جان الفغالي

جبران باسيل... جوزيف عون الطلقة الأخيرة المرتدّة

27 أيار 2022

02 : 00

لم ينزل تعيين العماد جوزيف عون برداً وسلاماً على رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، لكنه «مرَّرها» على مضض، في الموازاة، لم يترك باسيل مناسبة إلا وحاول «تطويق» عون أو «تطويعه»، بوسائل شتى: حيناً من خلال تسمية وزير للدفاع «شغلتو» التنكيد على قائد الجيش، وحيناً آخر من خلال «فرض» او محاولة فرض تعيينات في مواقع حساسة في الجيش، كمدير للمخابرات أو مدير للعمليات.

رئيس التيار لا يكلّ ولا يملّ في محاولاته «قبع» العماد جوزيف عون، حاول ذلك بعد أحداث قبرشمون، واستمر يحاول، إلى أن كانت محاولته الأخيرة عشية الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، عبر إيصال رسالة إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مفادها أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يريد أن يطرح من خارج جدول أعمال مجلس الوزراء إقالة قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان، وأن الأسماء البديلة جاهزة. وثمة مَن يكشف أن مطلب إقالة قائد الجيش هو مطلب باسيل وليس مطلب رئيس الجمهورية، لكن ايّاً يكن الطالِب فإن المطلب رُفض.

سياسي مخضرم عارف بدقائق التركيبة السياسية اللبنانية وتشعباتها، يحلل خلفية «مطالبات» باسيل فيعتبر أن الأخير «يتوهم» أنه «يمون» على مفاصل أساسية في المؤسسة العسكرية، كمدير المخابرات أو مدير العمليات، لكن فاته أن جسم المؤسسة العسكرية يتفاعل في ما بينه ويلفظ أي «جسمٍ غريب» وهذا ما لا يعرفه المدنيون، وهذا ما لمسه أكثر من سياسي أو قطب أو وزير دفاع كان له «مرور غير الكرام» في اليرزة.

ويتابع السياسي المخضرم باستغراب: ما هي «الأسباب الموجِبة» التي يطرحها باسيل لإقالة قائد الجيش؟ هل لأنه نجح في توفير مناخٍ أمني أتاح إجراء الانتخابات النيابية من دون ضربة كف؟ هل لأنه نجح طوال شهور الثورة وما رافقها من قطع طرقات واحتجاجات، من تسيير أمور البلد من دون السماح بضرب السلم الأهلي؟ هل لأنه لا يتراجع ولم يسحب الجيش إلى ثكناته؟

ربما كان رئيس «التيار» يريد من قائد الجيش أن يكون واحداً من الذين «يحجون» إلى البياضة أو اللقلوق أو ميرنا الشالوحي، فيكون أحد «زوار الليل» من سياسيين وقضاة ومدراء عامين ممَّن «يريدون شيئاً لأنفسهم» في مقابل ولاء.

ويتابع السياسي المخضرم فيستفيض أن العماد جوزيف عون فيه في شخصيته شيء من اللواء فؤاد شهاب ومن العماد ابراهيم طنوس، وربما هواة السياسة ومراهقوها لا يعرفون هذه الحقائق، والجامع المشترك بين شهاب وطنوس وعون، أن السياسيين حاولوا «بيع رأس» كلّ منهم: اللواء شهاب يئس من السياسيين إلى درجة القرف، والعماد طنوس «باعوا رأسه» للسوري، ومَن خلفَه، العماد ميشال عون، يعرف ذلك.

اليوم يحاول باسيل ان يعيد التاريخ نفسه، فيجرِّب إزاحة طيف اللواء شهاب وطيف العماد طنوس عن اليرزة.

ماذا تُسمَّى هذه السياسة غير «هروب إلى الأمام»؟

باسيل أمامه «جبل» من الأزمات في تياره: من زياد أسود إلى ماريو عون إلى حكمت ديب إلى ابراهيم كنعان إلى سيمون أبي رميا... كل واحد من هؤلاء «قنبلة سياسية موقوتة»، فهل من سبيل لإرجاء تفجّرها غير افتعال معارك وهمية أو معارك طواحين الهواء؟

ويبقى سؤال أساسي: مَن كان باسيل يزكِّي لقيادة الجيش؟ وهل في هذه اللحظة المفصلية سياسياً وأمنياً مسموح التلاعب باستحقاق في غير أوانه؟

ملاحظة أخيرة: مَن يكون جبران باسيل ليطالب بإقالة قائد الجيش؟ هل يكفي ان يكون صهر الرئيس ليتخذ القرار عنه؟

«سقطةٌ» جديدة قد لا تكون الأخيرة. ولا شك في أنها كانت محاولة فاشلة وطلقة ارتدت على مطلقها.


MISS 3