مايا الخوري

ريم نعوم الخازن: أسعى لاستمرارية مسرح الطفل اللبناني

12 آذار 2022

02 : 00

في ظلّ غياب كليّ لبرامج الأطفال عن الشاشات المحلية، وشبه كليّ لمسرح الأطفال، تتحدّى معدّة ومقدّمة برنامج ومسرح "kazadoo" ريم نعوم الخازن هذا الواقع في عرض مسرحي أسبوعي " Sale Sucre Sante" رغبة منها في استمرار مسرح الطفل اللبناني الذي ينازع بسبب الأوضاع الإقتصادية والسياسية في البلاد. عن مسرح الأطفال وغياب البرامج المخصصة لهم، ونشاطها تتحدث إلى "نداء الوطن".

ما سبب خلو الشاشات المحلية من البرامج المخصصة للأطفال؟

لم تعد المحطات مؤمنة بما يسمّى برامج الأطفال، لأنها تفضّل تخصيص موازنة لإنتاج برنامجٍ خاص بالكبار يكون مردوده المادي أكبر. كما يهمّها توافر راعٍ للبرنامج في ظل الوضع الإقتصادي المالي الصعب في السنوات الأخيرة.

ألم تحظَ برامج الأطفال بجماهيرية واسعة في السنوات الماضية؟

تابع جمهور عريض مسرحنا وبرنامجنا خلال 8 سنوات، فحلّ "كازادو" وفق الإحصاءات في المرتبة الأولى طيلة فترة عرضه. قدّمنا مضموناً غنياً جداً وعملنا على تغيير الديكور والأكسسوارات والشخصيات والمواضيع شهرياً لئلا نقع في التكرار والروتين، لكن المشكلة الوحيدة التي واجهت إستمراريته هي مادية فقط لا غير.

عُرضت في السنوات الأخيرة برامج يتنافس فيها الأطفال في الرقص والغناء، ألا تغطّي نوعاً ما غياب البرامج الأخرى؟

برأيي ليست تلك البرامج مخصصة للأطفال، بل هي محاولة للإستفادة منهم بهدف تحقيق غايات ومصالح خاصة، وهي تنعكس سلباً عليهم. لذلك من المهم توافر ما هو مخصّص لفئتهم العمرية، ويسير بتوازٍ مع نموّهم واهتماماتهم التكنولوجية، فلا نعيدهم إلى العصر الحجري، إنما نقدّم مادة تشبه يومياتهم ولهجتهم وطبيعة حياتهم. من جهة أخرى، تلقينا رسائل كثيرة من مغتربين لبنانيين طالبوا ببرنامج خاص باللهجة اللبنانية لأن من يهاجر يخسر لغته الأم.

لا تزال البرامج القديمة مثل "كيف وليش" و"ton amie Liliane" وميني استديو" مطبوعة في ذاكرة طفولتنا، ما أهمية برامج الأطفال في صقل أفكارهم ومواهبهم؟

لا يمكن مقارنة الماضي بالحاضر، حينها لم تتوافر المحطات الفضائية التي تقدّم خيارات كثيرة، لذلك عاشت تلك البرامج في ذاكرتنا. أحارب راهناً من أجل الإستمرار في التلفزيون والمسرح، لأن جمهور الصغار يتمتع بخيارات واسعة تقدّمها المحطات الفضائية. إلى ذلك، نجحت برامج الماضي بفضل براءتها وبساطتها، ولأنها تشبهنا ترسّخت في عقولنا.

أي تحدٍ تواجهين لإرضاء ذوق الأطفال المنفتحين على قنوات العالم؟

أواجه تحدياً كبيراً وصعباً لإرضاء ذوقهم، لأن لا مجال للمقارنة بين ما أقدّم والبرامج الأجنبية ذات الإنتاجات الضخمة. إنما ذلك يحفّزني على التجديد والتنويع لئلا أقع في الروتين. من جهة أخرى، أواكب دائماً إهتمامات طفلتيْ، فهما جمهوري الأول الذي يسمع الأغاني التي أؤلفها، وأكتشف من خلالهما ما إذا كان جمهوري الكبير سيحبها ويحفظها بسهولة.



