محمد السماك

ربط المذهب السنّي بانتماء أو بعقيدة خطأ

28 أيار 2022

02 : 00

يبدو لي ان مقاربة هذا الموضوع تحتاج إعادة نظر. فالإسلام دين وليس حزباً سياسياً. والمذاهب، بما في ذلك السنّة، تتمحور حول مفاهيم واجتهادات دينية وليس حول برامج حزبية. هذه المفاهيم والإجتهادات مفتوحة على الخطأ والصواب لأنها صادرة عن عقل بشري وليس عن وحي إلهي. لذلك لا توجد دولة دينية في الاسلام، ولا يوجد اسلام سياسي. الإسلام هو إسلام لله واستسلام له، بدأ مع ابراهيم وانتهى بمحمد عليهما السلام. وكل المسيرة الإيمانية بينهما هي مسيرة اسلام لله. وعندما يقول القرآن الكريم "ان الدين عن الله الاسلام "، فانه يعني هذه المسيرة الإيمانية التي حمل لواءها رسل الله جميعاً. لأن الله واحد ودعوته واحدة، والإيمان به اسلام له واستسلام.



من هنا خطأ ربط الدين بالسياسة. وخطأ ربط المذهب السنّي بانتماء حزبي محدد أو بعقيدة سياسية محددة.



الفكر الإنساني مفتوح بطبيعته على الخطأ والصواب، ولذلك فهو فكر متغيّر وغير مقدّس. ثم انه نسبي المعرفة. أما ما يُنسب الى الاسلام كدين، فيجب أن يكون فكراً ثابتاً ومقدساً ومطلق المعرفة. ولا نجد ذلك الا في النصّ القرآني الكريم، الذي هو كالتوراة والإنجيل من وحي الله.



من أجل ذلك فان البحث في مواقف هذه الجماعة أو تلك، يفترض أن ينطلق من حسابات ومن علاقات، وكذلك من مصالح ومواقف الناطقين باسمها. وليس باسم الدين الذي نؤمن به أو المذهب الذي ننتمي إليه. فالإنتماء الديني والمذهبي ليس انتماءً سياسياً، انه انتماء عقدي إيماني.



الإنتماء السياسي متغيّر المصالح ومتبدّل القوى. أما الإنتماء الإيماني فإنه انتماء ثابت يتجاوز المصالح وتبدلاتها.



وفي الثقافة الدينية للمسلمين (من أهل السنّة والجماعة) ما أوضحه المجتهد ابن تيمية بقوله: "إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة".



فقدّم بذلك العدل، لأنه من دون العدل لا يكون هناك إيمان. والقاعدة العامة تقول ان العدل أساس الملك. وهو أساس الحكم. وكل ما يطلبه المسلمون السنّة وغير السنّة، بل ان كل ما يطلبه اللبنانيون من كل الأديان والمذاهب، هو العدل، ليس في اقتسام المغانم والمنافع، ولكن في ممارسة الحكم. فالحكم أمانة. 

MISS 3