يوسف منصور

دخان الثورة في سماء بعلبك... "دَعْوِس يا شعبي دَعْوِس"

19 تشرين الأول 2019

01 : 51

بعلبك

في وقت كان يستعد فيه "حزب الله" لقطع الطرق الرئيسية في بعلبك والطريق الدولية من حربتا شمالاً حتى رياق، وتحويل السير باتجاه واحد بدءاً من ظهر أمس الجمعة، تمهيداً لمسيرة الأربعين في ذكرى كربلاء والإمام الحسين الذي خرج لطلب الإصلاح وثائراً على الظلم، لم تلاحظ مشاركة أي من جمهوره في قطع الطرق والتظاهرات التي عمت مدينة بعلبك وكل المناطق البقاعية منذ مساء الخميس إحتجاجاً على الأوضاع المعيشية، التي يقال إن "الحزب" فيها مع الشعب ويرفض أي ضرائب تطاول المواطنين.

حال الأوضاع الإقتصادية في لبنان ككل والبقاع خاصةً، دفعت العشرات من المواطنين عبر دعوات عفوية وعبر مواقع التواصل الإجتماعي للنزول إلى الشوارع وقطع الطرق الرئيسية، تعبيراً عن رفض ما وصلت إليه الأمور، والضرائب الجديدة التي تطاول جيوبهم من محروقات وخبز وإتصالات، وما يلاحقهم من وقوف على أبواب المستشفيات وعدم القدرة على تسجيل أبنائهم في المدارس.

ووسط مشهد الدخان الأسود الذي غطى سماء مدينة بعلبك منذ مساء الخميس، إستفاق أهالي المدينة على قطع الطريق الرئيسي عند دوار الجبلي في محلة دورس الذي يربط البقاع الشمالي برياق وزحلة، واستمر حتى أمس الجمعة، حيث نزل عشرات الشباب إلى الشوارع رافعين شعارات تطالب بإسقاط النظام والسلطة وإعادة الأموال المنهوبة، وسط إنتشار أمني للجيش الذي يقيم بطبيعة الحال نقطة عسكرية في المحلة منذ سنة تقريباً، وقُطع الطريق بشكل كامل.

وعلى وقع الأغاني الوطنية وصيحات "دَعْوِس يا شعبي دَعْوِس عالحكومة وعالمجلس"، "الشعب يريد إسقاط النظام" تجمهر عشرات الشباب في محلة دورس رافضين الكلام المنسوب إليهم، على أن التظاهرة هي لأجل الـ 6 دولارات التي فرضت على الرسائل الصوتية، بل لأجل الكرامة والحقوق المسلوبة، سائلين عن الآلاف من أبناء بعلبك الذين لم يتوجهوا إلى الشارع للمشاركة. وشهدت ساحة الجبلي خلافاً بين المواطنين وأحد عناصر قوى الأمن من مفرزة السير وشهر الأخير مسدسه مهدداً بإطلاق النار بعد الإعتداء عليه.

حقوق ضائعة

محمد الفيتروني أحد أبناء مدينة بعلبك ومتقاعد في الجيش وأحد منظمي الإعتصامات يقول لـ"نداء الوطن": "أنا أحد أبناء مدينة بعلبك ومن حجارتها، لا يغمض لي جفن وهناك حق لإبن بعلبك، فحقوق بعلبك الهرمل ولبنان بأكمله ضائعة"، وناشد كل أبناء المدينة المشاركة في التظاهرات لأن الأحزاب التي ينتسبون إليها ليست وطنية بل حرامية، مطالباً بـ"حقوق العسكر وأبنائهم"، وأضاف: "إن لقمة العيش أصبحت صعبة على المواطنين في المدينة ومن هنا جاءت هذه التظاهرات، وان التواجد في الشارع مستمر ولن يخرج المواطنون إلا بعد تحقيق المطالب التي تبدأ بإعادة الأموال المنهوبة والمسلوبة، ولا تنتهي بتأمين متطلبات العيش الأساسية من تعليم وطبابة وغيرها".

سلطة فاسدة

بدوره يقول الناشط على وسائل التواصل الإجتماعي كريم حليحل والذي دعا أهالي المدينة ليل الخميس للنزول إلى الشارع، لـ"نداء الوطن": "توجهنا إلى دوار الجبلي مع عشرات الشباب رافعين أهدافاً أولها إسقاط السلطة الفاسدة، والضرائب التي أقرت حديثاً والتي كانت الشرارة في إطلاق التظاهرات"، وأضاف ان "إحراق الإطارات لم يكن هدفاً بل طالبنا الشباب بعدم إحراق الدواليب والإعتداء على ممتلكات الناس أو أي تصرف يخل بالأمن". وأشار إلى أن "عدداً من الشبان الذين نزلوا للمشاركة دعوا المشاركين للتوجه إلى مكتب النواب في وسط مدينة بعلبك وتكسيره وإلى السراي الحكومي، ما أحدث خلافاً بين المتظاهرين". وتابع: "عدد من الشبان لم نستطع السيطرة عليهم توجهوا ليل الخميس إلى وسط المدينة وأحرقوا محرساً لبلدية بعلبك وحاويات نفايات".

ولم يقتصر قطع الطرق على دوار الجبلي في دورس حيث شهدت الطرق الرئيسية في رياق، بريتال، شعت، مقنة، تل الأبيض، الهرمل، اللبوة، النبي عثمان، بدنايل، إحراق إطارات وسط هتافات تنديداً بالأوضاع المعيشية.

في المقابل يسيطر الصمت الرسمي في البقاع على المسؤولين من وزراء ونواب، إضافة إلى المسؤولين في "حركة أمل" و"حزب الله"، حيث بدأ الأخير بالعمل على فتح الطريق المؤدية إلى مقام السيدة خولة من حربتا شمالاً ومن رياق لتسهيل مرور المشاة الذين يقطعون هذه المسافة سيراً على الأقدام منذ ظهر الجمعة وحتى صباح السبت على أن تختتم المناسبة بكلمة للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وسط شعارات وهتافات "هيهات منا الذلة"، في وقت يعيش أبناء البقاع منذ سنوات تحت خط الذلة والفقر.


MISS 3