ما سبب حرصك على تقديم موضوع توجيهي تثقيفي في كل عمل مسرحي؟

أحاول إختيار مواضيع جديدة تحمل رسائل معينة. قدّمت مسرحية عن اعادة التدوير وعن التنمّر والمشكلات في المدارس وأهمية الأساتذة والأهل في هذا الإطار وعن الحياة الكشفية وأغانيها، وعن حسن السلوك والتصرّف. وتحدّثت مسرحيتي الأخيرة عن أهمية الطعام الصحي في النموّ السليم وأهمية ممارسة العادات الصحية كالرياضة. أكتب حالياً مسرحية لفصل الربيع، وبعدها يأتي مهرجان الصيف الذي أجمع فيه أغاني الأطفال الأكثر رواجاً عبر صفحات التواصل الإجتماعي وذلك لمواكبة إهتماماتهم العصرية.

استهلك الأطفال ساعات طويلة أمام الشاشات في فترة الحجر المنزلي، كيف واكبت تلك المرحلة؟

إلتزمت خلال تلك الفترة بالتفاعل الإيجابي مع أولادي على صعيد الألعاب والمهارات اليدوية بحضور شخصيات من برنامجي، ومشاركة جمهور "كازادو" بتلك النشاطات التي عُرضت يومياً عبر المنصات الإلكترونية. حققت تلك الفيديوات نسبة مشاهدة مرتفعة، ربح من خلالها المشاركون الهدايا، فكانت تجربة جميلة جدًا.

يستمرّ مسرحك منذ 10 سنوات بالزخم نفسه، لكننا نمرّ بظروف إقتصادية وإجتماعية صعبة، فكيف تصمدين؟

أعمل في مجال آخر من أجل دعم مسرحي وتأمين إستمراريته خصوصاً أن كلفة تنفيذ المسرح حالياً أعلى بكثير من السابق، لكنني لا أريد التوقّف. أسعى إلى زيادة العروض خارج لبنان من أجل استمراريته واستمرارية مسرح الطفل اللبناني من خلاله. يدعمني راعيّ "كيلوغز" معنوياً ومادياً، ويدفعني إلى التقدّم بشكل غير مباشر. إلى ذلك، أستمرّ بفضل العائلات التي تحضر أولادها إلى المسرح. أقدّر كثيراً خطوتها هذه لأنني أراها حافزاً إضافياً للإستمرار.

معدّة ومنفذّة لـ"kazadoo"، هل تستعينين بخبراء في علم نفس الأطفال قبل تقديم العرض؟

يقرأ صديقان النص بعد إنجازه، بهدف التأكد من إيصال الرسالة بطريقة صحيحة لا تتضمن ما يؤذي مشاعر الأطفال أو كلمات لا يجوز قولها على المسرح. نحرص على عدم جرح مشاعرهم من دون انتباه لأنهم يتأثرون كثيراً، فيتلقون الرسالة بشكل إيجابي وبسيط وواضح.

لافت هو تفاعل الأطفال في صالة المسرح مع عروضك، وكأنّك متنفّس لهم بعد أعوام الحجر؟

تابعت مسرح الأطفال منذ نعومة أظفاري لذلك أعلم جيداً أهميته لجهة التفاعل مع الشخصيات على الخشبة. قررت بعد خبرة طويلة تطبيق ما أقوم به عبر الشاشة في المسرح، للإجابة على تساؤلات الأطفال حول حقيقة وجود تلك الشخصيات التي يحبّونها. أفسحنا في المجال أمامهم للتواصل والتفاعل معنا، حتى لا يكونوا مجرّد متلقّين في الصالة. لذلك تتضمّن المسرحية نشاطات تفاعلية عدّة، لئلا يملّ الطفل والأهل على حدّ سواء، بل على العكس نراهم يشعرون بالمرح والتسلية في المشاركة بالنشاطات والألعاب على الخشبة، ما يفرح الأطفال الفخورين بنجاح أمّهم بتنفيذ المهمة أمام الجميع.

أي رسالة توجّهين مع اقتراب يوم الطفل العالمي؟

مرّ الأولاد بفترة صعبة جداً، سنكتشف تبعاتها تدريجاً، كما سنكتشف المشاعر التي خبروها في السنوات الماضية، سواء الخوف أو القهر أو العذاب. بيّنت الدراسات الأخيرة أن انفتاحهم على المجتمع الذي حرموا منه طيلة 3 سنوات بسبب الحجر، سيكشف مدى تأثرهم بالكبت الذي عانوا منه في خلال الفترة التي كان يجب أن تكون أجمل أيام طفولتهم. لذلك علينا أن نكون واعين لكيفية التعامل مع الموضوع ومواكبته بالطريقة السليمة.


MISS 3