طوني عطية

عودة اللاجئين بين "المرتجى" اللبناني و"الحائط" السوري

محفوض لموقعنا: المساعدات الأممية تُثبّت اللاجئين في لبنان ومخطّط "أسدي" لمنع عودتهم

10 أيار 2022

16 : 00

في استراحة بين موعدي الإنتخابات النيابية، بشقّها الإغترابي الذي جرى في السادس والثامن من أيّار الحالي، والمحلّي المنتظر في 15 منه، أطلّ ملف اللاجئين السوريين في لبنان إلى الواجهة من جديد، من على طاولة مؤتمر بروكسل لـ "دعم مستقبل سوريا والمنطقة"، الذي التأم يومي الإثنين والثلاثاء في العاصمة البلجيكية، وأكدت خلاله الأمم المتحدة، الحاجة إلى 10.5 مليار دولار في العام 2022 لدعم السوريين والمجتمعات المضيفة والبلدان المحتاجة بشكل عام.


وتزامنت النسخة السادسة من المؤتمر، مع الذكرى الثانية عشرة للحرب السورية، وانعكاساتها المتشعّبة على العالم والمنطقة، ومنها لبنان، الذي استقبل مئات آلاف اللاجئين السوريين، في بلدٍ يمرّ بأسوأ أزماته الإقتصادية والمعيشية، بظلّ غياب السياسات العامة الحكومية والرسمية لمعالجة وتنظيم أزمة النزوح منذ بداياتها، وتركها مادّة دسمة لـ "البازار" الداخلي بين القوى السياسية، وخصوصاً المتحكّمة منها بالقرارات، التي أخذت تبيع المواقف أكثر ممّا تشتري الحلول وتطبيقاتها، وامتهانها "لعبة" إلقاء اللوم على بعضها البعض، في حين أن دولاً مثل تركيا تعمل حالياً على إعادة مليون لاجئ إلى سوريا.


فكيف سيتعاطى لبنان مع واقع اللاجئين السوريين، الذين بلغ عددهم بحسب وزير الشؤون الإجتماعية هيكتور الحجّار في كلمته في بروكسل، "نحو مليون ونصف مليون مقابل 4 ملايين لبناني، وهم يشكّلون 30٪ من سكان البلد، حيث تصل كثافتهم إلى 650 نسمة في الكيلومتر المربّع الواحد؟




رئيس "حركة التغيير" إيلي محفوض


في حديث إلى موقع "نداء الوطن" الإلكتروني، دعا رئيس "حركة التغيير" المحامي إيلي محفوض، الوفد اللبناني الموجود في بروكسل، والذي طالب بـ"عودة آمنة وفورية للاجئين السوريين وتعويض لبنان الخسائر"، دعاه إلى "رفض الهبات الأممية للاجئين، أكانت عبر هيئات ومنظمات محلية ودولية، أو عبر قنوات الدولة اللبنانية، لأنّ هذه الإمدادات، التي هي عبارة عن أموال نقدية ومواد غذائية وأدوية ومساعدات مدرسية وصحيّة، تدفع السوري إلى البقاء في لبنان على حساب المواطن اللبناني الذي فقد كل مقوّمات صموده وعيشه الإقتصادي والإجتماعي".


إلى ذلك، حمّل محفوض، وزراء التيار الوطني الحرّ، مسؤولية رفضهم، في الحكومة التي شاركوا فيها بأكبر كتلة وزارية، إقامة المخيّمات على الحدود أسوة بدول الجوار كالأردن وتركيا وضبط حركة اللاجئين وانتشارهم، وعدم دمجهم في المجتمع اللبناني، حيث بات من الصعب جدّاً إقناع "الشاب السوري" الذي ولد وترعرع في لبنان، العودة إلى بلاده.


كما انتقد محفوض "رؤساء البلديات في لبنان، الذين سمحوا بإقامة مخيمات للاجئين ضمن نطاقهم البلدي، لقاء بعض الخدمات الشخصية والمساعدات المحلية، كتعبيد الطرقات وتحسين شكليّ في البنى التحتية، لدرجة أنه بات من الصعب على البلديات إزالتها".



عراقيل سورية

ويعتبر محفوض أنّ العراقيل الأساسيّة في ملف اللاجئين، تكمن في الجانب السوري، كاشفاً عن "وجود مخطّط جهّنمي، يمنع عودتهم إلى ديارهم، من أجل التلاعب بالديموغرافيا، حيث أن غالبيتهم لا ينتمون إلى طائفة الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أدخل تعديلاً عبر مادة دستورية، تُمهل أصحاب العقارات والمنازل والمحلات المهدّمة شهراً واحداً للعودة إلى سوريا، مع تقديم المستندات والأوراق الثبوتيّة، في حين أن معظمهم فقدوها بسبب الدمار والحروب".


وتابع: "مع اندلاع الثورة السورية، ونزوح العديد من العائلات إلى الداخل اللبناني، برزت تحديّات أخرى، وهي أن الولادات الجديدة في لبنان، لم تُسجّل جميعها في دوائر الأمم المتحدة ولم تعترف بها الدولة السورية، الأمر الذي منع بعض الأسر من العودة إلى بلادهم لعدم تشتّت أفرادها. وعندما أعلن نظام "البعث" عن عودة آمنة للسوريين، شاهدنا دروب التعذيب والإعتقال والقتل بحقّ المعارضين"، مضيفاً أنه "يوم تجديد المبايعة لبشّار الأسد في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة، اضطر الكثيرون لانتخابه في السفارة من أجل الحصول على "الباسبورات" أو لتجديدها".


في الختام، رأى محفوض أن الحلّ الوحيد والجذري لهذه "القنبلة الموقوتة"، يكون بالعودة الآمنة إلى سوريا "لأنّنا لسنا عنصريين كما تتهمنا بعض المنظمات غير الحكومية الناشطة في لبنان إضافة إلى المنتفعين اللبنانيين، بل لأننا لا نريد أن نعرّض حياة أي مواطن سوري للقتل أو الخطف على يدّ نظام الأسد، لكننا بالمقابل، نريد المحافظة على كيان لبنان وهويته، وعدم تكرار التجربة الفلسطينية، وفي حال تعذّرت العودة لأسباب سورية داخلية، ينبغي على الدولة اللبنانية بالتنسيق مع الدول العربية والمجتمع الدولي، إقامة مخيمات عاجلة وفورية للاجئين عند الحدود اللبنانية - السورية، وأن تحظى برعاية أممية، تتكفل من خلالها المنظمة الدولية في تأمين حاجاتهم الحياتية والمعيشية، بانتظار الحلّ النهائي للأزمة السورية وعودتهم إلى ديارهم".

MISS 3