جاد حداد

التعايش مع الذبحة الصدرية المستقرّة ممكن

19 كانون الثاني 2022

02 : 00

ينشأ مرض الشريان التاجي، وهو النوع الأكثر شيوعاً من أمراض القلب، حين تتضيّق شبكة الشرايين التي تغذي القلب بسبب الصفائح الدهنية والمتكلّسة. تُعرَف هذه الحالة باسم تصلّب الشرايين. يكون ضيق الصدر خلال الجهد الجسدي مؤشراً تقليدياً على اضطراب يُعرَف باسم الذبحة الصدرية المستقرة لأنه يحصل وفق نمط متوقع.

يتعرّض ثلثا المصابين بمرض الشريان التاجي لذبحة صدرية مستقرة، لكنها تتلاشى خلال بضع دقائق بشكل عام. طوال عقود، تجادل أطباء القلب حول أفضل طريقة لمعالجة هذه المشكلة: عملية لإعادة فتح الشريان (قسطرة ووضع دعامة) أو علاج طبي مناسب. يعني هذا العلاج الطبي أخذ الأدوية التي يحتاج إليها المريض لاسترجاع مستويات صحية من الكولسترول وضغط الدم وسكر الدم (إنها العوامل المسؤولة عن زيادة مخاطر تصلب الشرايين).

أعراض الذبحة الصدرية

غالباً ما يشير تعريف الذبحة الصدرية إلى ألم في الصدر بكل بساطة. لكن يضع معظم المرضى هذا الشعور في خانة الانزعاج، لا الألم. يشعر البعض بضغط أو ثقل في الصدر، بينما يشعر آخرون باعتصار أو حرقة في وسط الصدر. أحياناً، يتركّز الانزعاج في الذراع اليسرى أو الكتف أو العنق أو الفك.

تحصل الذبحة الصدرية المستقرة بعد جهد جسدي معيّن مثل المشي السريع أو صعود السلالم أو حتى الإجهاد العاطفي في بعض الحالات، لكنها تتلاشى عموماً خلال بضع دقائق بعد أخذ قسط من الراحة.

في المقابل، تحصل الذبحة الصدرية غير المستقرة من دون سابق إنذار، ولا تتطلب إلا جهداً جسدياً بسيطاً وقد تقع أيضاً في أوقات الراحة أو أثناء النوم. تُعتبر الذبحة الصدرية المتكررة أو المتفاقمة أو تلك التي تدوم لوقتٍ طويل غير مستقرة وقد تشير إلى حصول نوبة قلبية. إذا لم تتحسن أعراضك خلال عشر دقائق، اتصل برقم الطوارئ.

تراكم الصفائح: مشكلة محيّرة


تشتق النزعة إلى الخضوع للقسطرة لمعالجة الذبحة الصدرية المستقرة من فرضية قديمة تبيّن أنها خاطئة. يقول طبيب القلب ويليام بودين، المدير العلمي في شبكة التجارب العيادية في "نظام نيو إنغلاند للرعاية الصحية" ومُحاضِر في المجال الطبي في جامعة "هارفارد": "منذ ثلاثين سنة تقريباً، أجمع الكثيرون على اعتبار تصلب الشرايين مرضاً مستعصياً وتدريجياً قد يعيق في نهاية المطاف شرياناً أو أكثر في القلب، ما يؤدي إلى حصول نوبة قلبية".

يعترف الأطباء اليوم بأن معظم النوبات القلبية تحصل في الشرايين التي تكون مسدودة بنسبة 30 أو 40% فقط، لكنها تشمل صفائح هشة وقابلة للتمزق بلا سابق إنذار. ثم تنشأ جلطة دموية وتعيق تدفق الدم، ما يؤدي إلى حصول نوبة قلبية. هذه الحالة تفسّر السبب الذي يجعل الناس يصابون أحياناً بنوبات قلبية مفاجئة، فلا تسبقها أي ذبحة صدرية تحذيرية. لا تحصل الذبحة فعلياً قبل انسداد شريان تاجي بنسبة 70% على الأقل. يتمتع القلب بقدرة تكيّفية مدهشة، فيُوسّع الأوعية الأصغر حجماً التي تشتق من الجزء الضيق من الشريان.

الأدوية أفضل من القسطرة!

قد يبدو الميل إلى فتح أي شريان ضيق عن طريق القسطرة خياراً مبرراً. لكن تؤكد تجارب كبرى على أن الدعامات لا تفيد المصابين بذبحة صدرية مستقرة أكثر من العلاج الطبي المناسب للاحتماء من النوبات القلبية أو الوفاة.

تسهم الأدوية في معالجة تصلّب الشرايين أو حتى عكس مساره في جميع شرايين القلب، بينما تكتفي الدعامات باستهداف نقاط محددة. كذلك، يكون العلاج بالأدوية أقل كلفة وتتراجع آثاره الجانبية مقارنةً بالخيارات الأخرى. تسمح ثلاث فئات من الأدوية بتخفيف حدة الذبحة الصدرية: حاصرات البيتا لإبطاء ضربات القلب وتخفيف الحاجة إلى الدم، وحاصرات قنوات الكالسيوم والنترات لإرخاء الأوعية الدموية وتوسيعها. لكن لا يمكن توقّع أي تحسّن خلال أيام أو حتى أسابيع. تكشف أحدث النتائج أن أعراض الذبحة الصدرية قد لا تتلاشى قبل مدة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر. لكن تكثر الأدلة أيضاً على تحقيق أفضل النتائج لدى معظم المرضى مع مرور الوقت عبر العلاج الطبي المناسب.

من الطبيعي أن يقلق المصابون بذبحة صدرية مستقرة من التعرّض لنوبة قلبية قاتلة. لكن تكشف الدراسات أن نسبة الخطر تبقى متدنية، فهي تقتصر على 0.4% سنوياً لدى الفئات التي تحرص على معالجة جميع عوامل الخطر، ما يعني الإقلاع عن التدخين، وتبنّي حمية صحية وغنية بالأغذية النباتية، وممارسة الرياضة بانتظام، والسيطرة على الضغط النفسي، فضلاً عن أخذ الخليط المناسب والجرعات الموصى بها من الأدوية.


MISS 3