1979، عن عمر ناهز الـ88 عاماً. وقد انتُخبَ بني صدر رئيساً في العام 1980، لكنه عُزل بعد 16 شهراً، لأنه تحدّى سلطة رجال الدين المتعاظمة في الدولة. وهرب إلى فرنسا، وانضمّ لفترة قصيرة، إلى جماعة سعت إلى الإطاحة بسلطة رجال الدين.

وخلال العام 2021، وقَّعت إيران عقداً استراتيجيّاً بينها وبين الصين في مجالات عدّة، منها التنقيب عن النفط والغاز وصيانة المنشآت النفطية والغازية والبتروكيماويات، وكذلك الشؤون العسكرية والأمنية والقضاء. كما وقَّع الطرفان على تطوير إدارة الشؤون الثقافية. وبناءً على هذا تعمل طهران على «تشييع» أقلية من المسلمين في إقليم شين جيانغ في غرب الصين، وتحت طائلة الإتفاق مع الصين نقلتْ إيران خلال هذا العام العديد من الشباب الأيغور إلى مدينة قم في جنوب طهران لكي يخضعوا هناك لتعاليم دينية.

وأصبحت إيران في شهر أيلول 2021 عضواً رسمياً في «منظمة شنغهاي للتعاون» خلال مؤتمر القمة الحادية والعشرين للمنظمة في العاصمة الطاجيكية دوشنبه. وكانت «منظمة شنغهاي للتعاون» قد تأسست في شنغهاي العام 1996 بحضور رؤساء: روسیا، الصين، كازاخستان، قرغيزيا وطاجيكستان. وفي العام 2005 انضمت إيران والهند وباكستان إلى المنظمة بصفة عضو مراقب. ومن مهام «منظمة شنغهاي» محاربة القوى الإنفصالية في بلدان أعضاء هذه المنظمة.

وأصبحت التظاهرات في إيران خلال هذا العام أمراً مألوفاً، إذ حدثت أكثر من 50 تظاهرة في شتّى مدن البلاد، حيث نظَّم المعلمون والعمّال والموظفون والمزارعون والطلاب وغيرهم تظاهرات عدّة احتجاجاً على تردّي الأوضاع المعيشية وعدم صرف رواتبهم، ومطالبين برفع سقف الحريات العامة والحقوق السياسية وغير ذلك.

واندلعتْ تظاهرات سلمية واسعة في إقليم عربستان في جنوب غرب إيران، حيث احتجَّ المتظاهرون على نقل مياه نهر كارون، وعدم توفّر المياه لهور الحويزة والأنهار الأخرى، ونقص المياه، وتجفيف الأهوار والأراضي الزراعية في المناطق العربية. حدثتْ معظم هذه الاحتجاجات في عاصمة الإقليم، والخفاجية، والفلاحية، والسوس، وشاوور، والحميدية، وملاثاني، وقلعة جنعان، وميناء معشور، والبسيتين، وكوت عبد الله، والحويزة، والمحمرة، وعبادان، وغيرها من مدن وبلدات وقرى.

وردَّد المتظاهرون السلميون هتافات مثل: «عطشان الشط، رايد مايه» و»باسم الدين باكونا الحرامية» (أي اللصوص سرقونا باسم الدين) و»بالروح، بالدم نفديك يا كارون» و»بالروح بالدم نفديك يا أحواز». في هذه الاحتجاجات يوم الجمعة 16 تموز في الفلاحية ومدن عربية أخرى قُتل عدّة شبان برصاص القوى الأمنية التي دخلت عربستان من طهران عبر مطارات الإقليم، وقُتل مصطفى النعيماوي، وقاسم الخضيري، وعلي مزرعة، وعدد آخر من الشباب المتظاهر، وسقط عدد كبير من الجرحى.

كما نُظمت مسيرة احتجاجية للمزارعين الأصفهانيين يوم الجمعة 19 تشرين الثاني، بشكل كبير وسلمي احتجاجاً على الجفاف وانقطاع المياه، ورحَّب أهالي أصفهان بالاحتجاجات على نطاق واسع وحضرها آلاف الأشخاص، وكانت الاحتجاجات في البداية سلمية وغير عنفيّة، لكن تصاعدتِ الاحتجاجاتُ إلى أعمالِ عنفٍ بعدما هاجمت وحدة خاصة المتظاهرين والمزارعين في أصفهان وأضرمتِ النيران في خيامهم.

وفي اليوم الثاني من الاحتجاجات على سوء إدارة مياه المحافظة في 22 كانون الأول، خرجت تظاهرات في شوارع مدينة شهركورد في وسط البلاد. وكانت الشعارات التي هُتفَ بها خلال التظاهرة هي: «الموت للديكتاتور»، و»الموت للمافيا»، في إشارة إلى مسؤولي النظام الحاكم.

وبموازاة الهجمات التقنية السيبرانية التي تلقّتها المراكز النووية الإيرانية والتفجيرات العديدة التي تلتها في العام 2021، لا تزال المفاوضات النووية في فيينا متعثرة بشكل كبير، حيث هناك مَن يُحذِّر من انهيار المفاوضات، وبالتالي بداية الحرب بين إيران وأطراف أخرى منها إسرائيل.

وأنهت إيران العام 2021 بمقتل سفيرها في اليمن الجنرال حسن إيرلو، القيادي في «فيلق القدس»، والذي يُعدُّ من المقرَّبين من قائد «فيلق القدس» السابق قاسم سليماني ومساعديه في العراق. وكان إيرلو يُعرف باسم عبد الرضا شهلايي في دوائر الأمن و»الحرس الثوري». وقد دخل إيرلو اليمن خلسة، واستقرَّ فيها كي يقودَ الحوثيين من سفارة إيران في صنعاء.

كما كان إيرلو أو شهلايي مطلوباً من قبل أميركا، حيث خصَّصت الولايات المتحدة 15 مليون دولار لمن يُقدِّم معلومات عنه. وبعد مقتل سليماني في الثالث من كانون الثاني 2020 في غارة أميركية مسيّرة في مطار بغداد، ومقتل محسن فخري زادة، مدير القسم العسكري في المشروع النووي الإيراني في 27 تشرين الثاني 2020، يُعدُّ مقتل إيرلو بمثابة ضربة قاتلة في صُلب مشروع إيران التوسّعي.

نـــوري آل حمـــــزة


MISS 3