رمال جوني -

النبطية ترسم هويتها على طريقتها... وخيمة كفررمان: الثـورة تحتاج بالاً طويلاً

5 تشرين الثاني 2019

02 : 00

لم تشهد النبطية إضراباً عاماً كما باقي المدن، ولم تقفل دوائرها ومؤسساتها، مرَّ يومها بهدوء، "لأننا نريد بناء وطن وتعبيد الطريق لأهداف الحراك، لا قطع الطرقات على أبناء وطننا" هكذا لخص الثوار مشهد النبطية التي بدأت ترسم هوية حراكها، من دون أن تبتعد قيد أُنملة عن الحراك العام، جُلّ ما تبغيه تحديد البوصلة وتركيز الوجهة نحو الهدف "تشكيل حكومة وإجراء إصلاحات".

ينتظر المعتصمون هبوط وحي الاستشارات النيابية، لانطلاق عجلة تأليف الحكومة، غير أن انتظارهم خاب، ضاع في غياهب الوقت الذي يمر من دون أي تقدم.

وعند تخوم الثورة وقفت النبطية موقف المتفرج، قررت رسم هوية حراكها، بعيداً من سياسة قطع الطرقات، لأنها وفق الثوار "لا تجدي نفعاً".

فضّل أسياد النزال الشعبي، "إتّباع نمط الحراك السلمي"، النابع من وجع الناس، فحضرت كل أزمات الوطن على مسرح ساحتي كفررمان والنبطية، فُتحت الستارة على هموم المواطن، وإن بات حضوره شبه مفقود في الساحة.

ولا شك أن عدد الثوار تراجع كثيراً بداية الأسبوع، لكنه سرعان ما يرتفع في نهايته، ويوضح المحتجون: "في قرارنا الأخير اعتمدنا نمط النقاش في الساحات، ولم نعمد إلى التجييش أو الحشد، حتى أن الاغاني الوطنية التي تحرّك الشارع تغيب نوعاً ما". يركّز القيمون على ساحتي كفررمان والنبطية على سياسة بث ثقافة الثورة، وتجزئة الأزمة، وتفنيد المشاكل سيما الاقتصادية منها، لهذا يحرصون على استضافة خبراء اقتصاد ومال داخل ساحاتهم، لأنه وفق قولهم: "تنشيط الوعي عند الشباب جزء من محاربة الفساد".

تحاول ميرنا وهي من سيدات الثورة اللواتي حفرن التاريخ بشجاعة أن تصف ثورة النبطية: "كنت انتظر ثورة تنتشل أحلامنا من الموت، كان ذلك حلماً يراودنا كل صباح، مع تفاقم الأزمات التي تلازم يومياتنا، سيما مع حالة الهدوء المخيفة التي تصاحب أسواقنا التجارية. في السابع عشر من تشرين الأول تفجّر الحلم نحو الحقيقة، خرج الشعب منتفضاً. رأيت وجوه العابرين إلى الثورة وهي تردد "صار بدا"، كان المشهد سوريالياً، كانت الناس تزحف باتجاه النبطية، واعدادها تتزايد، كما حال آلامها. لذا لن نخرج قبل أن يصبح حلمنا حقيقة".

حفر يوم السابع عشر من تشرين تاريخاً جديداً لمدينة النبطية، طرد أهلها الخوف من نفوسهم، لكن مع تقدم أيام الثورة خرجت شريحة كبيرة من الشارع، من دون أن يحققوا مطالبهم، وبحسب فداء: "هناك من غيّر هوية الثورة تحقيقاً لغاياته، لذا نفضّل التريث".

ولكن مع إسقاط الحكومة واستقالة الرئيس سعد الحريري، عاد للحراك "زخمه" ظن المحتجون لوهلة أن "طاقة الفرج" فتحت، وأن جزءاً من مطالبهم ستتحقق، أمهل "الثوار" الدولة 48 ساعة لبدء الاستشارات النيابية، إلا أنها انقضت ولم ترشح أي أخبار حول التكليف، ووفق كامل قانصو "هناك استشارات من خارج الدستور وهذا مخالف، هناك من يريد التلاعب بمصير البلد، وسنكون له بالمرصاد، يتقدمون خطوة نتقدم اثنتين".

حضور يومي

عند ناصية الطريق في النبطية، يواظب عدد من الأهالي على الحضور اليومي، باتت الساحة وقود أملهم الوحيد بالتغيير، لم تشهد ساحة السراي أي نشاط، لكنها شهدت ترقباً لمصير البلد المرتهن في أروقة الساسة. يناقشون آخر المستجدات ويقول محمد ضاهر: "لا نتوقع أي تقدم على مستوى التكليف، ولن نرضى بتشكيل حكومة تكنوسياسية، يجب أن تكون تكنوقراط من الاختصاصيين ممن سينتشلون البلد من مأزقه"، في حين يعتبر علي وهبي أن "خلاص البلد يكمن في خياطة الأزمة بدقة، والخروج بحل من رحم الثورة".

في المقلب الآخر من الحراك، تواصل خيمة كفررمان الصمود من أجل "لقمة الكرامة" وفق تعبير أحدهم "لان من خرج لأجل الكرامة سيصمد والثورة تحتاج بالاً طويلا".

تحاول ثورة النبطية أن تصمد وتواصل مقاومتها للبقاء من أجل الوطن كل الوطن، ويؤكد المعنيون أن هناك خطوات تصعيدية ولكن تحدد موعدها المتغيرات، فماذا بعد الانتظار؟


MISS 3