تأثير الدواء الوهمي حقيقي؟

02 : 00

بدأتُ للتو آخذ دواءً جديداً. قال لي طبيبي إنني لن أشعر على الأرجح بأي تحسّن قبل مرور أسابيع عدة، لكني شعرتُ بالتحسّن منذ اليوم التالي. هل هذا هو تأثير الدواء الوهمي؟

تختلف طريقة التجاوب مع أي دواء أو علاج جديد من شخصٍ إلى آخر، لذا يستحيل أن نُميّز في بعض الحالات بين مفعول الدواء الفوري وتأثير الدواء الوهمي (أي تحسّن الأعراض نتيجة أخذ الدواء وبغض النظر عن آثاره البيولوجية). تُستعمل الأدوية الوهمية على نطاق واسع في التجارب العيادية لاختبار فاعلية أي علاج، لا سيما عند تقييم مفعول الدواء. يتلقى المشاركون في إحدى المجموعات مثلاً دواءً خضع للاختبارات، بينما يحصل الآخرون على دواء "مزيّف" أو وهمي لكنهم يظنون أنه حقيقي. يستطيع الباحثون بهذه الطريقة أن يقيسوا مفعول الدواء عبر مقارنة طريقة تجاوب المجموعتَين معاً. إذا أبدت المجموعتان ردّ الفعل نفسه (ما يعني أن يتحسّن الوضع أو يبقى على حاله)، يعني ذلك أن الدواء غير فاعل.

لكن استنتج الخبراء أن التجاوب مع الدواء الوهمي لا يثبت عدم فاعلية علاج معيّن، بل إن آلية غير دوائية أخرى قد تؤثر على النتيجة.

لم يفهم العلماء بعد طريقة عمل الأدوية الوهمية بالكامل، لكنّ تأثير الدواء الوهمي لا يقتصر على قوة التفكير الإيجابي على الأرجح، بل إنه يشمل رد فعل عصبي وبيولوجي معقد قد يترافق مع زيادة مستوى الناقلات العصبية المرتبطة بشعور الراحة، مثل الأندورفين والدوبامين، أو زيادة النشاط في بعض المناطق الدماغية المرتبطة بالمزاج والتفاعلات العاطفية والوعي الذاتي.

يتغير نشاط الدماغ حين يتجاوب المريض مع دواء وهمي. في إحدى الدراسات، استعمل الباحثون التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لمسح أدمغة أشخاص مصابين بألم مزمن بسبب الفصال العظمي في الركبة. ثم تلقى كل واحد منهم دواءً وهمياً وخضع لمسح دماغي آخر. لاحظ الباحثون حينها أن المجموعة التي تراجع ألمها سجّلت نشاطاً متزايداً في التلفيف الجبهي الأوسط (منطقة دماغية في الفص الجبهي).

غالباً ما تعطي الأدوية الوهمية مفعولها لأن الناس لا يعرفون ما يأخذونه. لكن ما الذي يحصل حين يعرف الفرد أنه يتلقى دواءً وهمياً؟

استكشف الباحثــــون هذا السؤال منذ سنوات عبر اختبار رد فعل الناس على دواء يستهدف ألم الصداع النصفي. تلقّت المجموعة الأولى دواءً للصداع النصفي عليه اسم الدواء الواضح، وحصلت مجموعة ثانية على دواء وهمي وكانت تعرف ما تتلقاه، ولم تأخذ مجموعة ثالثة أي دواء. اكتشف العلماء أن الدواء الوهمي نجح في تخفيف الألم بعد نوبة الصداع النصفي بقدر الدواء الحقيقي في 50% من الحالات.

يفترض الباحثون أن القوة الدافعة وراء هذا التفاعل تقتصر على أخذ حبة الدواء بكل بساطة. يربط الناس بين خطوة أخذ الدواء وآثار شفائية إيجابية. وحتى لو كانوا يعرفون أنهم لا يأخذون دواءً حقيقياً، تستطيع هذه الخطوة بحد ذاتها أن تُحفّز الدماغ وتقنعه بأن الجسم على طريق الشفاء.

MISS 3