يختصر عنوان مسلسل Devotion, A Story of Love and Desire (الإخلاص: قصة حب ورغبة) فحوى الحكاية التي يقدّمها. يتألف هذا المسلسل الإيطالي من ست حلقات ويتطرق إلى تجارب ومِحَن ثنائي متزوج يتمزق بين الحب والرغبة.
سرعان ما تدفع حادثة مريبة بالثنائي إلى إعادة تقييم خياراته في الحياة، ثم تتلاحق الأحداث المزعجة التي تتراوح بين محاولات الحفاظ على تماسك العلاقة الزوجية وفصل الزوجَين عن بعضهما.
تجتمع هذه العوامل لتقدّم مسلسلاً فيه بعض النقاط البارزة لكنه يتعثر في نهاية المطاف ولا يعطي الأثر المنشود، إذ تتفوق أعمال كثيرة أخرى عليه.
تتعلق أبرز مقارنة مع مسلسل Scenes From A Marriage (مشاهد من زواج) على شبكة HBO، لكن يتخذ هذا العمل منحىً مباشراً ومتوقعاً رغم نهايته الغامضة.
تتمحور القصة حول زوجَين يعيشان الحياة التي يريدانها ظاهرياً. يعمل "كارلو" الجذاب كأستاذ في إحدى مدارس ميلانو. يحظى هذا الرجل باحترام زملائه وطلابه على حد سواء، وهو كاتب إلى جانب مهنته الأصلية، مع أنه يعجز عن الكتابة في الفترة الأخيرة.
في المقابل، تعمل "مارغريتا" كسمسارة عقارات لكنها تعود وتقع في غرام الشقة التي يُفترض أن تبيعها.
في نهاية الحلقة الأولى، تُمهد حادثة بين "كارلو" وطالبته "صوفيا" لدوامة من انعدام الثقة والأكاذيب والرغبة في فرض السيطرة.
سرعان ما يجد "كارلو" و"مارغريتا" نفسَيهما في مستنقع شائك، فلا يعودان واثقَين مما يريدانه في حياتهما. تستمر هذه الأجواء على مر الحلقات الست، فتنقسم مدة العرض بين الشخصيتَين الرئيسيتَين ورحلتهما المتزامنة.
يمضي "كارلو" و"صوفيا" المزيد من الوقت معاً، وتصادق "ماغريتا" خبير التدليك الذي تقصده "أندريا". تُمهد هذه العلاقات للأحداث اللاحقة، ويحمل المسلسل بعض الجوانب اللامعة لكنه يقع في فخ الخيارات الإخراجية الغريبة التي تُجرّده من عناصره الدرامية.
في الحلقة الثالثة مثلاً، يخوض "كارلو" و"مارغريتا" شجاراً قوياً في المنزل. لكنّ الكاميرا تبتعد عن الحدث وتصوّر نافذة بينهما، ثم نشاهد الثنائي وهو يتشاجر على وقع أغنية بوب ويقوم الزوجان بحركات مبالغ فيها بأيديهما.
لا مفر من ملاحظة الشبه مع مسلسل Scenes from a Marriage الذي يحمل الأجواء نفسها ويستعمل عبارات سامة وتعليقات بغيضة بين الزوجين، لكن كان تأثيره أقوى بكثير من المسلسل الجديد.
يحمل هذا العمل أيضاً مشاكل واضحة في إيقاع الأحداث، لا سيما في عدد من الحلقات الوسطى. تتضح المشكلة في الحلقة الرابعة تحديداً، إذ تحتاج الحبكات الفرعية والقصص المطروحة إلى المزيد من التماسك. تشكّل الموسيقى التصويرية المستعملة عائقاً آخر. بما أن الموضوع الأساسي يتمحور حول الزواج والخيانة والرغبات ومشاعر الغضب، يسود تنافر غريب بين هذه الأفكار وبعض الأغاني المنتقاة في مشاهد كثيرة.
لكن مقابل كل لحظة شائبة، تظهر لحظة لامعة. في مرحلة متقدمة من الأحداث، يُشبّه "كارلو" و"مارغريتا" وضعهما بالموسيقيين على متن سفينة "تايتنك"، حين كانوا يعزفون أثناء غرقهم. إنه تشبيه دقيق ومناسب لأفكار المسلسل ويستحق الكتّاب الإشادة على هذه الاستعارة.
يمكن اختصار القصة كلها بهذه الفكرة: إنها حكاية مليئة باللحظات المؤثرة وتكثر فيها الجوانب الميلودرامية. لكن يهدر العمل أفضل عناصره وتتخلله بعض اللحظات المميزة والمشاهد اللافتة.
في النهاية لا يمكن اعتبار المسلسل سيئاً، إذ يسهل تحديد إيجابياته وسلبياته، لكن يصعب أن يصبح من الأعمال التي تؤثر بالمشاهدين بعد انتهاء الحلقة الأخيرة.
