طوني عطية

الجرائم في لبنان إلى ارتفاع...

أين أصبحت الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الجريمة؟

19 نيسان 2022

17 : 01

 تعدّدت الجرائم والنتيجة واحدة: حلقة طويلة من الموت المجّاني. ضحايا لا يعلمون متى تأتي لحظة الغدر بهم، بسكّينٍ أو رصاصةٍ أو خنجرٍ من "معتوهٍ" وقاتلٍ يسلب أرواحهم، في دولة يُقتل فيها الإنسان ألف مرّة ومرّة، في جسده، في مستقبله، في رغيفه، على باب مستشفى، أو داخل صيدلية، أو حتى، تحت سقف بيته... إنّه التفلّت الأخلاقي والقيمي والمجتمعي قبل الأمني، الذي يسبق الواقعة.

جرائم طَبعت أحداثها ليس فقط في جثامين ضحاياها، بل في ذاكرة اللبنانيين المتراكمة والمثقلة بالأسى والهموم، من جريمة كترمايا (2015) التي ذهب ضحيتها 4 أفراد من عائلة واحدة بسبب خلافات مالية، إلى برجا حيث أقدم والد على قتل ابنه على أفضلية ركن سيارة كلّ منهما أمام منزلهما، إلى باسمة عيتاني (2013) وسارة الأمين (2015)، ومن منّا قد ينسى ميريام الأشقر (2011)، وإيف نوفل، جورج الريف ومارسيلينو، وصولًا إلى "مجزرة أنصار" التي راح ضحيتها 3 فتيات ووالدتهنّ، وأخيرًا الصيدلانية ليلى رزق... ليبقى السؤال المفتوح عبر تاريخ الإنسان: من التالي؟




"الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين


شمس الدين: الجرائم تشهد ارتفاعًا متزايدًا

في حديث الى موقع "نداء الوطن"، يقول الباحث في "الشركة الدوليّة للمعلومات" محمّد شمس الدين، إن "الإحصاءات والدراسات تشير إلى أن الجرائم في لبنان تشهد ارتفاعًا متزايدًا عن السنوات الماضية، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وانعكاساتها على سلوكيات الفرد، حيث بلغت السرقات عام 2018 حوالي 1391، لترتفع إلى 1610 عام 2019، وإلى 2536 سرقة في العام 2020، لتسجّل 5940 سرقة في الـ 2021.

أمّا العام الحالي، فقدّ سجلّت "الدولية للمعلومات" خلال الأشهر الثلاثة الأولى (كانون الثاني، شباط، آذار) 1745 سرقة، مقابل 1439 خلال الفترة نفسها من العام 2021.

أما في جرائم القتل، فكشف شمس الدين، أن العام 2018 سجّل 121 حادثة، في مقابل 109 جرائم في العام 2019، إلى 209 في الـ 2020، و205 في الـ 2021. أما في العام 2022، فبلغ عدد جرائم "القتل" خلال الأشهر الثلاثة الأولى (كانون الثاني، شباط، آذار) 46، بعدما سجّلت 40 جريمة في العام 2021، و32 في العام 2020، و21 جريمة في الـ 2019.



الإختصاصية في علم الجريمة باميلا حنينة



حنينة: جرائم عدّة لا يتمّ التبليغ عنها

أمام هذه الأرقام، ترى الإختصاصية في علم الجريمة باميلا حنينة في حديث الى موقع "نداء الوطن"، أنّ "الجريمة هي طبيعية في المجتمع، لكنّها استثنائية في حياة الفرد، حيث تتعدّد الدوافع الاقتصادية والنفسية والمعيشية. وذكّرت بأنها حذّرت منذ "انفجار" الأزمة في لبنان، من ارتفاع معدلات الحوادث الأمنية كالسرقات وجرائم القتل، مشيرة إلى "غياب الدراسات المتكاملة، كما أنّ الأرقام الصادرة عن قوى الأمن الداخلي لا تعكس الحقيقة كلّها، لأن هناك جرائم عدة لا يتمّ التبليغ عنها".

بالعودة إلى جرائم القتل وما حصل أخيرًا في صيدلية المروج، تنتظر حنينة التحقيقات القضائية وإكتمال المشهدية الجرمية، لكنّها ترى استنادًا إلى "علم الجريمة" أنّها لا تنتمي إلى مسلسل السرقات التي طالت الصيدليات في لبنان في الآونة الأخيرة، وأن الأسلوب المعتمد "غريب"، حيث أن الجاني أخذ معه سكّينًا إلى موقع الجريمة ما يعني أن الدافع هو شخصي، وهو على معرفة بالضحية وعنوان عملها والمنطقة المحيطة بمكان الجريمة، مرجحةً أن يكون القاتل على علم مسبق بأنّ الصيدلية لم تقفل بابها رغم عطلة عيد الفصح.

واعتبرت حنينة أن مكافحة الجريمة لا ترتبط بالمسائل الأمنية والاقتصادية فقط، بل هي "برنامج وطني" يتطلّب وضع سياسة عامة، تقوم على علم النفس والاجتماع والطبّ والمناخ، حيث لفتت في هذا المجال إلى أنّ الدراسات الأخيرة المعتمدة في فرنسا وغيرها من الدول المتقدمة، تشير إلى أن حالة الطقس تلعب دورًا مهمًّا في ارتفاع نسبة العنف في فصل الصيف مقارنة مع فصل الشتاء، وتعزو السبب إلى تأثير الحرارة على "هرمونات" الإنسان المحفّزة لارتكاب الجرائم.

وعن مصير "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الجريمة"، تقول حنينة: "تأخرنا كتير"، وتنفيذها يبدأ بتفعيل دور الشرطة المجتمعية المحليّة، أي الشراكة بين المواطن والشرطة البلدية والقوى الأمنية في الحفاظ على أمن وسلامة المواطن والمحلّة وهذا لا يعني أننا نتحدث عن "أمن ذاتي"، خصوصًا أن السرقات على سبيل المثال، أصبحت غريبة كسرقة "الكابلات وريغارات المجاري الصحيّة وبطاريات السيارات" وهذه تتطلّب دورًا للشرطة المحلية بالتعاون مع المخافر التي يجب أن تكون متمركزة في المناطق المُعرّضة أكثر لحصول حوادث أمنية، شرط توفّر الدراسات اللازمة والمُحَدّدة لانتشار الجريمة.

MISS 3