هالة نهرا

عمر ميقاتي فنّانٌ نقديٌّ يرتدي درع الأمل بالتغيير

10 أيار 2022

02 : 05

بتلقائيته التي تدمغ شخصيته، يستمرّ راهناً الفنان والممثل اللبناني المخضرم عمر ميقاتي في تقديم برنامج "صار لازم نحكي" على منصة "صوت بيروت إنترناشيونال SBI" بعدما اتصلوا به منذ حوالى شهرين كما قال ميقاتي لـ"نداء الوطن": "اتصل بي المدير العام وتحدّث معي "الشيخ" بهاء الحريري فشعرتُ أنّ ثمّة احتراماً وتقديراً لمسيرتي الفنية وحضوري".

أطلَعَنا الفنّان المتمرّس على إرهاصات حلقات البرنامج مضيفاً: "قالوا لي نريد منك تقديم شيءٍ، فكان ردّي أنني أحبّ أن أقدّم المادّة الإعلامية التي أقتنع بها وبأهمّيتها ومضمونها؛ فأجابوني أنّ هذا ما يريدونه أيضاً، وشرحتُ لهم أنّ التكلّم على الشاشة أمام الجمهور يجب أن لا تتجاوز مدّته 10 دقائق حتى لا يملّ ويسأم المُشاهد اللبناني من المطوّلات، لا سيما أنّ مشاقّ الحياة قد أرهقت اللبنانيين. ثمّة حلقة أيضاً عُرضت في 9 أيار 2022".

في المقابل، أكّد لنا ميقاتي أنّه كان منغمساً في التصوير منذ ثلاثة أشهر ونيّف مع "صبّاح إخوان" والمخرج هو التونسي المتمكّن مجدي السميري. مواصلاً حديثه: "تعاونتُ معه منذ مدّة في فيلم رائع في أبو ظبي بعنوان "الثلاثاء 12". مجدي السميري هو مخرج عمل "من... إلى". إنّني أرتاح منذ شهرٍ وسأظهر لاحقاً في مَشاهد الحيّ والبيت. كذلك في 19 أيار لديّ تصوير مع جورج خبّاز، علماً بأنّ لديه "ثمانيّة" (على حدّ تعبيره) مع "صبّاح إخوان" بعنوان "البحث عن براندو الشرق"، ولديّ مشهدٌ جميلٌ جداً مع جورج".

بعدما كان عمر ميقاتي يتهيّأ لإصدار كتاب عن "مشوار" والده نزار ميقاتي مؤسّس المسرح الوطني اللبناني- حيث لمع أيضاً الممثّل الراحل "شوشو" (حسن علاء الدين) أجّلَ ذلك برهةً بسبب الظروف غير المؤاتية حالياً.

وقد أخبرنا بأنه، بالتوازي مع كتابه عن والده، يضع لمساته الأخيرة على روايةٍ عن هِرّه الأعمى الذي ضاع وفُقِد ثم عاد إلى المنزل بعد شهرٍ وقد حفظته "العناية الإلهية"، وقال: "فاجأنا برجوعه من الشارع من مكانٍ مجهول من دون أن يصيبه مكروهٌ، ما يُعَدّ بمثابة أعجوبة"، علماً بأنّ عمر معروفٌ منذ زمنٍ بأعماله الإنسانية وبترفّقه بالحيوانات الأليفة.

عمر ميقاتي الذي تجلّى في دوره في مسرحية "بخصوص الكرامة والشعب العنيد" للفنان الطليعي الكبير زياد الرحباني، يذهلك حين تُجالسه بطُرَفٍ تتسلّل إلى جُمَله وبمعرفته الموسوعية بخبايا الفن والذاكرة والتاريخ... حكّاءٌ ظريفٌ طيّع اللسان، مرنٌ، يحزّم المعاني بأسلوبه الفريد في القصّ والسرد. يُنكّه أخبار الفن بتوابل الماضي في امتداده وامتزاجه بالحاضر. متنوّعٌ، لمّاحٌ، متعدّدٌ وديناميٌّ هو، يقرأ لنا نصوصاً أدبية وقصائدَ خطَّها في أيّامه، وفيها تتبلور رهافته ويرتفع منسوب بحرها.

الشيخ عمر الذي يُخرج ما في ترسانته من ودٍّ غامر وموهبةٍ مصقولة مدجّجة بالخبرة المتراكمة والحنكة والشغف الفنّيّ، يلتحف بخفّة ظلّه وطيبة قلبه ورقيّه وتَرفُّعه ونقده المهذّب العلنيّ وبين السطور حيناً، واللاذع الذي لا يخلو من الجسارة أحياناً، وصولاً إلى لَعْن مَن "أوصل البلاد والعباد إلى هذه الحال" كما دوّنَ في مواقع التواصل الاجتماعي بعد تعرّض "مركب الموت" للغرق وعلى متنه فقراء في بحر طرابلس كانوا يحاولون الهروب من الجوع والإذلال في لبنان إلى بلدٍ يحترم الإنسان ويضمن حقوقه.




عمر منحازٌ إلى قضايا الإنسان في وطنٍ مؤجَّلٍ يتلوّى من نار الطائفية والفساد وانعدام العدالة. في مجابهة الانحطاط وواقعٍ لبناني متأزّمٍ شائك وخطير يتبدّى في هيئة كرة ثلجٍ نحو الهاوية، يرتدي الفنّان الشفّاف درع الأمل بالتغيير ويستلّ مثابرته وصبره من غمدهما مواصلاً رحلته.


MISS 3