محمود عثمان

كتابات تستحق النشر لمحمود عثمان

المركب الغريق

11 أيار 2022

02 : 00

هبني يد الرافي العتيقْ

لأخيط زهراً للربيع على الربى

وأخيط ثوباً للغريقْ

البحر يلبس حزنه هذا المساءْ

للموج لون المبحرين بلا رفيقْ

البحر يلبس حزنه

للج رائحة الدماءْ

واليود طعم محرق فوق الشفاه وفي الرئه

والملح في دمهم رحيقْ

يا أيها البدر المعلق في السماءْ

مثل المسيح على الصليب بلا رجاءْ

كن مؤنس الجزر الغريبة والنبـــات على الصخور الناتئه

يا أيها القبطان في الليل العميقْ

ما زال دمع الراحلين هو الدليلَ ولم يزل دمنا الطريقْ

هبني دموع الأمهات لأغسل العار الذي غطى الوجوه

هبني هتاف النادبين على الشهيد غداة عادوا راقصين وشيَّعوه

يا أيها الساقي العتيقْ

كأساً لكأس والندامى الأشقياءْ

يتبادلون الموج في سرر الضياءْ

البرق يضحك عالياً والرعد يقرع هازئاً أجراسه للنائمين بلا كساءْ

وأنا هناك وخنجري المسموم يقطر من يدي في لحم من دأبوا على الموت الأنيقْ

وأنا هناك وخنجر الغدر المضاءْ

بيروت تزني بالوكالة عن ظباء الصيد في الصحراء عن درر الخيام القاصرات الطرف أو لا المسبلات الهدب أو لا العاصرات المعصرات الذائبات من الشهيقْ

الفتح ليس السيف صلصل في العناق الفتح ليس الصاهلين على السرير كما الخيولْ

الفتح فتحك للعقولْ

والفتح حمحمة البلاغة والفصاحة في شرايين الزمانْ

والفتح أن تلد الحضارة غيمتانْ

بيروت تلبس للغريب الوجهِ خلخال النجومْ

تتبرجين ولست فارسك الوسيمْ

يا أمَّ من مخضوا البحار على البحارْ

لفِّي الشراع على الغريقْ

ما عاد يغويني البريقْ

فأنا الضياع الحر في عينيكِ وحدي لا أفيقْ

وأنا هناك وخنجري المسموم في عينيَّ يومض كالحريقْ

نحن الألى قتلوا الإله ليبعثوه على الدهورْ

وأحنُّ من دمه القتيل على الزهورْ

البحر يلبس حزنه هذا المساءْ

يستقبل الجثث الطرية كالهواءْ

في البدء كان الماء في عينيك يندلع اشتهاءْ

والبحر أزرق من وجوه الميتين ومن أهازيج الوداعْ

في البدء كان الماء في عينيك والسفن الغريقة والرجاءْ

وهدير أنَّات الجياعْ

والبحر أرحم من بلادي بالحفاة الشاردين وبالجياعْ


MISS 3