عماد موسى

من أدما إلى جسر الفيات

21 تشرين الأول 2019

11 : 05

في أول أيام الثورة اكتشفتُ أن الطريق من أدما إلى بولفار بيار الجميل، حيث تقع مكاتب "نداء الوطن"، تمر بفتقا، الكفور، القطين، دلبتا، معراب، غوسطا، عجلتون، داريا، أبو ميزان، بكفيا، برمانا، بعبدات، أوتوستراد المتن السريع، الجديدة، أحياء الدكوانة... ومستعيناً بالروح القدس وبمعاونيه وَصَلت.

في ثاني أيام ثورة أكتوبر، مسحتُ زواريب كسروان، خصوصاً زواريب زوق مصبح وزوق مكايل، ولأن القيادة أخلاق وذوق، لم أترك طريقاً أو جسراً إلّا وسلكته عكس السير، ولم أكتف بذلك، بل قطعت بسيارتي الأوتوستراد من ميل إلى ميل، فوق الفواصل والأرصفة.

كما قادتني الحاجة الملحة إلى طرقات حارة حريك والمشرفية الضيقة. لم أعرف كيف دخلت ولا كيف خرجت. دخت ومعي داخت Google map.

من أدما إلى جسر الفيات مررت ببلدات أكثر من تلك الواردة في أغنية وديع الصافي "جايين يا أرز الجبل" للشاعر أسعد سابا وعددها 104 بلدات. توقفت في أدونيس حيث كانت عشتروت تغني وسط الأوتوستراد على إيقاعات جورج الراسي قرب الـ"سي سويت"، الذي أمدّ آلاف المحتفلين بقوالب الكاتو فصار الإعتصام أحلى وأحلى.

وكم كان الثوار ليفرحوا بانضمام النجم زين العمر ( طوني حدشيتي سابقاً) إلى صفوفهم، لكن ظروفاً خاصة منعته.

وهناك تحت جسر جل الديب العظيم شاهدت فرحة اللبنانيين الممزوجة بالمعاناة. وتنشقت دخان الدواليب العطرة تعبق في سماء المتن وأنا عالق في زحمة جميلة.

في ثالث أيام الثورة من أدما إلى جسر الفيات، تمنيت لو كنت أقود "موستيكاً"، لكانت الطرقات فُتحت أمامي كثائر ميداني، لكن حظي أن تقودني سيارتي في طريق طويلة وكافية كي أسمع مسرحية فخر الدين ثم باقة من الأغاني: أرضك الكرامة شعبك طير نار"ثلاث مرات"، قولولن رح نبقى"3 مرات"، تسكت باسكال صقر تطل جوليا. تغيب جوليا تعود باسكال لتسلم الميكرو للشحرورة وأغنية "يسلم لنا لبنان" تليها "راجع يتعمر لبنان"، و"تسلم يا عسكر لبنان" و"لبنان يا قطعة سما"، بعون الله ولبنان وصلت إلى الجريدة أنضح وطناً، بعد ساعتي راديو أدرت التلفزيون. الـ "ال بي سي" فاتحة على شاشتها أربع نوافذ: النبطية وطرابلس ورياض الصلح وصور. لشدة الإرهاق والتأثر خيّل إلي أنني أشاهد الرفيقة المناضلة نعمت بدر الدين في الأماكن الأربعة.