عيسى يحيى

صُنّاع التغيير في بعلبك الهرمل: كثرة لوائح وشرذمة أصوات

12 نيسان 2022

02 : 00

ثوار بعلبك في ساحة المطران

حطّ التغيير رحاله في بعلبك الهرمل منذ ثورة 17 تشرين، وتلازمت الساحات وأسماؤها مع كل انتفاضةٍ بقاعية لرفع الصوت بوجه الحرمان والطبقة السياسية على اختلاف مكوناتها، وكانت المدماك الأول للناس في تسجيل اعتراضهم على أداء أرباب السلطة.

شكلت ساحة المطران في بعلبك والباحة أمام السراي في الهرمل، أحد أبرز رموز الإنتفاضة البقاعية التي بدأت بالتزامن مع التحركات على مختلف الأراضي اللبنانية، ونزل الناس إلى الشوارع تعبيراً عن الغضب الذي يتملكهم منذ سنوات من دون تعبير، حتى جاءت الشرارة الأولى التي أطلقت الربيع اللبناني مع بداية فصل الخريف عام 2019، ورفعت الشعارات المطلبية والسياسية التي كان شبه محرّمٍ الخوض بها، وبدأت مرحلة تعرية من هم في السلطة وكشفهم أمام الرأي العام ليتسنى له تمييز الخبيث من الطيب، ومعها بدأت محاربة الثوار بالترهيب والترغيب.

ولأن لبعلبك الهرمل حصة دائمة من كل استحقاق على اختلاف نوعه، تحرّك الناس ونزلوا إلى الساحات مخترقين الحواجز والبلوكات الطائفية والحزبية، معبرين عن غضبهم مما وصلت إليه أحوالهم، حيث نصبت الخيم في ساحة المطران، وأقيمت فيها جلساتٌ حوارية ونقاشات، وتعرضت للهجوم والتعنيف اللفظي، والمضايقات الأمنية والضغوطات، قبل أن ينقسم ثوارها على بعضهم، وتتعدد الخيم ويصبح لكل حزب معارض خيمته الخاصة، ليرتفع الحماس في رؤوس البعض رويداً رويداً حتى أصبح العديد منهم يربط الثورة في بعلبك باسمه، يتحدث باسمها ويخون رفاق الدرب من لحظات الانتفاضة الأولى، فأضحت الثورة فرقاً فرقاً وكانتونات شخصية لكل فرد فيها حصة. ومع تقدم الوقت إنطفأ وهج الثورة في بعلبك الهرمل بفعل طمع السلطة والمناصب التي حاربتها شعارات الثورة، وبفعل التضييق على الكثيرين منهم، واستمالة البعض الآخر، وإزالة الخيم من ساحة المطران، وتراجع الحركة الثورية على مستوى الوطن كاملاً، ليبقى العديد من الأشخاص الذين لم يغرّهم منصبٌ أو ترشيح يعمل على الشعارات والمبادئ التي من أجلها قامت الثورة.

ومع اقتراب الموسم الانتخابي بدأت أسماء المرشحين تتوالى تحت كنف الثورة والمستقلين والقادرين، وعقدت اللقاءات وأطلقت الإئتلافات في سبيل توحيد الصف المهزوز أصلاً بفعل الطمع والتسلق على ظهر الثورة وادّعاء النضال، وبعد طول جدال ونقاش تمخّضت ثلاث لوائح في دائرة بعلبك الهرمل تصب في خانة الثورة والتغيير، واحدة يدعمها ائتلاف قوى التغيير، وأخرى مستقلون كان بعضهم في صفوف الثورة، وأخيرة يدعمها شربل نحاس حتى لو ضمّت أربعة مرشحين من أصل عشرة، فتكسير الرؤوس أوجب من توحيد الصفوف. مصادر مطلعة على ما جرى خلال الفترة الماضية تؤكد لـ»نداء الوطن» أن «ما وصلت إليه كثرة اللوائح في دائرة بعلبك الهرمل من جانب الثوار والتغييريين لا يصب إلا في صالح الأحزاب وخصوصاً «حزب الله» صاحب أكبر كتلة شعبية في الدائرة، غير أن الأنا منع توحّد هؤلاء في لائحة واحدة أو إقامة تحالفات إنتخابية قد توصل إلى البرلمان»، مشيرةً إلى «أن من يرفض التحالف مع أحزاب أو قوى هنا يتحالف معها في مناطق أخرى، ما يطرح السؤال عن الإزدواجية في التعاطي مع الشأن الانتخابي طالما أن الهدف هو الوصول إلى المجلس النيابي».

وأضافت المصادر «أن بعثرة اللوائح تشرذم الأصوات تلقائياً وتُضعف المعارضة التي كان من شأن توحدها أن يحدث فرقاً، وليس هنا المقصود أن تصل إلى الحاصل الانتخابي، ولكنها على الأقل تُبرز حجمها على الأرض وتؤسس للمرحلة المقبلة، وتصحح مسارها الذي أخطأت به خلال السنوات الماضية»، وسألت «عن الخطاب والبرنامج الذي أتت به اللوائح والمرشحون ويمكن أن يشكل عامل جذبٍ لا نفور يصب في خانة لوائح السلطة»، خاتمةً بأن «الطمع في السلطة لا يمكن أن يبني وطناً طالما أن من يطالب بالتغيير لا يتنازل عن ترشحه في سبيل المصلحة الوطنية ورصّ الصفوف».


MISS 3