هالة نهرا

رنين الشعار: الميني ألبوم المقبل مفاجأة

6 أيار 2022

02 : 00

صوتها يطرق باب القلب ويدخله من دون استئذان. أثبتت شخصية صوتها المستقلّة وجسارتها، كما نمَّ شدْوُها وترنُّمها عن مدى تمكّنها في معظم ما أدّته حتى الآن.

تتميّز المطربة والمغنّية رنين الشعار بحنجرتها المطواعة ونبرتها، وبأداءٍ غلافُه وبِطانته الرهافة المفلتَرة بمصفاة إحساسها الرفيع وحبالها الصوتية... إضافةً إلى تمرّسها كشابة في أداء الطرب العربي الأصيل، الثقيل منه والشعبيّ، وقدرتها على المواءمة بين ألوانٍ غنائية متنوّعة ومتباينة: بدءاً من الكلاسيكيّ، مروراً بالغناء الشرقي الحديث والبوب، وصولاً إلى المشرقيّ العربي الموشّى بالغربيّ نسبيّاً...

لديها أغنية جديدة باللهجة العراقية عنوانها "أنا أشكرك" أطلقتها في 5 أيار 2022، وتقول رنين لـ"نداء الوطن" إنّ اختيارها هذا لم يتأتَّ من رغبتها باللحاق بالرائج والشائع وما يُعرَف بالـ"Trend" في السوق الفنية، لا سيما أنها تحبّ أن تكون دائماً "خارج الصندوق" على حدّ تعبيرها.

لا تنكر رنين نسبة المشاهدة العالية للأغنية العراقية راهناً، لا سيما أنها محبَّبة إلى أهل الخليج والمغرب العربي، وطالما استمعتْ إلى العراقيّ لهجةً وموسيقى مقاميةً منذ طفولتها. تواصلَ معها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي علي روني (عازف غيتار) وقال لها إنّ لديهم شركة وإنه يحبّ أن يتعاون معها وهو محترم كما تصفه رنين إذْ تُحيّيه، ثم اتصل بها هاتفياً وأرسل لها خصيصاً "Track" الأغنية، وقد لحّنها لها نور الزين، علماً بأنّ الكلام كان مكتوباً لصوت رنين بالتحديد.

وتستفيض في الحديث قائلةً: "سمعتُها وأَعجبتْ والدي المطرب عبد الكريم الشعّار وشعرتُ بأنها تلامس القلب والأذن بسلاستها. لم أكن متحمّسة لتأدية الكلاسيكيّ في البداية وكلمات الأغنية تتلفّف بالشجن فقلتُ لعلي إنني أفضّل خياراً مختلفاً، لكنّ أصدقائي شجّعوني على إدراجها في أرشيفي على اعتبارها نموذجاً جميلاً. ثم حفظتُها وكنتُ مسافرة إلى كندا. في الطيّارة اضطررتُ للرجوع إلى بيروت قبل السفر مجدّداً إلى كندا، وخلال انتظاري 12 ساعة في مطار أثينا أرسل لي علي الـ"Demo" الجاهز المنجَز. كنتُ مرهقة وأخبرني علي أنّ نور الزين سيكون معي في بيروت لأسجّل صوتي في الاستديو. سبحان الله، سجّلتُ صوتي وكان الأمر جيّداً وسائغاً مستَطاباً. ثم عدتُ إلى كندا، وقد وزّع الأغنية عثمان عبّود وهي من كلمات قصي عيسى. لديّ أيضاً "Mini Album" من كلماتي وألحاني وهو مؤجّل منذ سنتين بسبب الظروف (الانتفاضة في لبنان، وجائحة "كورونا"، وسَفري بين كندا والدوحة والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وانشغالي...) وتَحَصَّلتُ على منحة تمويلٍ له. "الميني ألبوم" سيكون بعنوان "رنين"، علماً بأنه يشتمل على خمس أغنيات، وسأطلقه مبدئياً في ربيع العام المقبل".

وأردفت قائلةً: "لا يهمّني إذا كان كلام الأغنية موجَّهاً من رجلٍ إلى امرأة أو من امرأةٍ إلى رجل، سيّان عندي هذا وذاك، بإمكاني غناء الأغنية في أيّ حال. في الماضي كان الرجل يغنّي كأنّما لرجلٍ آخر (وهو يغنّي لإمرأةٍ!) فعبد الحليم حافظ كان يشدو "أنا لَكْ على طول، خلّيكْ لِيَّ". تربّينا في البيت في أفضية الموسيقى المصرية: محمد عبد الوهاب، وأمّ كلثوم التي أعدّها المدرسة الكبرى في حياتي، إضافةً إلى أسماءٍ ونجومٍ من لبنان مثل الشحرورة صباح ووديع الصافي الذي أعشق صوته، علماً بأنه يذوّبني ويعيدني إلى الأرض مثلما يرفعني إلى السماء، والسيدة فيروز المتغلغلة في تفاصيل حياتنا ووجداننا وأفكارنا وعواطفنا. أجنحُ نحو المدرسة المصرية وهذا أسلوبٌ موسيقي أحبّه و"المخزون" المصري كبيرٌ لديّ".

رنين الشعار بارعة في التنقّل بين أقبية ودهاليز المقامات العربية التي تشرّبتْها أوردتها، وبلا أدنى تكلُّفٍ أو تعقيدٍ تسبغ على الموروث الفخم نكهةً معاصرة تُدْنيه من الأجيال الجديدة، علماً بأنّ صوتها مسجّى بالزخارف التلقائية غير المصطنعة، ما يأتي من الفطرة والاجتهاد معاً. موهبةٌ ناضجة تستمتع بما تؤدّيه قبل إمتاع الجمهور فيتحوّل الطرب إلى تطريبٍ وإطرابٍ في آنٍ واحد. تفوق الكثيرين بين أبناء جيلها بمراحل كبيرة حالياً؛ قطعت شوطاً في الاحتراف وتستحق نقداً منصفاً مُحِبّاً يغمر أصداء حنجرتها المستأهلة وإطلالاتها الفنية المعبّرة وغير الاستعراضية والمقنعة حتى يومنا هذا. رنين نجمةٌ في الغناء فعلياً ولو تأخّر قليلاً تلألؤ واستنارة نجوميّتها، ما يحثّنا على إعادة تعريف اصطلاح "نجومية"، لا سيما أنها لا تقتصر على الشهرة- التي قد تكون مرتكزة في نماذج عدّة على فقّاعات صابون- بقدر اقترانها في الجوهر أساساً بالمؤهّلات وصقل الموهبة والمثابرة.


MISS 3