ريتا ابراهيم فريد

"قلوب صغيرة" تحارب التشوّهات الخلقية

Brave Heart مستمرّون رغم الأزمات والعلاج لا ينتظر

3 آذار 2022

02 : 00

أمراض القلب الخلقية هي تشوّهات في القلب تنتج عن نموّ غير طبيعي للقلب، يظهر مع الطفل عند ولادته. وإذا تُرك من دون علاج، يشكّل السبب الرئيسي لوفاة الطفل في عامه الأول.

وفي ظلّ الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها لبنان اليوم، باتت التحدّيات أكبر. فالأزمة انعكست بشكل خاصّ على القطاع الطبي في معظم مجالاته، بين النقص في المستلزمات الطبية، بالتوازي مع صعوبة تأمينها بالعملة الصعبة، وبين الغلاء المعيشي الذي يدفع بالبعض الى تأجيل زيارتهم للطبيب بسبب عدم قدرتهم على دفع التكلفة. كل ذلك ساهم في ازدياد نسبة الخطورة على حياة هؤلاء الأطفال.

ويعرف أنّ شباط هو الشهر العالمي للتوعية حول أمراض القلب الخلقية. وفي هذا الإطار، أطلقت جمعية "Brave Heart" مبادرات ومسابقات لافتة، علماً أن نشاطاتها لا تقتصر فقط على هذه الفترة من السنة. فالجمعية أخذت على عاتقها مسؤولية الاهتمام بهؤلاء الأطفال ومساندة قلوبهم الصغيرة على الصمود في وجه كل التحدّيات بهدف الوصول الى الشفاء المرجو.

"Brave Heart" التي يديرها متطوّعون من عائلات عايشت تجربة مرض القلب الخلقي، تأسّست في العام 2003 في مركز قلب الأطفال التابع للمركز الطبي في الجامعة "الأميركية في بيروت". وهدفها الأساسي "الوصول إلى اليوم الذي لا يتوفّى فيه أي طفل من مرض القلب بسبب العوز".

"نداء الوطن" تواصلت مع السيدة جومانا غندور عطالله، وهي شريك مؤسّس ورئيسة مجلس إدارة الجمعية، التي تحدّثت عن صندوق للتبرّعات أنشأته "Brave Heart" من أجل مساعدة الأسر المحتاجة على تأمين نفقات علاج أطفالها أو تكاليف العمليات الجراحية، مشيرةً الى أنّ الجمعية ساهمت منذ تأسيسها في تغطية تكاليف جراحات أنقذت أكثر من 4300 طفل محتاج.

مع الإشارة الى أنّ هناك 35 نوعاً من تشوّهات القلب، لكنّ هذه العيوب يمكن تصحيحها أو تحسينها بالعمليات الجراحية أو الإجراءات العلاجية، ومعظمها يمكن الشفاء منه. وتلفت عطالله الى أنّ "نسبة الشفاء في المركز تصل الى 98%"، وتضيف: "لا يمكن للأهل الذين يحتاجون الى المساعدة أن يبحثوا لأشهر عدّة من أجل تأمين المبالغ اللازمة. فالوقت مهمّ جداً، ومن الضروري أن يتلقى الطفل علاجه في الوقت المناسب. وأي تأخير قد يتسبّب له بمشاكل صحية أخرى، منها عدم وصول الأوكسجين الى الدماغ".

محاولة مستمرّة لابتكار الحلول

إنتشرت خلال الأيام القليلة الماضية أخبار عن نقص شديد في عدد أطباء جراحة قلب الأطفال في لبنان. وتقول جومانا في هذا الصدد: "بعض الأطباء المتخصّصين بالعمليات الجراحية في القلب لدى الأطفال اضطرّوا للأسف الى مغادرة لبنان، وبعضهم غادر بشكل موقّت وسوف يعود، لكن في المقابل نحن مستمرّون. صحيح أنّ هناك طبيباً متخصّصاً واحداً في مركز قلب الأطفال في الجامعة الأميركية، لكنّ هذا الطبيب يحاول قدر الإمكان أن يقسم وقته بين عدّة مستشفيات، مع التشديد على أنّ التعاون دائم بينها، بحيث تكون الأولوية دوماً لمصلحة الأطفال".

وشدّدت على أهمية تجنّب تأجيل العلاج قائلةً: "للأسف إن لم يحصل التدخّل الطبّي في الوقت المناسب، سيتعب قلب الطفل بعد سنوات قليلة وقد يتسبّب بوفاته. لكن يمكننا تجاوز ذلك وإنقاذ حياة الأطفال، علماً أنّ هناك نقصاً كبيراً في المعدّات والمستلزمات التي تحتاجها العمليات الجراحية. الأمر ليس سهلاً، فكلّ المجالات الطبية تعاني، لكننا نحاول يومياً أن نجد الحلول كي نستمرّ".

كيف يمكننا تحمّل خسارة حياة طفل؟في جولة على مواقع التواصل الإجتماعي التابعة للجمعية، يمكن تلمّس إيجابية كبيرة في معظم المنشورات، لا سيّما تلك التي تترافق مع صور وفيديوات للأطفال. هُنا لا يمكن وصف جمالية الفرح الذي يظهر على وجوه هؤلاء الصغار الذين يحاربون مرضهم بإصرار وأمل.

هذا وتطلق الجمعية نشاطات دائمة ومسابقات للمساهمة في التوعية من جهة، وفي جمع التبرعات من جهة أخرى. وعن نسبة التفاعل تقول جومانا: "الناس كتّر خيرن بعدن عم يجرّبوا يساعدوا رغم كل شي"، لافتةً الى "الواقع الصعب الذي نعاني منه جميعاً، فمن الطبيعي أنّ التبرّعات تقلّصت ولم تعد كالسابق. لكن بالرغم من ذلك مستمرّون بالنشاطات وبحملات التوعية". وتسأل: "كيف يمكننا أن نترك هؤلاء الأطفال؟ طالما قادرين رح نضل نساعد".

وبالرغم من أنّ الظروف الاقتصادية الصعبة انعكست على غالبية شرائح المجتمع، إلا أنّ أصحاب القلوب البيضاء والأيادي الخيّرة، "بعدن كتار"، كما تؤكّد جومانا، وتضيف: "إذا اجتمعنا على تأمين المبلغ، يمكننا أن ننقذ طفلاً من الموت. فالعام الماضي، تكفّلت الجمعية بعلاج 115 طفلاً، كما ساهمنا في تغطية تكاليف أكثر من ألف ومئة علاج". وختمت بالقول: "الأطفال هم الأمل والمستقبل. كيف يمكننا أن نتحمّل خسارة حياة طفل فقط لأنّنا عاجزون عن تأمين تكلفة العملية الجراحية؟ وهي غالباً لا تتجاوز الـ5 آلاف أو 10 آلاف دولار".

هناك طفل من أصل 100 طفل يشخّص بمرض القلب عند الولادة عالمياً. وفي لبنان، كل 12 ساعة يولد طفل يعاني من مرض في القلب يحتاج الى تدخّل طبّي فوري للبقاء على قيد الحياة.