خالد أبو شقرا

القطاعات الإنتاجيّة تُناشد المعنيّين وقف النزف

الأعمال تترنّح... والقمع ليس الحلّ

25 تشرين الأول 2019

23 : 50

السلطة مطالَبة بالاستجابة للشارع لوقف الانهيار (رمزي الحاج)
"شو بعدون ناطرين، خلّيون يستقيلوا ويحلّوا عنّا، خلّينا نعرف نشتغل"، صرخة أطلقها سائق سيارة أجرة، بمعرض ردّه على سؤال "كيف الشغل"؟ هذا الوجع تتشارك فيه كل القطاعات الخدماتية والإنتاجية والتجارية في البلد، بعد ثمانية أيام على إعطاء السلطة ظهرها لمطالب المواطنين.



جولة الإستطلاع التي قامت بها "نداء الوطن" للوقوف على آراء رجال الأعمال ومقدّمي الخدمات وأصحاب المهن الحرّة كانت صادمة، وأظهرت أمرين مفاجئين: الأول، هو أن أكثر من 90 في المئة من المؤسسات اللبنانية الكبيرة والصغيرة في وضع متعثّر، وهي مهددة في حال استمرار تغييب المعالجات من الإنهيار الواحدة تلو الاخرى. أما الأمر الثاني، فهو شبه الإجماع من مختلف الأطراف على أن السلطة السياسية هي التي تتحمّل المسؤولية، وليس جموع المنتفضين في وجهها، والدليل هو أن التهديد بشلّ البلد بدأ مع الهيئات الإقتصادية ونفّذته الجمعيات التجارية في أكثر من وقفة إحتجاجية.

تراجع الحجوزات

القطاع السياحي، "لا يلحق أن يتنفس، حتى تأتي مشكلة جديدة"، يقول نقيب المؤسسات السياحية البحرية جون بيروتي. الحجوزات في الفنادق تراجعت بشكل ملفت وقد تحوّلت الى آنيّة، وكل يوم تأخير في تقديم الحلول المنطقية يدفع الى إلغاء أكبر في الحجوزات. بيروتي الذي يستغرب "غياب القطاعات الانتاجية عن الحراك المدني، كونها أول من رفعت الصوت وجهدت في تقديم الحلول من دون أن تلاقي أي اهتمام أو متابعة لما تطرحه من هواجس وحلول"، يرى أن "المسؤولية اليوم تفرض علينا مواكبة هذه التحركات والمساهمة في توجيه الامور، للوصول الى حلول سريعة، بغضّ النظر إذا اختلفنا أو اتفقنا مع بعض النقاط المطروحة، إذ في النهاية، إن الهدف العريض من وراء التحركات واحد".

خطر "الشيكات" المرتجعة

"معاناة القطاعات التجارية بدأت قبل فترة طويلة من نزول المواطنين الى الشارع، وقد شهدنا في الفترة الماضية إقفال عشرات المؤسسات نتيجة ضعف الحركة وشحّ السيولة وفقدان الدولار"، يقول صاحب شركة "رمال" عدنان رمال. ضعف السيولة بالليرة اللبنانية وارتفاع سعر صرفها الى 1620 ليرة مقابل الدولار قبل انتفاضة 17 تشرين الاول، سيكونان بمثابة نزهة أمام الآتي من الأيام. حيث يتوقع أصحاب المؤسسات في حال فتح البورصة وتشريع المصارف أبوابها أمام العملاء، أن يقفز سعر الصرف الى 1800 أو حتى أكثر. وهذا يعود الى استمرار انعدام قدرة المصارف على تأمين الدولار، وارتفاع الطلب عليه في السوق الموازي عند الصرافين.مقاصة الشيكات ستواجه مشكلة فعلية بمجرد إعادة فتح المصارف، ومن المتوقع، بحسب رمال، أن ترتفع نسبة الشيكات المرتجعة بنسبة كبيرة جداً "فهناك آلاف الشيكات التي عجز أصحابها عن تأمين مؤونتها بسبب إقفال محالّهم أو مؤسساتهم". هذا الوضع الجديد والشاذ على الاقتصاد اللبناني يتطلّب بحسب رمال "تنظيماً جدياً وحواراً بين الشركات والمورّدين والمصارف".


إقفال المؤسسات

بالنسبة الى "وكالات السياحة والسفر"، لا تتوقف المشكلة عند تراجع حركة الحجوزات، سواء كانت للمغادرة أم للقدوم الى لبنان. بل إن المشكلة الأساسية التي تواجهها هذه الشركات، تتعلّق، بحسب نقيب "وكالات السياحة والسفر" جان عبود، "بتراجع الطلب وعدم القدرة على تأمين الدولار. فمكاتب السفريات مضطرة أن تدفع بالدولار كل نصف شهر، وعند الساعة 12 ظهراً بالضبط، كل ما يتوجب عليها للإتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA)، وإلا تُشطب من النظام. لكن كمعظم الشركات اللبنانية، نقبض بالليرة اللبنانية، ولم يعد في ظل هذه الظروف من مجال لتحويلها الى الدولار. وهو الامر الذي يُهدّد عدداً كبيراً من أصل 213 شركة منضوية تحت (IATA) بالإقفال الإجباري".

الكلفة الإقتصادية بحسب الخبراء لكل يوم إقفال تتراوح بين 150 و200 مليون دولار، وعليه فإن الإقتصاد اللبناني يكون قد خسر مع دخول الإضرابات أسبوعها الثاني حوالى 1.5 مليار دولار، الأمر الذي يُفاقم الخسائر بشكل كبير على القطاعين الخاص والعام.الأمور لم تعد تحتمل المكابرة، والحدّ من النزف يتطلّب الوقوف بمسؤولية عند مطالب المواطنين، وليس استخدامهم كشماعة لاستمرار التقاسم والتحاصص، كما حصل في موضوع الكهرباء في "الورقة الإنقاذية". ألاعيبب السلطة لم تعد تنطلي على أحد، خصوصاً في ظل مستوى الوعي المرتفع، الذي ظهّرته الاحتجاجات في مختلف المناطق والساحات. وعلى الحكومة والمسؤولين أن يُدركوا أنهم فقدوا أدوات التعامل مع الأزمات، وتحديداً لجهة انعدام الثقة بهم، وعليهم الإستجابة سريعاً لوقف مسلسل الإنهيار.


MISS 3