جاد حداد

Acrimony... ضعف الميزانية واضح

11 شباط 2022

02 : 00

تستحق الممثلة تاراجي ب. هانسون المشاركة في أفضل الأعمال، فهي أثبتت مراراً أنها تجيد تقديم شخصيات قادرة على منحها الجوائز بعد أداء دور البطولة في فيلم Hidden Figures (شخصيات خفية)، ودور البطلة الشريرة في مسلسل Empire (الإمبراطورية). لكن في فيلم Acrimony (المرارة) الذي يحمل توقيع تايلر بيري، تؤدي هانسون دور امرأة سوداء غاضبة وسرعان ما يصبح غضبها الخارج عن السيطرة تهديداً على سلامتها وسلامة الآخرين. تعارض شخصيتها الأفكار النمطية الشائعة حول المرأة السوداء الغاضبة، لكن لا يعني ذلك أنها لا تقدّم شخصية مبتذلة بامتياز. من حسن حظ بيري، تبرع هانسون في إضفاء طابع ترفيهي على أي عمل تشارك فيه.

تتمحور القصة حول مشاعر المرارة والغضب، وتمتلئ الشاشة بعبارة لتعريف عنوان الفيلم وتوجيه الأحداث اللاحقة. بعد مشهد قصير ومتكلف في المحكمة، تدخّن "ميليندا" (تاراجي هانسون) وتتكلم مع الكاميرا مباشرةً حيث يُفترض أن يجلس طبيب نفسي لا نشاهده أمامها. هي تتذكر قصتها على شكل تعليق صوتي وتتكلم عن رجل (ليريك بينت) سلبها حبها وأموالها ومنزل والدتها للقيام بمشروعه العلمي عن الحيوانات الأليفة. حين كان الثنائي يمرّ في أسوأ أحواله، يتغير حظ ذلك الرجل وتعجز "ميليندا" عن تجاوز الماضي فجأةً. سرعان ما يسيطر عليها الغضب.

تدرك هانسون تفضيل بيري للأحداث الدرامية، فقد سبق وعملت معه في أفلام مثلI Can Do Bad All by Myself (أستطيع أن أفعل السوء بنفسي) و The Family That Preys(العائلة المفترسة). في الفيلم الجديد، تستمتع هانسون بالتقلبات المزاجية التي تعيشها شخصيتها، فتتحول من امرأة باردة وحذرة إلى شخصية لا تكف عن الصراخ ومواجهة نوبات جنونية. في أحد المشاهد اللافتة، تثور غضباً ضد الرجل الذي تحبه. هي تجلس على كرسي وتشبك ساقيها وتكتفي بتنفيخ سيجارة. وتزامناً مع تناثر الدخان أمامها، يبدو وكأنها تحترق من الداخل إلى الخارج وتستعد للانفجار في أي لحظة. يُفترض أن يتعاطف معها المشاهدون لدرجة أن يشجعوها بدرجة معينة على أخذ انتقامها.





يفضّل بيري أن تحمل قصصه الأخلاقية مغزىً واضحاً، فيحصل المسيحيون الصالحون على مكافأتهم ويُعاقَب الأشرار في حياتهم. لكن تبدو رسالته متخبّطة في هذا الفيلم. ستُعاقب المرأة التي يُعميها الغضب والهوس، لكنها تحتاج إلى المساعدة بدل إصدار الأحكام عليها. هي تخضع لعلاج نفسي بأمرٍ من المحكمة لسبب وجيه. حين تغادر المحكمة، يسألها أحدهم: "هل سمعتِ يوماً باضطراب الشخصية الحدّية"؟ يُصِرّ بيري على التطرق إلى هذه النقطة ويفضّل أن تتخذ القصة منحىً ميلودرامياً تصاعدياً. لكن يصعب أن يقتنع جميع المشاهدين بهذه التطورات. حتى أن البعض قد يشعر بخيبة أمل كبيرة في نهاية الفيلم، أو ربما يقتنع البعض الآخر بأن "ميليندا" حصلت على ما تستحقه.

في مطلق الأحوال، لا يمكن التأكيد على حصول محاكمة عادلة. قد تكون قصة "ميليندا" متخبطة، لكنها تبقى منطقية أكثر من بعض الجوانب البصرية في الفيلم الذي يبدو مغلّفاً بفلتر بنفسجي اللون يطغى على معظم المشاهد. استُعمِلت عدسة ثلاثية الأبعاد، فبدا الفيلم خافتاً أكثر مما أراده بيري. في المرة الأولى التي ظهر فيها شيك مالي على الشاشة كُتِب فيه مبلغ كبير، كانت الصورة مبهمة لدرجة ألا نشاهد إلا مجموعة كبيرة من الأصفار. تتضح الميزانية المنخفضة في معظم المشاهد لتذكيرنا بأننا نشاهد حلقة طويلة من سلسلة تقليدية. في الوقت نفسه، تُستعمل تقنية الشاشة الخضراء بطريقة شائبة ويوحي أداء الممثلين بأنهم لم يتلقوا التدريب الكافي. كذلك، صُوّرت لقطات عدة في واجهة "بيتسبرغ" البحرية بالطائرة المسيّرة ولا مفر من أن نشعر بأننا نشاهد إعلاناً للسفر.

هل يُفترض أن نُشجّع امرأة ترتكب السوء أم أن حبيبها المسكين كان مجرّد غبي سيئ الطالع؟ نظراً إلى قوة الصراع الداخلي الذي تعيشه الشخصية الرئيسية، ربما لم يعرف صانعو الفيلم حقيقة ما يريدونه. حتى أن سوء تعامل بيري مع شخصية لها صفات أخلاقية غامضة يبدو مفرطاً. وإذا كانت "ميليندا" مريضة نفسياً، يمكن اعتبار المعاملة التي تلقّتها وحشية. في مطلق الأحوال، ستتابع هانسون مسيرتها، لكن حبذا لو تشارك في عمل آخر مع مخرج أكثر براعة.


MISS 3