دعوات دوليّة وأمميّة إلى الحوار

الحريري يقلب الطاولة ويستقيل...

00 : 29

الحريري: المناصب تذهب وتأتي والمهم كرامة البلد وسلامته (فضل عيتاني)

في اليوم الـ 13 من الانتفاضة الشعبية، أعلن الرئيس سعد الحريري استقالته من "بيت الوسط"، واستبقها مناصرو "حركة امل" و"حزب الله" باعتداءات على المتظاهرين والقوى الأمنية والصحافيين، محولين المشهد إلى شبه اجتياح لساحات الاعتصام في وسط بيروت، بعد 13 يوماً على ثورة سلمية بيضاء ونظيفة، قبل ان يتدخّل الجيش اللبناني لفض الإشكال الذي تخلله إطلاق القوى الامنية قنابل مسيلة للدموع ورصاصاً مطاطياً، ما أوقع عدداً من الجرحى، قبل أن يعاود المتظاهرون نصب الخيم وترتيب الساحة.

وقال الحريري في كلمته: "منذ ثلاثة عشر يوماً، والشعب اللبناني ينتظر قراراً بحل سياسي يوقف التدهور، وأنا حاولت طوال تلك الفترة أن أجد مخرجاً نستمع من خلاله لصوت الناس ونحمي البلد من المخاطر الأمنية والاقتصادية والمعيشية. اليوم، لا أخفيكم، وصلت إلى طريق مسدود، وبات لزاماً أن نُحدث صدمة كبيرة لمواجهة الأزمة. أنا سأتوجه إلى قصر بعبدا، لتقديم استقالة الحكومة لفخامة الرئيس العماد ميشال عون وللشعب اللبناني في كل المناطق، تجاوباً مع إرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات ليطالبوا بالتغيير، والتزاماً بضرورة تأمين شبكة أمان تحمي البلد في هذه اللحظة التاريخية".

أضاف: "ندائي إلى كل اللبنانيين أن يقدموا مصلحة لبنان وسلامته وحماية السلم الأهلي ومنع التدهور الاقتصادي على أي أمر آخر. ولكل الشركاء في الحياة السياسية أقول: "مسؤوليتنا اليوم هي كيف نحمي لبنان ونمنع وصول أي حريق إليه. مسؤوليتنا هي كيف ننهض بالاقتصاد، هناك فرصة جدية يجب ألا تضيع". وتابع: "إستقالتي أضعها بتصرف فخامة الرئيس وكل اللبنانيين. المناصب تذهب وتأتي، المهم كرامة وسلامة البلد. وأنا أيضاً أقول: "ما في حدا أكبر من بلدو"، حمى الله لبنان، حمى الله لبنان، عشتم وعاش لبنان".

ثم توجه الحريري الى قصر بعبدا، لتقديم استقالته. وفيما لم يدل بأي تصريح لدى خروجه، أعلن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية أن رئيس الحكومة سعد الحريري تقدّم من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون "بكتاب استقالته لدى زيارته قصر بعبدا عند الرابعة بعد ظهر اليوم (امس) وجاء في كتاب الاستقالة:

"فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المحترم،

تحية وبعد،

عملاً بالأصول الدستورية ونظراً للتحديات الداخلية التي تواجه البلاد ولقناعتي بضرورة إحداث صدمة إيجابية وتأليف حكومة جديدة تكون قادرة على مواجهة التحديات والدفاع عن المصالح العليا للبنانيين، أتقدم باستقالة حكومتي متمنياً لفخامتكم التوفيق.

وتفضلوا، فخامة الرئيس، بقبول فائق الاحترام.

سعد الدين الحريري

الثلثاء 29 تشرين الاول 2019".

وفور إعلان الاستقالة، عمّت الاحتفالات مختلف الشوارع والمناطق اللبنانية. أما مناصرو "المستقبل" فانضموا إلى الساحات ومنهم من اتجه إلى قطع الطرق احتجاجاً على استقالة الحريري وبقاء الرئاستين الأولى والثانية، سرعان ما أصدر تيار "المستقبل"، بياناً تمنى فيه، وبتوجيه من الرئيس الحريري، على المناصرين "الامتناع عن أي تحرك اعتراضي في الشوارع والساحات، والتعاون مع الجيش والقوى الامنية لتسهيل تنقل المواطنين".

وفي أول تعليق غربي على الاستقالة، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان السلطات اللبنانية إلى ضمان وحدة البلاد واستقرارها في خضم أزمة سياسية واقتصادية. وقال لودريان أمام البرلمان الفرنسي: "رئيس الوزراء الحريري استقال للتو وهو ما يجعل الأزمة أكثر خطورة". وأضاف: "تطالب فرنسا المسؤولين اللبنانيين بعمل كل ما يمكن لضمان استقرار المؤسسات ووحدة لبنان. هذا هو الأهم".

أما ألمانيا فأمل وزير خارجيتها هايكو ماس في ألا تتسبب إستقالة الحريري في تقويض استقرار لبنان. وقال: "إن التطورات التي يشهدها لبنان تمثل أهمية حاسمة بالنسبة لنا وللمنطقة بأسرها. نأمل أن تتسم الاحتجاجات المحتملة في المستقبل بالسلمية".

