جاد حداد

لا تخف من حوادث السقوط

11 أيار 2022

02 : 00

إسترجع ثقتك بقدرتك على التحرك عبر تحسين توازنك ومشيتك وزيادة قوتك ومرونتك... تزيد حوادث السقوط احتمال التعرّض للإصابات مع التقدم في السن، ومن الطبيعي أن يخاف الكثيرون من تعرّضهم لهذا النوع من الحوادث. لكن قد يؤدي الخوف من السقوط إلى زيادة احتمال الانزلاق والتعثر للأسف. لحماية قدرتك على التحرك والحفاظ على استقلاليتك عموماً، يجب أن تعالج هذا الخوف قبل اتخاذ أي خطوات أخرى.

ما وراء الخوف

غالباً ما يتطور الخوف من السقوط لسببَين. في المقام الأول، يدرك الناس في مرحلة معينة التغيرات التي تصيبهم بسبب تقدّمهم في السن، فتبدأ جميع الأنظمة الجسدية التي تحافظ على ثبات الجسم (العضلات، المفاصل، القدرات المعرفية، النظر، السمع، الأعصاب، وقت ردة الفعل) بالتراجع مع مرور الأيام. في نهاية المطاف، قد تشعر بأنك أصبحتَ أكثر ضعفاً وأقل مرونة أو ربما تصاب بأوجاع مزمنة، ما يؤدي إلى زيادة مستوى حذرك بشكل عام.

يقول مايكل كليم، معالج فيزيائي في مستشفى "سبولدينغ" لإعادة التأهيل: "نحن نميل طبيعياً إلى إبطاء حركتنا منعاً لسقوطنا، فتتشابك أقدامنا وتصبح خطواتنا أقصر من العادة، ولا ترتفع القدم عن الأرض بقدر ما كانت تفعل سابقاً، وتتباطأ في الوقت نفسه سرعة المشي. في هذه الحالة، قد نخاف من قطع أي خطوة جديدة. يواجه اثنان من مرضاي هذه المشكلة في الوقت الراهن. هما يميلان إلى تمديد أعلى الجسم لأخذ الأغراض بدل تحريك القدمين. لكنّ محاولة الإمساك بأي قطعة من المفروشات البعيدة قد تجعلك تخسر توازنك وتسقط أرضاً".

يتعلق سبب الخوف الثاني بتعدد حوادث السقوط السابقة. إذا تعرّضتَ للسقوط في الماضي، يعني ذلك أنك تدرك سرعة حصول الحادث وسهولة تكراره. وحين تتصاعد هذه المخاوف لأي سبب، لن يرغب الناس في متابعة التحرك بالقدر نفسه. هذا ما يُسرّع تراجع القدرات الجسدية.

استرجع ثقتك بنفسك

لتقليص مخاوفك من السقوط، يجب أن تعالج اضطرابات أخرى كامنة مثل ضعف النظر أو مشاكل المفاصل. قد تستفيد أيضاً من التعاون مع المعالج الفيزيائي لتحسين توازنك ومشيتك. يُقيّم هذا المعالج قوتك الجسدية ونقاط ضعفك ويحاول فهم مخاوفك من السقوط. يقول كليم: "يجب أن نعرف حقيقة ما يخاف منه الناس. هل يخشون مثلاً السقوط على منحدر أو استعمال السلالم في فناء المنزل؟ يمكننا أن نبتكر تمارين لاستهداف هذه المشكلة بالذات ومعالجة نقاط ضعف أخرى".

تقدّم تدريجي

لا تبدأ أي برنامج رياضي مكثف! يُفترض أن يكون البرنامج مريحاً وأن يتحدى قدراتك في الوقت نفسه شرط أن تبقى التمارين آمنة. يختار كليم برامج يستطيع الفرد تطبيقها بلا مشكلة.

إذا أردت ممارسة تمارين تقوية التوازن مثلاً، قف باستقامة إلى جانب درابزين أو جهاز مشي وضع ذراعيك على جنبك وأغلق قدميك. يمكنك أن تنظر إلى اليسار أو اليمين ثم حاول الوصول إلى النقطة المستهدفة. قد تكون هذه المهمة صعبة وقد تترنح قليلاً، لكنك لن تسقط. يجب أن يقف المعالج وراءك ويُفترض أن تتمكن من الإمساك بمسند ثابت عند الحاجة.

بعد هذه المرحلة، يمكنك أن تقف وأنت تضع قدماً أمام الأخرى، أو قف على قدم واحدة في كل مرة. ثم حاول قطع خطوات صغيرة نحو الأمام أو إلى الخلف أو تحرك بطريقة جانبية.

حين تتعلم كيفية تحسين توازنك، قد تتمكن من زيادة قوة عضلاتك ومرونتك ونطاق حركتك. يجب أن تُركّز أيضاً على عضلات المؤخرة، والوركين، والفخذين، وربلة الساق.

تمرين مفيد: الوقوف المتزامن

قف باستقامة وضع ذراعيك على جنبك وابدأ بشدّ عضلات بطنك. ضع قدمك اليمنى أمام قدمك اليسرى (يجب أن يحتكّ كعب القدم الأولى بإبهام القدم الثانية) ثم احرص على شدّ فخذيك. ارفع ذراعيك بشكلٍ جانبي، بمستوى الكتف، لتحسين توازنك. حافظ على هذه الوضعية طوال 30 ثانية، ثم عد إلى نقطة البداية وكرر التمرين تزامناً مع وضع قدمك اليسرى في الجهة الأمامية هذه المرة.


المرحلة الأخيرة

حين تزداد قوتك وثقتك بنفسك وتشعر بأنك تستطيع القيام بنشاطات مختلفة من دون أن تخاف، ستصبح أكثر قدرة على تحسين مشيتك.

يوضح كليم: "نحن نستعمل أجهزة المترونوم لزيادة سرعة المشي ونبدأ بثمانين خطوة في الدقيقة، وهو الحد الأدنى للتحرك، ونعمل على بلوغ مئة خطوة. سنحاول في المرحلة اللاحقة تحسين المشية تزامناً مع النظر إلى الأمام، ما يعني ألا تنظر إلى الأسفل. في هذه الحالة، يتراجع احتمال التعثر وتزيد سرعة المشي ويكسب الناس ثقة متزايدة بأنفسهم".

في نهاية المطاف، ستنجح في قطع مسافات قصيرة انطلاقاً من توصيات المعالج الفيزيائي. يتعلق الهدف الأساسي باسترجاع قدرتك على دخول المنزل والخروج منه، أو التجول في متجر البقالة، أو الذهاب إلى عيادة الطبيب. ينتهي دور العلاج الفيزيائي في هذه المرحلة، لكن يبدأ التحدي الحقيقي حينها. يجب أن تتابع تطبيق تمارين القوة والتمطط والتوازن بنفسك، وإلا قد تتجدد مخاوفك ويزيد احتمال تعرّضك لحوادث السقوط. للتصدي لهذه المشكلة، يجب ألا توقف التدرّب كي تحافظ على حركتك لأطول وقت ممكن.