"مرفوض ومدان زج اسم طائفة في الاحتكار زوراً وبهتاناً"

بطيش عن قانون المنافسة الإصلاحي: ثورة ضد تجار الهيكل

02 : 00

لم يعُد سراً القول إننا في نظام اقتصادي تسيطر عليه مجموعات احتكاريّة فاعِلة في البيئة السياسيّة. لسنا في نظام اقتصادي حُرّ إلا ظاهرياً وصورياً كما يؤكد عن معرفة وتجربة وزير الاقتصاد السابق منصور بطيش. ويضيف ردّاً على اسئلة «نداء الوطن» ان المَطلوب والمَنشود أن نُصبِح فِعلاً في نِظام اقتِصادي حُرّ يُحَفِّز المُنافَسة بالأسعار وبجُودة السِلَع والخَدَمات ويُبقي على هَوامِش مَعقولة للرِبح، مُخَفِّضاً بالتالي الأسعار.

ويذكر انه عقب استِلام بطيش مهامه في وزارة الاقتِصاد والتِجارة عام 2019، طالَب مَجلِس الوزراء باستِرداد مَشروع قانون المُنافَسة الذي كان قَد أُحيل إلى مجلس النوَّاب بمَوجب المَرسوم النافِذ حُكماً رقم 1021 تاريخ 24 تشرين الثاني 2007، فتَمَّ إستِردادُه بَمَوجب مَرسوم تاريخ 29 آب 2019

ونظراً للتَطَوُّرات التي شَهِدَتها تَشريعات المُنافَسة دوَليّاً، عَمَدَتْ لَجنة في الوزارة إلى إعادة صياغة مَشروع القانون بَعدَ الأخذ في الإعتِبار مُلاحَظات كُلٍّ مِن لَجنة الأُمَم المتحدة الاقتِصادية لغربي آسيا (الأسكوا) ومنظمة الأمم المتحدة للتجارة (الأونكتاد) ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OCDE) والبنك الدولي ؛ فجَرى تَعديل بَعض المَواد وإضافة مَواد أُخرى لَمْ تكُن مَلحوظة سابقاً.

بالتالي، أصبح، برأي بطيش، مَشروع القانون مُتكاملاً، يتَضَمّن 70 مادّة. وقال: إن فريق منظَّمة التعاون الاقتصادي والتنمية أكد أن المشروع بكامل مندرجاته أصبح بين الأكثَر عدالة وحداثة في المنطقة. ويُذكر أيضاً ان الاتّحاد الاوروبي، وضمن اتّفاق التجارة الموَقَّع مع لبنان، طالب منذ 2008 باقرار قانون للمنافسة، كما ان الفريق الفرنسي المكلف متابعة أزمة لبنان لا ينفكّ يذكِّر بضرورة إقرار هذا القانون أيضاً.

ويوضح بطيش: إنّنا لسنا ضدّ الوكالة التِجارية بل ضدّ حِماية القانون اللبناني للحصريّة خلافاً لمبادئ الاقتصاد الحُرّ في البلدان الغربيّة ولما أصبح سائِداً عالمياً. نحن لسنا ضِدّ الوكيل المعتَمد، لكن نرفض أي التفاف على روحيّة مشروع القانون وإفراغه من مضمونه تحت ضغط «لوبيات» تجاريّة مُتَمترِسة طائفيّاً وسياسيّاً. فاستمرار الحماية سيَنعكس سلباً على النهوض الاقتصادي المرتجى. وكيف يُنادون بالاقتصاد الحُرّ ويمارِسون الحِمائيّة على حساب الناس؟

أيضاً وعلى عكس ما يشاع، التنافسيّة تخدم كُلّ اللبنانيّين ولا يجوز ابداً تخويف المسيحيّين أو أي طائفة أخرى وزجّ الاحتكار بهم زوراً وبهتاناً، سيّما وأن لدى معظم الفاعلين اقتصادياً قدرة عالية على تقديم نوعيّة وجودة وخدمة مميّزة. ويرفض بطيش الحديث عن أنّ الغاء الوكالة الحصرية يضر بمصالح تجار ومستوردين مسيحيّين، مؤكداً ان الغاء التغطية القانونية للحصرية في الوكالة التجارية مفيد لكلّ المواطنين مسيحيّين ومسلمين، ولا داعي لتلطي المُحتكرين بالمذهبية والطائفية. فالتلطي وراء ارادة المسيحيين والمزايدة على انفتاحهم ومواكبتهم لتطورات الاقتصاد الحر، هي مزايدة من قبل حفنة قليلة وتهين المسيحيين الذين لن يثوروا الا كما السيد المسيح على تجار الهيكل.

ويشرح بطيش كيف أن التنافسيّة بحسب أصول وقواعد التجارة تفترض التشاطر بسعر الشراء وليس بسعر البَيع، كما بنوعية الخِدمة وليس بالحمائية عَبر الوكالات الحصريَّة الضارة بالاقتصاد وبمصالح الناس وحقوقِهم. لم يكن للحصرية يوماً أيّ منفعة للاقتصاد الوطني بل هي مصلحة خاصة لقلة من التجار والمستورِدين من كُلّ الطوائف، وضارّة جدّاً بالمستهلكين الذين هم بمعظمهم اليوم مُنهكين بفعل الازمة وتداعياتها.

المطلوب واضح: الغاء الحماية القانونية لحصرية الوكالة التجارية بشكل تام وصريح، وتجريم الاحتكار وتنظيم المنافسة العادِلة في دولة الحقّ والحُرِّيات المسؤولة. ويسأل: هل نحن مستعدون لذلك أم أن الأوليغارشيين لا يزالون الأقوى؟

ويحذر بطيش من محاولات التمييع في اقرار القانون وتغيير بوصلته وافراغه من مضمونه. فهذا جزء من استكمال اساليب العمل نفسها التي اوصلتنا الى انهيار اقتصادي يتحمل جزءاً من مسؤوليته الاحتكار على أنواعه سياسياً واقتصادياً وتجارياً وامنياً ونقدياً، وتحمل وزره الأكبر الطبقات الوسطى والفقيرة لمصلحة اقلية احتكارية في مختلف الميادين عابرة للطوائف والأحزاب.


MISS 3