العثور على 44 جثة تحت أنقاض مبنى دُمّر خلال آذار

واشنطن تكشف مخطّط بوتين وتُحذّر من حرب "طويلة الأمد"

02 : 00

جنود أوكرانيّون ينقلون عنصراً جريحاً في شرق البلاد أمس (أ ف ب)

ما زال أكثر من ألف مقاوم أوكراني متحصّنين داخل مصنع "آزوفستال" في مدينة ماريوبول المدمّرة، بينهم مئات الجرحى، يرفضون الاستسلام رغم ظروفهم الصعبة، في وقت كشفت فيه مديرة أجهزة الإستخبارات الأميركية أفريل هاينز أمام مجلس الشيوخ أمس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يُنهي الحرب ضدّ أوكرانيا بعملية دونباس، إذ إنه يعدّ لنزاع طويل الأمد وعازم على "إقامة جسر برّي إلى منطقة ترانسنيستريا" المولدوفية الإنفصالية، مشيرةً إلى أن بوتين يُعوّل على الأرجح على تراجع تصميم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع تدهور الأوضاع في ما يتعلّق بنقص الغذاء والتضخم وأسعار الطاقة.

وإذ حذّرت هاينز من أن أهداف بوتين تتجاوز إمكانيات روسيا العسكرية و"يعني ذلك على الأرجح أنّنا سنتحرّك في الأشهر القليلة المقبلة على مسار يصعب التنبؤ به بشكل أكبر ويحتمل أن يكون تصعيديّاً أكثر"، تحدّثت عن احتمال لجوء الرئيس الروسي إلى وسائل أكثر حدّة بما يشمل فرض أحكام عرفية وإعادة توجيه الانتاج الصناعي أو خيارات عسكرية يُحتمل أن تكون تصعيدية للحصول على الموارد التي يحتاجها لتحقيق أهدافه، مبديةً اعتقادها بأنّ بوتين لن يأمر باستخدام الأسلحة النووية إلّا إذا أدرك وجود تهديد وجودي للدولة أو النظام الروسي، أو "إذا كان يعتقد أنه يخسر الحرب في أوكرانيا وأن "الأطلسي" إمّا يتدخل أو يستعدّ للتدخل".

وفي الجلسة نفسها، أوضح مدير وكالة الإستخبارات التابعة لوزارة الدفاع الأميركية اللفتنانت الجنرال سكوت بيرييه أن المعارك الدائرة حاليّاً في منطقة دونباس تشهد "نوعاً من الجمود". لكنّه اعتبر أن هذا الواقع يُمكن أن يتغيّر إذا ما أعلنت موسكو الحرب رسميّاً وأمرت بالتعبئة العامة، في حين يُحتمل أن يُصوّت الكونغرس الأميركي على منح نحو 40 مليار دولار إضافية لأوكرانيا. وستسمح الأموال لكييف بالتزوّد بمركبات مدرّعة، وبتعزيز دفاعاتها المضادة للطائرات، ومحاربة الهجمات الإلكترونية.

وفي سياق متّصل، أعلن رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي والرئيس الأميركي جو بايدن وحدتهما ضدّ روسيا في إطار دعم أوكرانيا خلال اجتماع في البيت الأبيض. وقال بايدن لدراغي وهو يجلس بجانبه في المكتب البيضوي بحضور الصحافيين: "كنت صديقاً جيّداً وحليفاً عظيماً"، مضيفاً: "اعتقد فلاديمير بوتين أن بإمكانه أن يُفرّقنا. لكن ضاعفنا جهودنا جميعاً"، في حين أكد رئيس الحكومة الإيطالية أن غزو روسيا لأوكرانيا عزّز الروابط بين الولايات المتحدة وإيطاليا، وعلى نطاق أوسع بين الولايات المتحدة وأوروبا، متوقّعاً حدوث "تغييرات جذرية" في الاتحاد الأوروبي.

وفي الأثناء، أعلنت السلطات الأوكرانية العثور على جثث 44 مدنيّاً تحت أنقاض مبنى من 5 طوابق دُمّر خلال آذار في مدينة إيزيوم التي تُسيطر عليها روسيا في منطقة خاركوف في شرق البلاد، فيما فتح مكتب المدّعي العام في منطقة خاركوف تحقيقاً بـ"انتهاك قوانين وأعراف الحرب والقتل العمد"، موضحاً أنه تمّ التعرّف على 14 جثة. بالتزامن، زارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك مع نظيرها الهولندي فوبكه هويكسترا ضواحي كييف، حيث تتهم القوات الروسية بارتكاب فظائع. وخلال هذه الزيارة المفاجئة، أعلنت بيربوك إعادة فتح السفارة الألمانية في كييف.

وزارت بيربوك ضاحية بوتشا، حيث قالت بعد لقائها بسكان من المنطقة إنّ بوتشا "شهدت أسوأ الجرائم التي يُمكن تخيّلها"، مؤكدةً أنّه "نحن مدينون للضحايا ليس فقط بإحياء الذكرى هنا، ولكن أيضاً بمحاسبة الجناة، وهذا ما سنفعله كمجتمع دولي، هذا هو الوعد الذي يُمكننا ويجب علينا تقديمه هنا في بوتشا... لا أحد يستطيع أن يُزيل الألم... لكن يُمكننا ضمان العدالة". بالتوازي، كشف رئيس بلدية كييف أن حوالى ثلثَيْ سكان العاصمة الأوكرانية عادوا بعد نزوح جماعي في أعقاب الغزو الروسي أواخر شباط، بينما نزح أكثر من 8 ملايين شخص حتى 3 أيار داخل أوكرانيا، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.

وفي الغضون، يعقد مجلس الأمن الدولي بطلب من فرنسا والمكسيك جلسة علنية جديدة حول الغزو الروسي لأوكرانيا الخميس، وذلك في ضوء "استمرار تدهور الوضع الإنساني"، بحسب ما أفاد ديبلوماسيون. وستكون هذه الجلسة الـ16 التي يعقدها مجلس الأمن حول أوكرانيا منذ بدأت القوات الروسية غزو هذا البلد، في وقت تُعلن فيه فنلندا والسويد هذا الأسبوع ما إذا كانتا ستُقدّمان ترشيحَيْهما للإنضمام إلى "حلف شمال الأطلسي"، في خطوة تُمثل تحوّلاً استراتيجيّاً في سياسات عدم الانحياز التي انتهجها البلدان على مدى عقود.


MISS 3