طوني فرنسيس

مفاوضات الغاز والكاميرات!

11 حزيران 2022

02 : 00

في الجدل حول ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل ثمة أفق للتوصل الى تسويات. معالم هذا الأفق التسووي تتضح من طبيعة التصريحات التي يدلي بها المعنيون اللبنانيون، ومن مواقف الجانب الآخر، وحتى مما يقوله الوسطاء الاميركيون.

كان اتفاق الإطار الذي أعلنه الرئيس نبيه بري بالتزامن مع إعلانات اميركية اسرائيلية مماثلة، إيذاناً بأن التقدم نحو تسوية الترسيم حاصل ولا ينقصه الّا لمسات أخيرة، وإلّا لما توّرط بري بذلك الإعلان في عزّ حملة توأمه على المتعاملين مع الأميركيين والاسرائيليين وجماعات السفارات الغربية!

لكن شيئاً ما جعل اتفاق الاطار يبقى اطاراً من دون صورة. فتأخر الترسيم وتأخر لبنان الموغل في العتمة والانهيار في الاستفادة من غازه الموعود، فيما كان منافسه الاسرائيلي يطور حقولاً ويوفر غازاً لاستهلاكه الداخلي وللتصدير ويبدأ الإعداد لتزويد اوروبا بمنتج تحتاجه بقوة بديلاً لما تستورده من روسيا.

لا أحد يعلم علم اليقين ما السبب الذي جعل حكام لبنان يسلكون مسلك التلاعب. ما نسمعه نقاش لا ينتهي حول مرسوم لم يوَقّع، وموقف عن تمسك بالخط 23 والتفاوض على الخط 29، ثم عن مقايضة بين قانا وكاريش، وأخيراً عن عرضٍ من هوكشتاين لم تتم الإجابة عليه.

حوَّل موقف المتعاطين من الحكام بملف الترسيم، غالبية اللبنانيين الى خبراء نفط وغاز وجيولوجيا، الالوف يدلون بدلوهم وبعضهم ممن تأخذه الحماسة يربط مصير البئر بشخص زعيمه، والبعض الآخر يختار تدمير اسرائيل فوق بئرها ودفنها فيه كالنبي يوسف ولا حاجة الى غاز ولا الى تغويز، وبعض ثالث يسأل عما سيأتيه من جلد الدب.

الخلاصة ان لبنان، الأشدّ حاجة، لم يستفد من ثروته المحتملة، وبقي هارباً ومتهرباً من أخذ آباره بيديه، لأسباب غير معلنة، حتى حطت سفينة التنقيب الاسرائيلية على حدود منطقته الإقتصادية الخالصة. وفي هذه اللحظة لم نفهم ما اذا كان الأمر صدفة أو متفقاً عليه، فالمفاوض اللبناني اجنحة مختلفة، والعدو، صهيونياً كان ام غرينلاندياً سيفضل الجناح الموثوق والأكثر قدرة، باعتبار الرغبة وحدها لا تكفي.

تقدمت السفينة فتحركت دعوات التفاوض، وسيأتي المبعوث الأميركي بعد خمسة شهور على زيارته الأخيرة، وهي فترة كانت كافية لإتمام تجهيز باخرة التنقيب وانتقالها من سنغافورة عبر قناة السويس الى بحر حيفا. يأتي هوكشتاين ليأخذ موافقة المكلفين الرسميين، لكن التوافقات الفعلية تدار بين «حزب الله» واسرائيل، والنقاش الفعلي انما يحصل بينهما، وحتى الساعات الاخيرة بدا أن الأمور تسلك طريق التسوية ولكن…

قبيل خطاب السيد حسن نصرالله الأخير صدر بيان اسرائيلي مشترك عن وزراء الأمن والخارجية والطاقة يطمئن ان «المنصة لن تستخرج الغاز من المنطقة المتنازع عليها». وفي خطابه رد نصرالله: «الهدف المباشر يجب ان يكون منع العدو من استخراج النفط والغاز من كاريش…». موقفا العدوين يلتقيان عند نقطة عدم «الاستخراج» الآن في انتظار بلورة الاتفاق حول الحدود المائية وهو ما سيحاول الاميركيون مرة اخرى التوصل إليه.

اما لمعرفة النتيجة فربما يجدر انتظار المفاوضات الدولية بشأن اعادة العمل بالكاميرات الإيرانية في نطنز النووية!!!


MISS 3