ماتيلدا فرج الله

مساحة حرّة

هل من خلاص قريب وهل من مخلّص؟

5 تشرين الثاني 2019

02 : 00

اعتقد أن وجع الناس في يومه العشرين قد وصل إلى آذان المسؤولين، مهما كابروا أو تنصلوا من مسؤولياتهم أو حاولوا تدوير الزوايا بخطاباتهم التي ولى عليها الزمن (لم تعد up to date) والتخوين لم يعد يتماشى مع شباب السوشيال ميديا. المسألة ليست حقوقاً يستردها الثوار بمشهدية الساحات الموحدة وقطع الطرقات وشل ما تبقى من وطن ينبض. المسألة أن ثورتنا كشعب عظيم جاءت متأخرة ونحن نثور والوطن عالأرض يا حكم. ومن نسميهم فاسدين نريد اسقاطهم وإسقاط منظومة فسادهم. إنهم أمراء لإمارات لن يتنازلوا عنها بسهولة حتى ولو ضاع الوطن بين من يصرخ جوعاً ومن يجلس في إمارته، متخوماً مما جناه، فبات يشعر أنه يدخل أرض المعركة مع خصمه وليس مع شعبه للحفاظ على مكتسباته.

المشهد اللبناني بحالة انفصام ذهني وزمني فالتيار القوي عرض قوته اللوجستية والشعبية أول من أمس ورفع سقف مطالبه في تشكيل الحكومة بطريقة مموّهة وساعده الفكر المؤمن بسلطة توزيع الألوان الطائفية وسلطة الزعيم القوي، أما الشعب فاتحد على استرجاع حلمه بوطن واعد من تحت الاقدام الشرسة التي ارتهنته لعقود.

"التيار الوطني الحر" لم يغذِّ غروره كما يجب بمشهدية بعبدا أول من أمس بعد أن طحنتها مشهدية الغضب في كل المناطق اللبنانية، أما "حزب الله" الذي يلعب لعبة "ضربة على الحافر وضربة على المسمار" لا يزال يحاول تحصين خاصرته الداخلية بوجه أجندة إقليمية ودولية تريد محاصرته، وعلى رغم أن سيد المقاومة اعتاد أن يكون الأقوى باطلالاته في الأزمات لم يستطع هذه المرة أن يرعب بأسلوبه الاستراتيجي في الكلام، من ليس لديهم ما يخسرونه، بعدما خسروا الكرامة والحلم والحقوق والبديهيات اليومية في وطن لم يقدم لهم سوى شعارات فارغة، بينما أصحاب الشعارات يملأون بطونهم بثروات ولّدها الفساد من عهد إلى عهد ومن حكومة إلى حكومة.اسمحوا لي، الكل متهم إما بالنهب المباشر وإما بالتواطؤ بعدم الكشف عن عصابات النهب لمصالح خاصة واما يستفيد بشكل غير مباشر من الذين ينهبون بشراهة. "حزب الله" لن يتراجع عن مشروعه الالهي حتى ولو ثار من ثار وغضب من غضب وحتى لو تحول الوطن إلى ساحات من الفوضى... "التيار الوطني الحر" بعد أن وصل إلى الشراكة الكبرى في القرار والمصالح والمكتسبات لن يقدّم التنازلات المطلوبة ليحصّن أحلام الوزير في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل وليطيل من عمر العهد وصاحب العهد المثقل بالشعارات والوعود التي حملها معه إلى قصر الشعب ولم يتحقق سوى عكسها، فبات نضال مؤيديه في ساحات الأمس على مسافة من تياره الذي دخل منظومة أسلافه في المحاصصة وبناء ناطحات السحاب بالاستفادة من مكتسبات الوطن. الرئيس سعد الحريري بين طموحه للعودة إلى رئاسة الحكومة بطلاً يعود للانقاذ والواقع. مسافات من الأخذ والرد على قاعدة حكومة بلا خسائر للاعبين يتجاهلون ضجيج الشارع على قاعدة نحن أو لا أحد. الثوار لن يتراجعوا تحت شعار "إما أن نكون في دولة حضارية تحتضن شبابها أو لا نكون، وإذا بقينا كما نحن، إذاً فالثورة مستمرة"، النتيجة ايضاً أن الاستنزاف مستمر، لكن استرجاع الوطن الرهينة يبرر للثوار الاستنزاف، فيما مكتسبات أصحاب القرار أهم من الوطن، فهل من خلاص قريب أو مخلص؟


MISS 3