الأمم المتحدة

وحضّ المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش "السلطات على العمل بحزم وبسرعة، وفق المعايير الدستورية، لتشكيل حكومة جديدة تلبي تطلعات الناس وقادرة على كسب ثقتهم، لتوفير الأمن والنظام واحترام القانون والسهر على الإصلاحات والتغييرات العميقة وتنفيذها، ووقف التدهور الاقتصادي ووضع البلاد على سكة الانتعاش والتنمية المستدامة والنمو الذي يشمل الجميع والاستقرار ووحدة لبنان وشعبه".

كذلك حضّ السلطات "على الحفاظ على استقرار الدولة ومؤسساتها وضمان سلاسة أدائها لوظائفها"، ودعا "جميع القادة والقوى السياسية الى الامتناع عن التصريحات والأفعال التي يمكن أن تشعل التوترات وتحرض على المواجهة والعنف"، مطالباً "جميع اللبنانيين بالحفاظ على الهدوء وضبط النفس".

وحضّ "القوى الامنية الشرعية على الحفاظ على النظام والأمن واحترام القانون واتخاذ إجراءات ضد من يحرضون على العنف، بغض النظر عن انتمائهم الحزبي وحماية المتظاهرين المدنيين الذين عليهم الالتزام بالطابع السلمي لتظاهراتهم"، وذكّر "الأحزاب السياسية بأنها تتحمل كامل المسؤولية عن سلوك وأفعال مناصريها والسيطرة عليهم، خصوصاً إذا افتعلوا الاشتباكات مع المتظاهرين السلميين أو القوى الأمنية"، وقال: "تبقى الأمم المتحدة ملتزمة بدعم لبنان واستقلاله السياسي واستقراره وأمنه ووحدته وسلامة أراضيه".

واعتبر رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ أن "ما يجري يتطلب تهدئة فورية وحواراً بين المكونات اللبنانية وما يحصل ليس موضوعاً طائفياً وهو غير مذهبي بالمطلق".

وجدّد رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط في سلسلة أحاديث دعوته إلى "الحوار والهدوء وعدم قطع الطرقات واحترام حرية التظاهر، لافتاً الى أنه سيصوت للحريري في الاستشارات النيابية بحال ترشح".

وقال إنه كان هناك عناد من "التيار الوطني الحر" في التمسك ببعض الأشخاص في الحكومة، واعتبر ان"وزارة الخارجية في عهد الرئيس ميشال عون أصبحت وزارة داخلية وخارجية وطاقة وكل شيء". ورأى أن "الأفضل التشكيل السريع للحكومة من ان نبقى أشهراً في هذا الاطار". ولفت الى أن "لبنان الخاسر الاكبر من الاستقالة والعناد ليس الحل".

وقال رئيس حزب "القوات" سمير جعجع: "حسناً فعل الحريري بتقديم استقالته تجاوباً مع المطلب الشعبي". وأكد أن "المهم الآن الذهاب نحو الخطوة الأساسية بتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين"، ودعا المؤسسات الأمنية الحفاظ على سلامة المتظاهرين بعد "الاعتداءات الشنيعة".

وقال رئيس "الكتائب" النائب سامي الجميّل: "قرار تاريخي في ظرف تاريخي. إرادة الشعب اللبناني هي التي انتصرت. تحية إجلال لكل لبنانية ولبناني من الشمال الى الجنوب. هذه بداية مسار التغيير الذي يستمر باحترام الدستور إرادة الناس بتشكيل حكومة اختصاصيين وإجراء انتخابات مبكرة لنترك الشعب اللبناني يحاسب ويغير".

الراعي ودريان

وقال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: "إن الرب يقود سفينة الوطن ونأمل بأن تكون هذه الخطوة بداية الحلحلة. ونصلي ليكمل الرب صنيعه وأن تحل الأزمة بالشكل الأفضل وأن يكون تأليف الحكومة الجديدة سريعاً ومرضياً ويوحي بالثقة". وشجب الراعي الاعتداءات على المتظاهرين في بيروت. واعتبر المفتي دريان أن الاستقالة "تشكّل صدمة إيجابية لكل المسؤولين واللبنانيين من أجل التفاهم على حلول إنقاذية تُخرج البلاد من المآزق والأزمات التي يعاني منها المواطنون". ورأت وزيرة الداخلية ريا الحسن أن الاستقالة "كانت ضرورية لمنع الانزلاق نحو الاقتتال الأهلي الذي شهدنا خطره اليوم في وسط بيروت".

وقال الأمين العام لـ"تيار المستقبل" أحمد الحريري: "سعد الحريري يبقى سعد الحريري، قرأ كتاب الضمير، وليس كتاب الأمير".

واعتبر النائب السابق فارس سعيد أن "سعد رفيق الحريري عاد الى لبنان". وأكد أن "المعركة كانت ولا تزال مع "حزب الله" ليست مع أحد آخر".


MISS 3