جاد حداد

The Best of Enemies... لا يخدم القصة الأصلية

22 شباط 2022

02 : 00

يتمحور فيلم The Best of Enemies (أفضل الأعداء) حول الناشطة السوداء الجريئة "آن أتواتر" (تاراجي ب. هنسون) التي تتصادم مع "سي بي إيليس" (سام روكويل)، عضو مرموق في فرع منظمة "كو كلوس كلان" في شمال كارولاينا، على خلفية موضوع اندماج الطلاب في المدرسة. يتشارك هذا الثنائي رئاسة اجتماع حيث يُحدد تصويت الأغلبية مصير طلاب سود من شرق دورهام اضطروا إلى ترك مدرستهم الأصلية بعد اندلاع حريق فيها. يصبح "إيليس" و"أتواتر" من أعز الأصدقاء في نهاية المطاف. لن نشاهد هاتين الشخصيتين معاً في نهاية القصة فحسب، بل إننا سنعرف أيضاً أن "أتواتر" ألقت خطاب التأبين في جنازة "إيليس" لاحقاً.

لكن يُركّز هذا الفيلم على حياة الشخصية البيضاء بكل وضوح. سنتعرّف مثلاً على عائلة "إيليس"، ورفاقه في المنظمة التي ينتمي إليها، ومحطة البنزين التي يملكها، أكثر ممّا نتعرف على ابنة "أتواتر" أو الطلاب النازحين أو أي شخصية سوداء أخرى باستثناء "بيل ريديك" (بابو سيزاي)، الرجل الذي يشرف على الاجتماع المصيري. كذلك، قد نمضي وقتاً مطولاً في الحانة العنصرية التي يجتمع فيها أعضاء "كو كلوكس كلان" للدردشة أكثر ممّا نشاهد المدرسة المتضررة حيث يضطر الأولاد السود إلى حضور الحصص رغم انتشار الدخان فيها. في الوقت نفسه، يخصص الإنتاج جهوداً سينمائية كبرى للتذمر من خسارة 650 غالوناً من الغاز في مكان عمل "إيليس" بدل التركيز على الظروف المزرية التي يتحمّلها المواطنون في شرق دورهام لأن أصحاب الأراضي والسياسيين في هذه المنطقة متواطئون مع جماعة "إيليس".



تبدو طريقة تعامل المخرج روبن بيسيل مع دور "إيليس" في منظمة "كو كلوكس كلان" مشبوهة جداً. من الطبيعي أن يستعمل "إيليس" ورفاقه عبارات عنصرية بغيضة ويرفضوا اختلاط الناس من انتماءات عرقية مختلفة، لكن تستهدف أعمال العنف التي تخطط لها المنظمة نساءً من أصحاب البشرة البيضاء في كلّ مرة. تكون إحدى الضحايا امرأة مرموقة من "محبّي السود"، فيتعرض منزلها لإطلاق النار بحركة بطيئة هوليوودية، لكن لا تصيبها أي رصاصة طبعاً. يبدي "إيليس" استعداده للمشاركة في هذا النوع من الأحداث، لكنه لا يشارك في الحادثة الثانية. تتعرض الضحية الأخرى للتهديد بالاغتصاب والقتل ما لم تصوّت ضد قرار دمج الطلاب. ويجبرها أعوان "إيليس" على التفوّه بعبارات عنصرية مشينة تزامناً مع التحرش بها، ثم تضطر في النهاية للتصويت لصالح قرار يتعارض مع رغباتها الحقيقية. لا يشارك "إيليس" أيضاً في الحادثة التي يقوم فيها أعوانه بتهديد طبيب بيطري فيتنامي لا يوظّف إلا أصحاب البشرة السوداء، بمن فيهم زميل له يتولى إدارة المتجر. كان تورط "إيليس" في أي أعمال قذرة لمرة واحدة فقط مقصوداً.

في غضون ذلك، لا تكف "آن أتواتر" الغاضبة عن الصراخ في وجه جميع أصحاب السلطة لإجبارهم على سماع صوتها، حتى أنها تذهب إلى حدّ التعارك مع أسوأ المرتكبين. (هذا الحدث ليس مفتعلاً، فقد كانت شخصية "أتواتر" الحقيقية معروفة بهذه التصرفات، وتقدّم هنسون أفضل أداء لها في هذه المشاهد بالذات). لكننا لن نتعرف على جوانب أخرى من شخصيتها بل ستبقى امرأة غامضة في القصة التي يُفترض أن تروي تجربتها الشخصية. حين يطالب ابن "إيليس" بغرفة خاصة به كي يتمكن من تحسين أدائه، تعقد "أتواتر" اتفاقاً مع ممرضة سوداء تعرفها في المستشفى بلا مبرر. بعد إجراء الأبحاث اللازمة حول هذه الحادثة، تبيّن أن السيدة "أتواتر" الحقيقية وصفت نشاطاتها يوماً كعملية مبنية على إعطاء الآخرين ما يريدونه قبل إبلاغهم بما تريده منهم. كان يُفترض أن يجسّد الفيلم هذه الفلسفة لكنه لا يفعل.

تقدّم هنسون أفضل ما لديها رغم ضعف دورها، لكنها ليست الممثلة الوحيدة التي لا يعطيها الفيلم حقّها. تؤدّي آن هيشي دوراً باهتاً أيضاً وتقدم شخصية زوجة "إيليس" التي تكون صوت المنطق في حياته. هي تغادر المنزل لمقابلة "أتواتر" في المشهد الوحيد الذي يسمح لهنسون بالتلاعب بدورها وإضفاء طابع أعمق على الشخصية التي تقدّمها. لكن يصادف طبعاً أن يمرّ أعضاء من منظمة "كو كلوس كلان" بالقرب من منزل "أتواتر" في اللحظة التي تخرج فيها زوجة "إيليس" ولن يروق لهم هذا الحدث حتماً.

لا شيء يبرّر طريقة تقديم الأحداث في هذا الفيلم. يمتدّ العمل على 135 دقيقة، وهي مدّة كافية للتركيز على قصة السود، ومع ذلك يمتنع صانعو الفيلم عن تسليط الضوء على هذا الجانب ويبقى العمل ناقصاً في مضمونه.


MISS 3