جاد حداد

All of Us Are Dead... دراما كورية حول محاربة "الزومبي"

14 شباط 2022

02 : 00

ماذا سيحصل إذا تعرّضت مدرستك لهجوم كائنات الزومبي؟ تحاول الدراما الكورية الجديدة All of Us Are Dead (كلنا أموات) على شبكة "نتفلكس" تقديم جواب مفصّل على هذا السؤال. في هذه القصة، تتحول مدرسة "هيوسان" الثانوية إلى سفينة على وشك الغرق حين تتخذ تجربة علمية مساراً مريعاً وتؤدي إلى انتشار كائنات الزومبي بسبب فيروس شائب.

أبطال القصة هم أكثر ما يميّز هذا المسلسل: لن يكون الناجون هذه المرة مشابهين للأبطال الأقوياء والمسلحين والمدربين على قتل كائنات الزومبي، بل إنهم مراهقون مضطرون للإمساك بأقرب الأغراض في محيطهم وصنع سلاح منها في أسرع وقت.

لا يصطحب مخرجا العمل المشاهدين إلى واقع مليء بكائنات الزومبي فحسب، بل إننا سنجلس مع الطلاب ونشاركهم حزنهم وذهولهم حين يخسرون أصدقاءهم ورفاقهم في الصف وأساتذتهم مراراً وتكراراً. لا تبدو هذه القصة الثقيلة صعبة التصديق، فقد جسّد الكاتب تشون سونغ إيل شخصيات المراهقين بطريقة عميقة تسمح بسرد هذه الحكاية المعقدة بأفضل الطرق.

تؤدي "نام أون جو" (بارك جيهو) دور البطلة التي تروي القصة وتتعاون مع صديق طفولتها "لي تشونغ سان" (يون تشان يونغ)، والشاب الذي يعجبها "لي سو هيوك" (بارك سولومون)، ومندوبة الصف المتحفظة والمجتهدة "تشوي نام را" (تشو يي هيون)، فضلاً عن رفاق آخرين، لمحاربة كائنات الزومبي والمتنمرين في المدرسة على حد سواء.

كان اختيار المخرج لي جي كيو للممثلين "غير المعروفين للجمهور" ممتازاً بمعنى الكلمة. يحرص صانعو العمل أيضاً على ألا تطغى تفاصيل القصة على مشاهد الحركة المشوّقة واللقطات المرعبة والمؤثرات البصرية المتقنة. وتجسيداً لعنوان الفيلم، يصطحب المخرجان الجمهور إلى واقع مليء بكائنات الزومبي وينقل المسلسل الأجواء نفسها عبر المؤثرات البصرية. تبدو المدرسة في البداية حيوية وملونة، لكنها تتحول في النهاية إلى مكان باهت ومثير للاشمئزاز ويطغى اللون الأسود على أرجائها تزامناً مع انتشار الفيروس.

عند الحاجة، يصطحبنا صانعو الفيلم أيضاً إلى عالم الزومبي القاتم. تتحرك الكاميرا خلال المواجهة بين كائنات الزومبي والبشر بإيقاع سريع ولا تُركّز على شخصية واحدة، ما يجعل المشاهدة تجربة مزعجة أحياناً. هذه الفوضى تؤثر على الطلاب في القصة والمشاهدين أمام الشاشة، إذ سنتعرف معهم على الناجين والقتلى.




يُستعمل خيار إخراجي غير تقليدي آخر على مستوى إيقاع الأحداث. على مر 12 حلقة (تمتد كل واحدة منها على ساعة تقريباً)، تعرض القصة الأحداث اليومية على شكل فصول متلاحقة. تتكل الحبكة هذه المرة على تحركات الناجين في أنحاء المدينة.

تتمحور القصة حول مجموعة من الطلاب العالقين في مدرسة ثانوية، لكننا سنشاهد أيضاً سياسية وهي تحاول الهرب من مكتبها، وشخصية مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي وهي تحاول استغلال الأزمة لطرح محتويات تحظى برواج واسع، وضابطَين في الشرطة تتفاوت مستويات شجاعتهما ويتنافسان على إيجاد الترياق لإنهاء الأزمة.

هذه الديناميات المختلفة تهدف أيضاً إلى معالجة مواضيع متعددة. بما أن فيروس الزومبي يرتبط في الأصل بتاريخ التنمر، تصبح المدرسة ساحة لاستكشاف التسلسلات الهرمية في الطبقات الاجتماعية.

بالنسبة إلى الطلاب القدامى في مدرسة "هيوسان" الثانوية، لن تكون نهاية العالم الوشيكة بسبب كائنات الزومبي على رأس أولوياتهم. مع اقتراب موعد امتحانات الدخول إلى الجامعة، تتذمر الطالبة "بارك مي جين" من الوضع أثناء تدرّبها على تقنيات قتل الزومبي قائلة: "يستحيل أن أدخل إلى الجامعة حتى لو بقيتُ على قيد الحياة"!

على صعيد آخر، تشكّل المقارنة بين طريقة تعامل مجلس الشيوخ مع هذه الأزمة وأثرها على الطلاب عالماً مصغراً حول تعاطي السلطات مع الظروف الكارثية. لكن تتخبط الحبكة في هذا المجال بالذات للأسف. يحاول المسلسل في معظم الأوقات أن يعرض أفكاراً مفرطة، ويتعامل مع خطّين سرديَّين منفصلَين يشملان حَمْل المراهقات والاعتداء الجنسي على مر حلقات عدة. لكن لا يُخصّص المسلسل وقتاً كافياً لأي من هذه القصص، ولا يقدم استنتاجات مهمة عنها، ولا يوصل الشخصيات إلى نهاية ذات طابع إنساني بما يكفي.

في هذه الفئة من الأعمال التي اعتادت في هوليوود على تقديم قصص مثالية عن الأبطال الرجال الذين يقتلون كائنات الزومبي ويمنعون نهاية العالم، تقدم كوريا الجنوبية بكل شجاعة قصة صمود لافتة. يتنقل العمل بين الأحياء والأموات ويعطي الأثر المنشود عبر التركيز على الفكرة القائلة إن قدرة التحمل ليست مرادفة للقوة دوماً، بل إنها تشتق أحياناً من مبادرات لطيفة ومتكررة.


MISS 3