فاز الكاتب اللبناني الأميركي المثير للجدل بإصراره على التعمق في تعقيدات الطبيعة البشرية ونزواتها ومتاهاتها الشرسة والمحببة في آن واحد، ربيع علم الدين، بجائزة "PEN/ Faulkner" العريقة للعام 2022 عن عمله الأخير The Wrong End Of The Telescope في فئة الرواية.
PEN/Faulkner مؤسسة تتمثل مهمتها في الإحتفاء بالأدب وتعزيز الروابط بين القرّاء والكتّاب لإثراء حيوات الأفراد والمجتمعات الأدبية وإلهامهم. وتكرّم هذه الجائزة أفضل الأعمال الأدبية المنشورة للمقيمين الدائمين الأميركيين.
يختار مجلس إدارة المؤسسة 3 كتاب سنوياً لتقييم الأعمال المطروحة لكي تبقى الجائزة خالية من التأثير التجاري.
حكام هذه السنة، يوجينيا كيم، ريبيكا ماكاي وريون أميلكار سكوت دققوا في أكثر من 500 رواية وقصة قصيرة نشرت خلال العام 2021 لمؤلفين أميركيين. وجاءت المُشاركات من أكثر من 200 دار نشر بما في ذلك المطابع المستقلة والأخرى الأكاديمية.
قال رئيس لجنة الجائزة، لويس بايارد في تصريح، "فعل حكام هذا العام ما يبدو مستحيلاً. لقد تمكنوا من إيجاد الأول بين المتكافئين في قائمة متنوعة مؤلفة من خمسة ألقاب إستثنائية. نتطلع إلى الإحتفاء برواية ربيع علم الدين الرائعة بالإضافة إلى الأعمال المتينة للمتأهلين للتصفيات النهائية".
تتمحور هذه الرواية التي تقدم لنا بطلة ساحرة وثائرة كما هي عادة علم الدين، حول اللجوء والغربة. فها هي الطبيبة اللبنانية المتحولة جنسياً مينا سمبسون، تصل إلى مخيم سيئ السمعة للاجئين السوريين في جزيرة لسبوس اليونانية، فإذا بحياتها وحيوات الذين يتقاسمون نورها وحريتها تتبدّل وتتفتّح وردة جريحة أقرب إلى رحلة داخليّة محفوفة بالمواجهات الضارية مع الذات.
وبحسب لجنة التحكيم فإن اللغة رائعة "توقف الوقت وتُحقق - أو تُدقّق في تعقيدات البحث عن ملجأ بعيد من الإضطرابات الجيوسياسية والأنماط التي يفرضها المرء على نفسه". ومن جهته قال علم الدين في تصريح إن ما من كاتب ينظر إلى لائحة الكتب التي فازت ماضياً بالجائزة العريقة ولا يشعر بالفخر والتواضع ليرى كتابه إلى جانبها.
سيقام احتفال تقديم الجائزة في الثاني من أيار المقبل. وسيحصل علم الدين على 15 ألف دولار مع الجائزة.
ولد ربيع علم الدين في عمّان في العام 1959 لعائلة درزية لكنه لطالما إعتبر نفسه "مُلحد الهوى". نشأ وترعرع في الكويت ولبنان، وما إن إندلعت الحرب الأهلية اللبنانية إنتقل إلى إنكلترا وبعدها إلى ولاية كاليفورنيا الأميركية.
وفي حين بدأ مسيرته كمهندس، إنتقل مع الوقت إلى الكتابة والرسم. وتبقى روايته "الحكواتي" التي صدرت عن دار "نوف" الشهيرة في نيويورك النقطة المحورية في حياته الروائية.
حاز العديد من الجوائز منها جائزة دائرة نقاد الكتب الوطنية في العام 2014، والميدالية الذهبية لجوائز الكتاب في كاليفورنيا عن رواية "إمرأة لا لزوم لها". وجائزة لامبدا الأدبيّة لروايات المثليين عن رواية "ملاك التاريخ".
تطل رواياته في اللغة الإنكليزية وتنشر في الولايات المتحدة.
من أبرز أقواله، "أعتقد أن على المرء أن يهرب من نفسه ليكتشف نفسه". وتبقى الجملة الشهيرة التي برزت في رواية "الحكواتي": "إن الذي يحصل مع الإنسان ليس بأهمية القصص التي نرويها لأنفسنا عما حصل" من أكثر الجمل المسكونة التي تُلخّص إصرار هذا الكاتب على أن يغور في حنايا الطبيعة البشرية المعقدة في تركيبتها.
ربيع علم الدين غالباً ما يأخذ القارئ في رحلة داخليّة مُزعجة، مُضطربة، لا يخرج منها مرتاحاً. لكن الأكيد أنه يخرج منها وقد إقترب بضع خطوات من روحه ومخاوفه التي غالباً ما يهرب منها لأنها تعكس بشكل خطير حقيقته.
