سامي نادر

الخطة المخبّأة

13 نيسان 2022

02 : 00

وقّع الإتفاق الإطار مع صندوق النقد، هلّل له من هلّل، إنتقده من انتقده ولكن حتى الآن لم نرَ خطة الحكومة للتعافي الإقتصادي التي استند إليها. وهنا لا بدّ من التذكير أنه منذ اللحظة الأولى لتشكيل هذه الحكومة التي مضى على إعلانها ثمانية أشهر، نسمع تارةً أن العمل جارٍ على قدم وساق لإعداد الخطة، وطوراً تتسرب إلى الإعلام مسودات يسارع أركان الحكومة إلى التنصل منها. وقد تكون من حسنات الإتفاق مع صندوق النقد أنه قطع الشكّ باليقين، فهو لم يؤكد فقط وجود خطة يتبناها الفريق الحكومي، إنما أسدل الستار عن بعض عناوينها الأساسية.

وبالرغم من ذلك ما زالت الخطة العتيدة، في نصها الكامل وتفاصيلها، محجوبة عن الرأي العام، عن أصحاب الشأن الأولين، ومن بينهم المودعون، وشركاء الإنتاج، والعاملون في القطاعين العام والخاص، والمتقاعدون، والمسجلون في الضمان. أوَليس هؤلاء من سوف يتحملون تبعات خطة التعافي مع ما تتضمنه من خسائر وتدابير تقشفية؟ وبالتالي ألا يجب أن تطرح أمامهم أولاً وأمام كافة شركاء الإنتاج، أقله للوقوف عند ملاحظاتهم، وشحذ موافقتهم، خصوصاً في هذه المرحلة المصيرية؟ أوَليس نشر الخطة العتيدة الخطوة الأولى على طريق الإصلاح والشفافية والحوكمة الرشيدة القائمة على مبدأ التشاركية والموازنة في صنع القرار؟

وبالعودة إلى المضمون وما سرّب من هذه الخطة وحطَّ في متن الإتفاق مع صندوق النقد، يبدو جلياً أن التركيز هو على إصلاح القطاع المصرفي والنقدي، وهو الذي أخذ الحيّز الأكبر من الإتفاق. هي مقاربة شبيهة بتلك التي اعتمدتها خطة لازار التي أقرتها الحكومة السابقة، والتي بشكل غير مسبوق، سلطت الضوء على الخسائر لدى المصارف ومصرف لبنان بينما كانت كل الخطط والبرامج الإصلاحية السابقة تتفادى التطرق إلى القطاع المصرفي والنقدي.

ملفتة هي الإشارة وبشكل متكرر في الإتفاق إلى وجوب الإعتراف المسبق بخسائر المصارف وضرورة تحملها، كشرط لأي برنامج إنقاذي مع صندوق النقد، كما ملفتة أيضاً الإشارة إلى «تقييم مدعوم خارجياً» لأكبر 14 بنكاً، كل واحد على حدة. هذا يعني عملياً تدقيق مفصّل لخسائر القطاع المصرفي، وإذا ما أضيفت إليه التوصية بإعادة النظر بقانون السرية المصرفية، فنحن أمام برنامج متكامل لإعادة هيكلة كاملة وجذرية للقطاع.

كما ويتجلى في النص أيضاً أن الخطة ركزت على ميزانية مصرف لبنان وحوكمته، فأوصت بضرورة «الإنتقال إلى نظام نقدي جديد» كما وأشارت إلى «إتمام التدقيق في وضع الأصول الأجنبية لمصرف لبنان والبدء بتحسين شفافية هذه المؤسسة»، كخطوات تمهيدية لأي اتفاق نهائي مع الصندوق.

أما في مسألة توزيع الخسائر، فبالإضافة إلى العبء الذي على المصارف أن تتحمله مسبقاً، هناك كلام عن «إعادة هيكلة المالية العامة والديون»، وعن «حماية صغار المودعين». في الأمر إقرار واضح بأعباء ضريبية إضافية وهيركات أمر واقع على الودائع غير الصغيرة. ما هي أحجام تلك الأعباء وما هي نسبها... وحدها الخطة تعرف. ربما لذلك لم تنشر بعد.


MISS 3