ما زلنا في لبنان، بالرّغم ممّا نعانيه من أزمات محليّة مستفحلة، نبحثُ عن فسحةِ أملٍ ولو بسيطة، لأنّنا وبطبعنا كلبنانيّين لم نعرفْ يوماً طعمَ اليأسِ. ما زلنا نلهفُ كجمهور كرة السلّة اللّبنانيّة للعبتنا، فنهرعُ إلى الملاعب إن استطعنا، أو نتسمّر أمام الشاشة لنشاهد مباراة تُخرجنا ولو لبضع ساعاتٍ من واقعنا المرير.
في منتصف تشرين الأول الفائت، افتتحَ الإتحاد اللبناني لكرة السّلة دوريّ الأضواء للعبة، وها هي مرحلةُ الذهاب الآن على وشكِ الانتهاء بترتيبٍ لم يُحسبْ له أيُّ حسابٍ، متخطّياً كلّ التوقعات التي بُنيت في مستهلّ الموسم.
ففريق دينامو لبنان الصّاعد حديثاً إلى الدرجة الأولى يتصدّر الترتيب العام، هذا النادي الطموح الذي دعّمَ صفوف فريقه بأبرز اللّاعبين، لم يتعرّضْ سوى لخسارةٍ واحدة خلال مرحلة الذهاب أمام أنترانيك، وهو يحافظ على مركزه كبطلٍ لمرحلة الذهاب بقيادة المدرّب الوطني جاد الحاج.
في المركز الثاني يأتي فريق الحكمة الذي لا نستطيعُ سوى أن نُثني على أدائه وعروضه الرائعَين، فالأخضر يقدّم واحداً من أفضل مواسمه، خصوصاً في ظلّ التناسق الواضح بين لاعبيه الذي استطاع بناءَه المدرب جو غطاس ومساعدَاه جورج عقيقي وجاد مبارك، إضافة الى تميّز صانع ألعابه علي مزهر. الحكمة فاق كلّ التوقعات بعد أن أخرجه البعض في البداية من حسابات المربع الذهبيّ، ولكنّه اليوم يبرهن أنه ينافسُ أيضاً على اللقب، خاصةً أنه لم يتعرّض سوى لخسارتين أمام فريقي دينامو بفارق ثلاث نقاط، وأمام بيروت فيرست بفارق نقطتين.
فريق بيروت فيرست الذي وقّعَ مع المدرب السابق للرياضي أحمد فرّان، تعرّض بدوره لخسارتَين أمام الرياضي حامل اللقب ودينامو، إلاّ أنّ الفارق بالنقاط أبقاه في المركز الثالث بالترتيب. هذا الفريق الطموح ينتظر إلتحاق صانع ألعاب منتخب لبنان وائل عرقجي بصفوفه، واضعاً نصب عينيْه الوصول إلى النهائيات والمنافسة بشكلٍ جدّي على اللقب.
الرابع في الترتيب هو الرياضي بيروت الذي، وبالرغم من الخسارتين اللّتين تعرّض لهما أمام الحكمة ودينامو، إلّا أنّه يبقى بطلَ لبنان الذي يستطيعُ في أيّ وقت أن يكشّرَ عن أنيابه ليفرضَ موازين أخرى، خاصّةً بقيادة المدرّب جورج جعجع الذي يتمتّع بحنكةٍ رياضيةٍ قادته للصعود الى أعلى منصّة التتويج في الموسم الماضي.
في المرتبة الخامسة يأتي فريق أنترانيك الذي لا بدّ لنا من أن نشدّد على أنّه من أكثر الفرق التي قد يتمتّعُ المرء بمشاهدتها، تحت إشراف المدرّب القدير جورج داغر الذي تُرفع له القبّعة بعدما قاد فريقه بجدارة الى تحقيق ستة إنتصارات متتالية، فاستحقّ لقب «الحصان الأسود» الذي يتطلّع لدخول المربّع الذهبيّ وفرض نفسه بين الكبار.
إستطاع فريق هوبس إحتلال المركز السادس بعد أن تغلّبَ على الشانفيل الذي يمكن أن يُطلق عليه لقب الفريق «غير الموفّق» هذا الموسم، فإصابة إيلي رستم وكريم عز الدين، ثمّ إصابات كورونا التي طالت بعض لاعبيه، وبعدها إستقالة المدرّب مروان خليل ومساعده جيلبير نصر، كلها عوامل أثرت سلباً على الفريق، بحيث باتت مهمّته بالوصول الى «الفاينال فور» شبه مستحيلة، كونه لا يملك سوى أربعة إنتصارات، ولم يستطع حتى اليوم خوض أيّ مباراة بفريق كامل.
أخيراً، إنّ المنافسة على البقاء في الدرجة الأولى تدور حالياً بين فرق أنيبال زحلة وهومنتمن وبيبلوس، فالأخير يقدّمُ واحداً من أسوأ المواسم له منذ سنين وهو مهدّد بشكل جدّي بالهبوط الى الدرجة الثانية.
إنها كرة السلة، اللعبة التي باستطاعتها قلب الموازين بمباراة واحدة، فما من نتيجة محسومة على الورق سلفاً، وهذا ما يجعلها أكثر حماساً وتشويقاً يوماً بعد يوم.
سيليـــن سلــــوم (*)
(*) صحافية رياضية